مخاوف “تجويف الأردن” تُستذكر مع إنهاء عقد الجنرال ماكنتوش و”رأي اليوم” تنقل “نغمة تذمّر” سياسية:
اسم الجنرال البريطاني اليكس ماكنتوش ذكرته العديد من الشخصيات السياسية والأمنية الوازنة في الأردن خلال حوارات كان يبدي فيها مسؤولون حاليون وسابقون قلقهم من “الخبرات الخارجية” حين تدخل على الملفات المحلية، خصوصا وان ماكنتوش كان الجنرال المسؤول عن إعادة هيكلة الجيش الأردني وفق ما اعلن عنه ملك البلاد عبد الله الثاني.
الجنرال المذكور والذي أعلنت قناة المملكة انه تم انهاء خدماته في البلاد قبل أيام (الاحد 27 أكتوبر/ تشرين اول الحالي)، شكل غالبا جانبا من الحديث عن الميل المحلي للملكة الرابعة للاستعانة بخبرات خارجية قد لا تكون بكفاءة نظيرتها المحلية من جهة، والقلق الكبير على المؤسسة العسكرية كواحدة من آخر الحصون المؤسساتية في الأردن من جهة ثانية، ومن ثالثة ضمن تساؤلات بالطبع عن كُلف إعادة الهيكلة وإدارة المؤسسات المختلفة حين تُصبح بخبرات غربية.
بكل الأحوال، خبر انهاء خدمات الجنرال قد يريح بعض السياسيين، ولكن شخصيات أخرى كالجنرال البريطاني تثير الجدل أيضا، تارة لتواجدها في مؤسسات هامة كالقصر الملكي وأخرى لتقديمها استشارات باهظة للحكومة والتي برأي مسؤولين وسياسيين مطلعين جدا لا تزيد الأمور الا تعقيدا وتركيزا على الشكليات بدلا من المضامين. هنا استخدم احد السياسيين المخضرمين مصطلح “تحويل مؤسسات وشخصيات إلى جوفاء ودون مضامين”.
تجويف المؤسسات لا يشكل الهاجس الوحيد، ولكنه هاجس وقلق يسانده شعور قوي أيضا بأن المحاولات لايجاد بدائل للمؤسسات الحالية كلها تُثبت ضعفها وعدم قدرتها على الصمود، وهنا مسؤولون أردنيون اعربوا عن انزعاجهم الكبير من كيفية إدارة المؤسسات في البلاد، وما اعتبروه تهشيماً للحالي والثابت لصالح مؤسسات جديدة أثبتت عدم قدرتها على المضيّ وحدها، والعودة لكل الصيغ التي تهاجم وجود عدد من المؤسسات المستقلة التي تقوم مقام المؤسسات والوزارات القائمة.
وقتما استمعت “رأي اليوم” لنغمة التذمر تلك، والتي لا يحب أي من السياسيين ان يتحدث علنا في سياقها، كان الجدل مشتعلا عن اكاديمية التدريب والتأهيل التي نُسبت لزوجة ملك الأردن رانيا العبدالله، والتي اصر البعض على اعتبارها (أي الاكاديمية) جزءا من منظومة كاملة تعمل بوعي او دونه على دعم مؤسسات جديدة وتفويض الصلاحيات لها تزامنا مع سحب الصلاحيات والامتيازات من المؤسسات القائمة.
الحكومة الحالية أكدت أن الأكاديمية لن تحل محل وزارة التربية والتعليم، وانها لن تقوم مقامها، ولكن الهواجس كلها ظلت ملازمةً لوجود الجسم الذي حتى اللحظة لم تتضح مهامه تماما بعد ولم تتضح صلته بمؤسسات الدولة ولا أسباب الإعفاءات التي يحوزها من النفقات والخدمات.
بعيدا بعض الشيء عن الاكاديمية بحد ذاتها، إحدى الشخصيات التي تعتبر نافذة في الدولة اليوم اعتبرت ان “مسلسل مؤسسات الظل” بات لا بد من إيجاد نهاية له باعتباره سحب القدرة لدى المؤسسات القائمة في اتخاذ القرارات الجريئة وزرع فيها القلق الذي أدى لارتباك في المشهد العام، معتبرا ان ذلك كله ينعكس في تعدد المرجعيات وانشغال المؤسسات في صراعات بينها (تجلى برأي بعض السياسيين بتسريب الوثائق والمعلومات خلال الفترة الماضية)، بدلا من انشغالها في تصويب مسيرة الاقتصاد والاجتماع والسياسة في البلاد.
مشهد تضاعف المؤسسات وزيادة اعداد المستشارين عمليا واحد من المشاهد التي يصعب تجاهلها في البلاد، وهي أمور تحاول الحكومات المتعاقبة التعامل معها دون جدوى حتى اللحظة، ودون حلول جذرية، ما يُظهر ان الاضرار وقعت بالفعل في العديد من المفاصل.
السياقات المذكورة، لا تقلق فقط السياسيين ورجال الدولة، وانما عمليا تزيد وبصورة كبيرة في الشارع وبين النشطاء الشباب الذين بات عدد منهم اما محتجز لتعبيره عن رأيه او يتعرض لضغوط للكف عن ذلك.
بكل الأحوال، ازمة الدولة الأردنية في مؤسساتها من الواضح ان هناك انطباعات بأنها تصبح اكبر واوسع وبات من الصعب السيطرة على بعضها، وهنا تظهر الحاجة الحقيقية للسيطرة على الانطباعات والحقائق بالتزامن لحماية ما تبقى من ايمان في إدارات البلاد، حيث ضريبة الكفر فيها مرتفعة جدا، وفق مراقبين.
صحيفة رأي اليوم الالكترونية