تواصل واشنطن تنفيذ إجراءات احترازية مكثّفة في غالبية قواعدها في سوريا، تحسّباً لتصاعد هجمات فصائل المقاومة، ولا سيما بعد تسجيل ست حالات استهداف في أقل من أسبوعين. ويزداد هذا التحسب في ظلّ اعتزام إسرائيل الردّ على الهجوم الذي نفّذته إيران في الأول من الشهر الجاري، ما يمكن أن يضع القواعد الأميركية مجدداً في مرمى المقاومة. ولعلّ التحرّك الأميركي الأبرز، سُجّل في قاعدة «التنف» عند مثلث الحدود السورية مع العراق والأردن، ومنطقة الـ55 كلم في عمق البادية الشرقية لسوريا، حيث نفّذت القوات الأميركية دوريات برية، وأخرى جوية عبر المروحيات والمُسيّرات، فضلاً عن توسيع دائرة المراقبة للقاعدة، في محاولة لرصد الطائرات المُسيّرة العراقية المتجهة إلى الجولان. أيضاً، نفّذت القوات الموجودة في القاعدة، خلال الأيام الماضية، عمليتي اختبار جاهزية لمنظومات الدفاع الجوي، وذلك بعد ورود معلومات عن تعزيز «التنف» بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي المتخصصة في رصد المُسيّرات واستهدافها.
ووفقاً لمصادر ميدانية تحدثت إلى «الأخبار»، فإن «مهمّة قوات التحالف الموجودة في قاعدة التنف، والتي كانت تتركّز على تقديم معلومات استخبارية لإسرائيل، تطورت إلى الدفاع عن الأخيرة بشكل مباشر أيضاً». وتشير المصادر إلى أن «القوات الأميركية بدأت مهمّة جديدة، وهي محاولة اعتراض الطائرات المُسيّرة الملتفّة عبر البادية السورية في اتجاه الجنوب لاستهداف الجولان المحتل، وذلك بعد سقوط قتيلين الأسبوع الفائت من لواء غولاني». وكشفت أنه «تم نشر المزيد من كاميرات المراقبة الحرارية، وأنظمة التعقّب في قاعدة التنف ومحيط منطقة الـ55 كلم لهذا الغرض»، لافتة إلى أن «محاولة اعتراض تمّت لعدّة مُسيّرات في الأجواء السورية، يومَي السبت والأحد، من دون التمكن من إسقاطها». ورجّحت المصادر أن يكون التحرّك الأميركي «جاء بطلب من إسرائيل، للتخفيف من حدّة الأثر الذي تتركه مُسيّرات المقاومة في الجولان وغور الأردن، بعد تصاعد هجمات حزب الله واليمن والعراق ضدّ الأهداف الإسرائيلية في معظم الأراضي المحتلة».
وفي الموازاة، كثّفت القوات الأميركية في سوريا تدريباتها، حيث نفّذت خمسة تدريبات عسكرية بشكل متزامن في كل من قواعد «غويران» في مدينة الحسكة، و»الشدادي» جنوبها، ومطار «خراب الجير» شمالها، وقاعدتَي «قسرك» و»تل بيدر» في ريفها الشمالي الشرقي، بالإضافة إلى تدريبات في قاعدة معمل غاز «كونيكو» في ريف دير الزور الشمالي. كما استقدمت هذه القوات، مطلع الأسبوع الجاري، ثلاث دفعات من الأسلحة المنقولة جواً، ودفعة نُقلت براً عبر معبر «الوليد» غير الشرعي، تحمل أسلحة ومعدات وذخائر مختلفة، على متن 46 شاحنة.
كذلك، واظبت المدفعية الأميركية وراجمات الصواريخ المتواجدة في حقل غاز «كونيكو»، في الأيام الماضية، على توجيه ضربات مدفعية على منطقتَي الجفرة وحويجة صكر اللتين يسيطر عليهما الجيش السوري، في محاولة لمنع فصائل المقاومة من تجديد استهدافها لقاعدة «كونيكو»، وذلك بعد استهدافها إياها أربع مرات في أقل من عشرة أيام. ونقلت واشنطن دفعةً من المعدات والأسلحة من قاعدة «حقل العمر» النفطي في ريف دير الزور الشرقي، و»الشدادي» في ريف الحسكة الجنوبي، إلى «كونيكو»، بهدف تعزيز الأخيرة وحمايتها من هجمات المقاومة المتكرّرة عليها. ويبدي الأميركيون اهتماماً خاصاً بالقاعدة المذكورة، لقربها من مناطق سيطرة الجيش السوري، ولوجود قوات فرنسية وبريطانية فيها، ولكونها تُعدّ قاعدة عسكرية واستخبارية.
صحيفة الاخبار اللبنانية