بعد أسبوع من اغتيالات القادة فؤاد شاكر، اسماعيل هنية، وإعلان مقتل محمد الضيف. وبعد قصف ميناء الحديدة باليمن. وجوف الصخر في العراق والجنوب السوري. وبانتظار الرد من طهران وحزب الله ومحور المقاومة. تدخل المنطقة (مرحلة جديدة) سمتها تصعيد (حرب الاستنزاف) الجارية باتجاه السقوط في (الحرب الحارقة). مرحلة جديدة تنبئ باحتمال تفجير المنطقة تفجيرا تتمدد ارتداداته إلى العالم كله.
إذا كانت اغتيالات القادة تستدعي الرد حتى لو ادى إلى الانفجار. فإنه قصف مدرسة التابعين عند صلاة الصبح فجر السبت. واستهداف أكثر من 4000 نازح فيها. وقتل أكثر من 100 شخص وهم يصلون في حصيلة الدقائق الأولى لحساب الكارثة. هذه (الإبادة الجماعية وهي تنضح بالهمجية) في الفعل الإسرائيلي. باتت أحد أهم سمات هذه المرحلة الجديدة. وهذه أمريكا تعلن عن انخراطها في الدفاع عن إسرائيل تجاه أي رد يطالها. وتحضر قواتها المؤثرة إلى المنطقة. وتقييم حلفا سريا لمواجهة أي عقاب ضد إسرائيل. على ما فعلت وتفعل. وهذا الانخراط الأمريكي المعلن في حماية الاجرام الإسرائيلي هو أيضا من أهم سمات هذه المرحلة الجديدة. أي أن شعوب المنطقة باتت في مهب حرب الإبادة الهمجية الأمريكية الإسرائيلية. وربما هذا ما جعل هذه الحرب المتفاقمة تمس القوى الدولية المعنية باستقرار المنطقة العربية المسماة الشرق الأوسط. من هنا دخلت روسيا على الخط بفعالية.
الرئيس بوتين سبق الجميع عندما قدر خلال استقباله للرئيس الأسد أن (المنطقة متجهة نحو التصعيد). كان هذا قبل التصعيد بأقل من أسبوعين. يومها درس بوتين مع الرئيس السوري مخاطر هذا التصعيد. وكيفية التعاون لحماية سوريا والمنطقة منه. خاصة وان سورية ما زالت في أتون حرب مع التكفيريين في البادية. وصراع مع الانفصاليين في الشمال الشرقي. وفي صراع مع موقع المكابرين في إدلب. الأمر الذي يجعل سورية مضطرة إلى الموازنة الدقيقة. بين تكثيف جهدها في حربها لاستكمال سيادتها. وبين دعمها وانخراطها مع محور المقاومة في مواجهة إسرائيل. وهذا كما يبدو ما يدعمه ومحور المقاومة. خاصة وأن سورية تتعامل على أساس إن (سيادة واستعادة قوة سورية احد اسس مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة) وهذه أيضا قناعة محور المقاومة.
شكلت زيارة شويغو إلى طهران تظهيرا لتفعيل الدور الروسي في صراع المنطقة. ومع نصيحة الكرملين المعلنة لطهران ضرورة اعتماد (رد منضبط). ذهب الكثيرون إلى أن روسيا تسعى إلى (ضبط التصعيد). وكي يكون لدورها التأثير المطلوب. فإن موسكو عمدت إلى تزويد إيران بأسلحة ومعدات تجعلها قادرة على مواجهة إسرائيل. حيث قدمت لها طائرات مقاتلة من طراز سو 35. ورادارات متطورة. ومضادات جوية مثل منظومة أس 400. وحصلت موسكو بالمقابل على طائرات مسيرة. وصواريخ بالستية من إيران. وهكذا باتت موسكو عنصرا دوليا يسعى لضبط التصعيد من جهة. خاصة وأن علاقتها بإسرائيل جيدة رغم التحفظ على موقف تل أبيب تجاه الحرب في أوكرانيا. كما أنها من جهة أخرى باتت عنصر قوه لإيران في مواجهة إسرائيل وأمريكا إن ركبتا رأسيهما واستمرا بالتصعيد المؤدي للانفجار.
الكل ينتظر رد إيران والمحور المقاومة. والكل يتحسب لما ستفعله أمريكا من خلال دعمها لإسرائيل. والكل أيضا يخشى من رد على الرد يفجر كل شيء. ومع تحالف عناصر محور المقاومة. ودخول العامل الروسي بنشاط وفاعلية. يصبح الانفجار إذا وقع خطرا وينذر بعواقب فظيعة. ولكن من جهة أخرى يمكن للعامل الروسي أن يكون بالفعل عنصرا لضبط التصعيد. كما يمكنه أن يصبح بوابة حل للأزمة. خاصة إذا استطاعت واشنطن وموسكو تحييد خلافهما في أوكرانيا. والتعاون على ضبط التصعيد في المنطقة. وإيجاد باب لحل الأزمة. وهذا كله رهن بالإرادة الأميركية. والإرادة الروسية. و بمدى شجاعتهما و إرادتهما في تطويع إسرائيل. كما أنه رهن بترجيحهما أستقرار المنطقة كمصلحة جيواستراتيجية لكل منهما. ومصلحة حياتية و معاشية و أمنية و وطنية لشعوب المنطقة…
بوابة الشرق الاوسط الجديدة