محور رباعي مصري سوري جزائري عراقي في طور التطور

محور رباعي مصري سوري جزائري عراقي في طور التطور.. واستقبال السعودية “الحار” لرئيس الوزراء الإثيوبي يزعج السيسي ويقف خلف قنبلته التي فجرها بدعم الجيش السوري.. ووساطة محمد بن زايد جاءت متأخرة لتطويق الأزمة
رشّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ملحا مخلوطا بالفلفل الحار على جرح علاقات بلاده الغائز، الملتهب، مع المملكة العربية السعودية عندما أعلن في مقابلة لتلفزيون برتغالي “عن دعمه للجيش العربي السوري في مواجهة العناصر الإرهابية المتطرفة، من اجل حفظ استقرار سورية، والحفاظ على وحدتها الجغرافية على غرار ما يفعل في ليبيا والعراق”.
الجيش الالكتروني السعودي الجرار أشعل وسائط التواصل الاجتماعي بهجوم شرس على مصر والحكومات الخليجية، وعلى رأسها السعودية، التي قدمت حوالي 50 مليار دولار مساعدات وقروض مالية لدعم الاقتصاد المصري، وتثبيت حكم الرئيس السيسي الذي وصفته بناكر الجميل.
العلاقات المصرية السورية تتطور بشكل متسارع في الأشهر الأخيرة، والتنسيق الأمني بين البلدين في ذروته، وتجلى في الزيارة التي قام بها إلى القاهرة اللواء علي المملوك رئيس جهاز الاستخبارات السورية، والرجل القوي في دمشق، وقد أشاد السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري بهذا التطور، ونوه به، وطالب بالمزيد أثناء مؤتمر صحافي عقده في أعقاب لقائه بالمبعوث الدولي ستيفان دي مستورا، الذي حل ضيفا على العاصمة السورية لبحث موضوع حلب، والترويج لإقامة إدارة حكم ذاتي في أحيائها الشرقية.
العلاقات المصرية السعودية تعيش أسوأ أيامها، ومن المتوقع أن تزداد سوءا في الأيام المقبلة، خاصة بعد استقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لرئيس وزراء أثيوبيا هايلي ماريام ديستالين، وهو الاستقبال الذي فسرته الأوساط الرسمية المصرية على انه جاء من قبيل “المناكفة” لها بالنظر إلى الخلاف المصري الإثيوبي حول سد النهضة.
المسؤولون المصريون لاحظوا حجم الحفاوة الذي حظي به رئيس الوزراء الإثيوبي، وتمثل في حضور اللقاء الأمير محمد بن نايف، ولي العهد، إلى جانب عدد كبير من الوزراء، من بينهم وزراء الاقتصاد والمالية، وجرى بحث التعاون الاقتصادي والقضايا الإقليمية، ولوحظ أن رئيس الوزراء الإثيوبي التقى أيضا بالأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، حيث جرى بحث التعاون الثنائي في مجالات الدفاع، وتوقيع اتفاقات في هذا المضمار.
ويستغرب هؤلاء المسؤولون الضجة الإعلامية السعودية هذه، بسبب ما ورد على لسان الرئيس السيسي تجاه سورية، ويقولون أن هذا الدعم ما زال سياسيا، وتنسيقا امنيا حتى الآن، فمصر تريد أن تتابع أخبار بعض المتطرفين المصريين الذين يقاتلون في سورية والمتورطين في “الإرهاب”، وأشاروا بالذات إلى شخص اسمه احمد سلامة مبروك، “الجهادي” المصري الذي ظهر على يمين زعيم تنظيم “فتح الشام”، أو “النصرة” سابقا، أبو محمد الجولاني في حلب، وكان معتقلا في احد السجون المصرية بتهمة الانتماء إلى تنظيم الجهاد، ويقول هؤلاء إن ما أزعج السعوديين هو التقارب الكبير والمتوقع بين الرئيس السيسي والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والتصريحات غير الودية التي أدلى بها الأخير تجاه دول الخليج العربي، ودعمه الشرس لقانون العدالة للدول الراعية للإرهاب “جيستا”، الذي يشير بوضوح إلى المملكة العربية السعودية، واتهامها بدعم الإرهاب، وهجمات الحادي عشر من سبتمبر على وجه الخصوص، فالرئيسان السيسي و ترامب يقفان على أرضية واحدة، فيما يتعلق بمحاربة الإسلام السياسي، وحركة الإخوان المسلمين من ضمنه.
من الواضح أن الرئيس المصري اختار طريقا من اتجاه واحد نحو المعسكر الآخر، أي السوري الجزائري الإيراني العراقي، ويخرج تدريجيا من المعسكر الخليجي السعودي، وأحدث حلقات هذا الخروج رفض مصر الانسحاب من القمة العربية الإفريقية الرابعة في مالابو، عاصمة غينيا الاستوائية ، أسوة بثماني دول عربية احتجاجا على مشاركة منظمة “البوليساريو” فيها تضامنا مع المغرب، وهي السعودية والإمارات والبحرين وقطر والأردن واليمن والصومال إلى جانب المغرب.
المحور المصري الجزائري السوري العراقي المدعوم روسيا وإيرانيا بقوة حاليا، قد يشكل تحقيق بعض التوازن في الميزان الاستراتيجي العربي الراهن، ويمهد لوضع حد لسيطرة المعسكر السعودي الخليجي على القرار العربي، والجامعة العربية، ومؤسسة القمة المنبثقة عنها، وهي السيطرة التي دامت طوال السنوات العشر الماضية تقريبا، وكانت وراء سقوط تغيير العديد من الأنظمة، وما تلا من فوضى دموية، ومن المؤكد أن هذا المحور سيتعزز ويقوى في حال حسم معركة حلب لصالحه، ربما الموصل أيضا.
الزيارة الخاطفة التي قام بها الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد إمارة أبو ظبي قبل أسبوع إلى القاهرة، حاولت تطويق الخلاف المصري السعودي، وإعادة المياه إلى قنوات الاتصال المسدود بين البلدين الحليفين حتى قبل بضعة أشهر، ولكنها لم تحقق أي نجاحات باستثناء وقف الحملات الإعلامية المصرية ضد السعودية، وهو وقف يبدو مؤقتا.
ولعل المبادرة المشروطة التي تقدم بها السيد إبراهيم منير، نائب المرشد الأعلى لحركة الإخوان المسلمين لترطيب الأجواء بين “الجماعة” والنظام الحالي، وتحلى هذا النظام ببعض المرونة في المقابل، مثل إلغاء أحكام الإعدام والمؤبد من قبل محكمة النقض في حق الرئيس محمد مرسي والمرشد الأعلى محمد بديع، وبعض قادة الصف الثاني، مثل السادة خيرت الشاطر ومحمد البلتاجي، واحمد عبد المعطي، نفست بعض الاحتقان السياسي في مصر، وعكست رغبة في تجنب الصدام والمواجهة لدى الطرفين، الأمر الذي يضيف عناصر تعزيز جديدة للسلطات الحاكمة في مصر.
المغردون السعوديون على “التويتر” الذين “ترحموا” على المليارات السعودية التي ذهبت إلى مصر، عكسوا رأيا سعوديا ليس معاديا لمصر فقط، وإنما شامتا بحكومتهم أيضا، ومشككا في سياساتها، وهذا قد لا يزعج المصريين، الذين طارت طيورهم بأرزاقها و”زقزقت” طربا.
التحالفات العربية تتغير بسرعة، وراقبوا العودتين المصرية والجزائرية مجددا إلى الساحة السياسية، وعمليات استقطاب جديدة إقليمية ودولية في الأشهر الستة المقبلة، وقطعا ستكون لنا عودة لتناولها ورصدها في الأسابيع والأشهر المقبلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى