تحليلات سياسيةسلايد

مجلس الأمن يُثبت الجزائر طرفا في نزاع الصحراء لا “مراقبا”

باءت محاولات الجزائر لتعديل القرار الأممي الذي كرس الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية في الصحراء كأساس وحيد للتفاوض، بالفشل، حيث اصطدمت مساعيها الهادفة إلى استبدال كلمة الأطراف بالطرفين برفض من مجلس الأمن، ما يغلق الباب نهائيا أمام تنصلها من حقيقة مفادها أنها طرف رئيسي في الصراع، وبالتالي وضع حد لمناوراتها ورفضها الانضمام إلى طاولة المفاوضات بشأن القضية المغربية.

ورغم أن الجزائر كانت تصر على أنها “مراقب” أو “داعم” لبوليساريو، فإن الإشارة المتكررة لمصطلح “الأطراف” في قرارات مجلس الأمن، خاصة مع توضيح المبعوث الأممي أن الأطراف هي المغرب، بوليساريو، الجزائر وموريتانيا، يضعها عملياً في موقع طرف رئيسي في النزاع الإقليمي.

وبعد تأكيد موقعها كطرف في الصراع، يصبح انضمام الجزائر إلى طاولة المفاوضات الرباعية أمرًا حتميًا لا مفر منه، ما يجعل رفضها المشاركة بمثابة عرقلة للجهود الأممية، مما يعرضها لانتقادات دولية قد تصل إلى إجراءات تصعيدية من قبل مجلس الأمن مستقبلاً.

وطوى التكريس الواضح للحكم الذاتي كخيار جاد وواقعي ووحيد كأساس للتفاوض في القرار 2797 وغيره، عملياً صفحة خيار الاستفتاء الذي كانت بوليساريو وداعمتها الجزائر تروجان له كآلية وحيدة بذريعة ما يطلق عليه بهتانا “حق تقرير المصير”. ويقيّد هذا التطور الأجندة الجزائرية ويجبرها على التعامل مع المبادرة المغربية كمنطلق وحيد للنقاش.

ويعد هذا القرار استمرارًا لسلسلة القرارات التي تتبنى صراحة المقترح المغربي للحكم الذاتي باعتباره “الحل الأكثر جدوى وواقعية”، ما يرسخ الرؤية المغربية كإطار عمل رئيسي للتسوية النهائية، ويضعها في موقع المبادِر صاحب الحل المقبول دولياً.

وأقام التأخير في نشر القرار، الذي استمر لمدة 24 يوما، الدليل على الضغوط التي مارستها الجزائر على أمانة مجلس الأمن الدولي، ما أثار استنكارا لدى أعضاء المؤسسة وطرح نقاط استفهام حول أسباب هذا التعطيل.

ونشر المجلس خلال الآونة الأخيرة القرار باللغات الرسمية الستة، متضمنا مصطلح “الأطراف”، بما يؤكد بوضوح الأطراف الفاعلة الأربعة في العملية السياسية.

ولطالما اعتمدت الدبلوماسية الجزائرية، طيلة الأعوام الماضية، استراتيجية قائمة على التنصل من صفة “الطرف” الأصيل في النزاع، والعمل كـ”قوة مناورة من خلف الستار”، لتبقى بعيدة عن طاولة المفاوضات التي يصر المغرب على أن تكون رباعية الأطراف.

في المقابل، تبنت المملكة موقفًا ثابتًا وواضحًا يؤكد المرونة والجاهزية الدائمة للانخراط في جميع جولات التفاوض، ووجهت دعوات علنية ومباشرة للجزائر للمشاركة في حوار مباشر وصادق.

وكان الهدف الاستراتيجي للدبلوماسية الجزائرية من خلال هذه المناورات هو التهرب من المسؤولية القانونية أو السياسية أو المادية عن تعثر المفاوضات أو عن الوضع الإنساني في مخيمات تندوف.

وحققت المملكة نصرا دبلوماسيا بتعزيز موقفها الدولي بأن النزاع إقليمي لا ثنائي، وأن الجزائر هي الداعم الرئيسي والممول للبوليساريو، وأنها جزء لا يتجزأ من المعادلة. ويمثل الإلزام الأممي بالاعتراف بالدور الجزائري اختراقًا دبلوماسيًا يحرر المغرب من التفاوض مع الجبهة الانفصالية كـ”طرف وحيد” مدعوم من خلف الستار.

وتشير محاولات الجزائر لإدخال تعديلات على القرار الأممي إلى ارتباكها وعدم استيعابها للصدمة، خاصة بعد أن بعث القرار الذي مرّ بموافقة أغلبية ساحقة في مجلس الأمن برسالة تؤكد تزايد الاصطفاف الدولي خلف الحل المغربي، ما يعزز موقف الرباط على الساحة الدبلوماسية الدولية.

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى