مجازفات أردوغان تدفع الاقتصاد التركي إلى حافة الهاوية
هوت قيمة الليرة التركية اليوم الجمعة 1.2 بالمئة مقابل الدولار بفعل مخاوف المستثمرين من عقوبات أميركية كانت واشنطن قد لوحت بها في محاولة لإثناء أنقرة عن إتمام صفقة شراء منظومة الصواريخ الروسية اس 400، لكن تركيا تحدت التحذيرات الأميركية وأيضا تحذيرات حلف الناتو من إتمام الصفقة المثيرة للجدل. ويأتي انحدار الليرة التركية بعد أن سلمت روسيا رسميا أجزاء من نظام صواريخ اس-400 للدفاع الجوي إلى تركيا.
وبحلول الساعة 15:15 بتوقيت غرينتش سجلت الليرة 5.7460 مقابل العملة الأميركية بعد أن هبطت في وقت سابق من الجلسة إلى 5.7780 . وفي بورصة اسطنبول تراجع المؤشر الرئيسي للأسهم التركية 2.25 بالمئة في حين هبط مؤشر القطاع المصرفي 3.2 بالمئة.
واختبرت تركيا في السابق الدخول في معركة لي أذرع مع واشنطن في قضية القس الأميركي الذي احتجزته أنقرة لاشهر قبل أن تضطر للإفراج عنه تحت وطأة عقوبات أميركية هوت بقيمة الليرة التركية.
ومن المتوقع في حال فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على تركيا بموجب قانون كاستا، أن يواجه الاقتصاد التركي وضعا صعبا. وقانون كاستا هو القانون الذي تستخدمه واشنطن في وضع مشابه للوضع الراهن أي معاقبة من يشتري أسلحة من أعداء أميركا. وجازف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرة أخرى بتحديه للتحذيرات الأميركية ومضيه قدما في إتمام الصفقة مع روسيا.
ومن شأن هذا العناد أن يدفع الاقتصاد التركي الذي يعاني أصلا من حالة ركود، إلى حافة الهاوية. ويرى محللون أن الخصومات المجانية التي يثيرها الرئيس التركي على أكثر من جبهة حتى مع الحلفاء والشركاء من شأنها أن تفاقم أزمة الليرة والاقتصاد المتعثر.
وبدأت روسيا اليوم الجمعة تسليم تركيا نظاما دفاعيا صاروخيا متطورا في خطوة من المتوقع أن تدفع الولايات المتحدة لفرض عقوبات على أنقرة التي تشاركها عضوية حلف شمال الأطلسي وأن تدق إسفينا في قلب التحالف العسكري الغربي. وقالت وزارة الدفاع التركية إن الأجزاء الأولى من نظام الدفاع الجوي إس-400 نقلت جوا إلى قاعدة جوية قرب العاصمة أنقرة تنفيذا للصفقة التي أبرمتها تركيا مع روسيا والتي حاولت الولايات المتحدة على مدى شهور منعها.
وتقول واشنطن إن هذه المعدات العسكرية الروسية لا تتوافق مع نظم حلف شمال الأطلسي وإن الحصول عليها يمكن أن يؤدي إلى إبعاد تركيا من برنامج لإنتاج الطائرة المقاتلة إف-35.
وقالت إدارة الصناعات الدفاعية بتركيا “تسليم أجزاء من النظام سيستمر في الأيام القادمة”، مضيفة “بمجرد أن يصبح النظام جاهزا تماما سيبدأ استخدامه بالطريقة التي حددتها الجهات المعنية”.
وأفادت معلومات موقع فلايترادار24 لرصد حركة الطائرات بأن طائرتي شحن على الأقل من طراز إيه.إن-124 تابعتين للقوات الجوية الروسية توجهتا إلى تركيا صباح اليوم الجمعة.
وبثت قنوات تلفزيونية تركية لقطات لطائرة تقف في قاعدة جوية وطائرة ثانية تهبط في حوالي الساعة 12:30 مساء (09:30 بتوقيت غرينتش)”.
وذكرت وكالة الإعلام الروسية أن الهيئة الروسية الاتحادية للتعاون الفني العسكري أكدت اليوم الجمعة أنها بدأت تسليم النظام إس-400 وأن عمليات التسليم ستستمر طبقا لجدول متفق عليه. وتقول تركيا إن النظام الدفاعي الصاروخي ضرورة دفاعية إستراتيجية، خاصة لتأمين الحدود الجنوبية مع سوريا والعراق. وتقول أيضا إن الولايات المتحدة وأوروبا لم تقدما لها بديلا مناسبا عندما أبرمت صفقة النظام الصاروخي إس-400 مع روسيا.
وفي الشهر الماضي قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد اجتماعه مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في قمة مجموعة العشرين إن الولايات المتحدة لا تعتزم فرض عقوبات على أنقرة لشرائها نظام إس-400. وقال ترامب إن تركيا لم تلق معاملة عادلة لكنه لم يستبعد فرض عقوبات.
وطبقا لتشريع يعرف بقانون التصدي لخصوم أميركا من خلال العقوبات وهو معني بشراء معدات عسكرية من روسيا، ينبغي أن يختار ترامب خمسة إجراءات من بين 12 إجراء محتملا.
وتتراوح هذه الإجراءات بين حظر إصدار تأشيرات الدخول والحرمان من التعامل مع بنك الصادرات والواردات الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له وتتمثل الاختيارات الأشد في وقف التعامل من خلال النظام المالي الأميركي والحرمان من رخص التصدير.
وتقول الولايات المتحدة إن نظام إس-400 قد يعرض المقاتلات الشبح من طراز إف-35 التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن للخطر وهي الطائرات التي تساعد تركيا في تصنيعها وتعتزم شراءها.
وفي ظل العقوبات الأميركية المحتملة، ربما تواجه تركيا استبعادها من برنامج المقاتلات إف-35 وهي خطوة رفضها أردوغان، لكن واشنطن بدأت بالفعل إجراءات لإخراج أنقرة من البرنامج وأوقفت تدريب طيارين أتراك على المقاتلة في الولايات المتحدة.
ويخشى المستثمرون في تركيا من تأثير العقوبات الأميركية المحتملة على الاقتصاد الذي أصابه الركود بعد أزمة العملة في العام الماضي.
وشراء النظام إس-400 واحدة من عدة قضايا تسببت في توترات في العلاقات بين الدولتين منها خلاف على الإستراتيجية المتبعة في سوريا شرقي نهر الفرات حيث تتحالف واشنطن مع قوات كردية تعتبرها أنقرة خصما لها.
كما تسبب احتجاز موظفين بالقنصلية الأميركية في تركيا في توتر العلاقات فضلا عن الخلافات بشأن السياسة تجاه إيران وفنزويلا والشرق الأوسط.
وتطالب أنقرة واشنطن منذ وقت طويل بتسليمها رجل الدين التركي فتح الله غولن الذي تعتبره الرأس المدبر لانقلاب فاشل وقع في عام 2016.
وكانت قاعدة مورتيد تعرف في السابق باسم قاعدة أكينجي الجوية واستخدمها جنود انقلابيون خلال محاولة الانقلاب في 2016.
ميدل إيست أونلاين