ما هو الإرث الرقمي؟
ما هو الإرث الرقمي؟ يعيش الإنسان في العالم الرقمي، الذي غيّرت الأجهزة والتطبيقات فيه مفهومي الزمان والمكان، وفرضت أنماطًا جديدة من السلوك والثقافة والمعاملات، مع تحدّياتٍ واسعة النطاق على صعيد منظومة المفاهيم القانونية، الأمر الذي يطرح السؤال الآتي: من هو صاحب الحقّ في الحسابات الإلكترونية الخاصّة بالمستخدم، مع كل ما تحتوي عليه من معلومات وصور، بالإضافة إلى البيانات الرقمية، بعد وفاته؟
ما هي الأصول الرقميّة؟
الأصول الرقميّة هي البيانات والنصوص ورسائل البريد الإلكتروني والوثائق والملفات الصوتية والمرئية والصور ومحتوى وسائل وشبكات الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي والمدونات وسجلات الرعاية الصحية وسجلات التأمين الصحي وبرامج الكمبيوتر وتراخيص البرمجيات وقواعد البيانات، بما في ذلك أسماء المستخدمين وكلمات المرور، والتي جرى إنشاؤها أو إرسالها؛ أو استلامها أو تخزينها بوساطة وسائل رقمية على جهاز إلكتروني. علمًا أن الحياة الرقمية هي النشاط الإلكتروني الذي يتضمّن كل ما تقدّم.
الإرث الرقمي
يُقصد بـ”الإرث الرقمي”، الوضع القانوني للأصول والحسابات الرقميّة للشخص بعد وفاته؛ هل تؤول هذه الأصول والحسابات لورثة المستخدم، أو يجري إلغاؤها من قِبل مزوّدي الخدمات الرقمية، أو يسمح لورثة المستخدم أو لشخص أو جهة معينة بالوصول إليها وإدارتها. في هذا الإطار، يقول الخبير والمؤلف في مجالات الأمن السيبراني والجرائم المعلوماتية، وعضو اللجنة الوطنية، والمستشار لدى العديد من الجهات المحلية والدولية، يوسف بن عبد العزيز الشويحاني: “لدى ملاحظة أن الشبكات الاجتماعية تدفع ملايين الدولارات، بصورة سنويّة، وذلك لاستضافة أجهزتها وبرامجها وصيانتها وتطويرها، في مقابل منح مستخدميها الوصول بالمجان إلى منصّاتها، لطرح ما لديهم، نُدرك أن ثمة سِرًّا يدفع بهذه الشركات إلى ذلك، وإلا لما تكبدت هذه الأخيرة تلك الخسائر”. ويضيف أن “واحدة من أكبر تلك الأسرار هو ذلك الموروث المعرفي والاجتماعي والفسيولوجي العظيم الذي يمتزج بثقافات الشعوب، وحضارات الأمم، والذي تُبنى عليه الآف الدراسات الاقتصادية والإعلانية التي تدر المليارات لأرباب تلك الشبكات”.
يلفت الشويحاني إلى “إننا نساهم من حيث ندرك أو لا ندرك ببناء موسوعات رقمية تحتوي على ملايين المعلومات في اللغات والتقاليد والمطبخ والفنون والموسيقى… يزيد الأمر تعقيدًا أن كل تلك المعلومات ليس ملكًا لأصحابه، وإنما هو مُلك لتلك الشبكات التي دُوّنت بداخلها، وذلك بموجب الاتفاقية الرقمية التي وافق عليها المستخدم مُرغمًا أثناء تسجيله في تلك الشبكات”. ويتوجّه إلى القرّاء، قائلًا: “لكم أن تتخيّلوا مثلًا أن كل تلك الصورة الفوتوغرافية الاحترافية التي قام ذلك الفنان بالتقاطها ووضعها على انستغرام لم تعد ملكًا له، وأن شبكة انستغرام لها الحق ببيعها أو نشرها كما تشاء. كما أن شركات الأجهزة الذكية لها حق الاستحواذ على البيانات المخزنة في السحابة الالكترونية بعد رحيل صاحب الحساب عن دنيانا، وبذا تعتبر تلك الشركة هي الوريث الوحيد للبيانات، فقد تبيعها لصالح شركات التسويق، أو المجلات والصحف الالكترونية، وتجني الأموال جرّاء ذلك، حتّى لو كان المستخدم الراحل هو الذي يقف خلفها، ومن دون أن يكون لورثته حقّ المطالبة بأي عوائد من تلك الأرباح”. ويذكر أن “قيمة البيانات التي باعتها إحدى منصّات التواصل الاجتماعي تجاوزت ثلاث مليارات دولار خلال عامي 2019 و2020 حسب تقرير Ic3”.
“توريث البيانات“
ترغم الشركات المستخدم على الموافقة سلفًا على اتفاقية مطوّلة تجعله يوافق من دون التمعن في قراءتها، بأنّها صاحبة التصرّف بالبيانات المنشورة، الأمر الذي يحتّم حسب الشويحاني على الهيئات والمنظّمات التقنية ومنظّمات الحماية الفكرية أن تقوم بدورها، لناحية إلزام تلك الشركات على تعديل اتفاقياتها وإيقاف “توريث البيانات”.