مرزوق الغانم اذل الإسرائيليين وصدمهم لانه تصدى لهم وانتصر لامته وقضاياها العادلة بشجاعة ورجولة ولهذا استحق هذه الحفاوة العربية الشعبية في زمن التطبيع والخنوع
يستحق السيد مرزوق الغانم، رئيس مجلس الامة الكويتي، هذا التقدير والاحتفاء الكبيرين الذي حظي بهما من قبل الأغلبية الساحقة من أبناء الامتين العربية والإسلامية بعد موقفه البطولي غير المسبوق، في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي انعقد في بطرسبورغ، وتمثل في تصديه لمندوب دولة الاحتلال الإسرائيلي برجولة وشجاعة، في زمن تتهافت فيه حكومات، وشخصيات عربية، على تطبيع العلاقات، وتنقل إسرائيل من خانة الأعداء الى خانة الحلفاء.
التصفيق الحار الذي لقيه السيد المرزوق، والوفد الكويتي المرافق له من قبل معظم الوفود الاخرى، بعد تصديه للمندوب الإسرائيلي، واتهامه لحكومته بممارسة إرهاب الدولة الذي هو اخطر أنواع الإرهاب، وقتل الأطفال، يؤكد ان ما تحتاجه امتنا هو هذا النوع من الرجال الذين لا يترددون في الدفاع عن كرامتها وقضاياها العادلة، دون خوف او تردد، فالعالم لا يمكن ان يساندنا، وينتصر الى قضايانا اذا لم نساعد انفسنا، ونكون اهلا للمسؤولية والنزال.
المندوب الإسرائيلي بلغ من الوقاحة درجة الاعتراض على تقرير أعدته لجنة حقوق الانسان التابعة للاتحاد الأوروبي يدين اعتقال الحكومة الإسرائيلية لبرلمانيين منتخبين في الأراضي العربية المحتلة، دون أي احترام للحصانة البرلمانية، والأعراف الإنسانية والأخلاقية، فكانت الوقفة الفروسية من قبل السيد الغانم الذي لم يحتمل هذه الغطرسة، وهذه الوقاحة، فوقف مثل الرمح ليضع هذا المسؤول الإسرائيلي في خانة الاحتقار التي يستحقها امام نواب العالم بأسره، ويجبره، بدعم من النواب الشرفاء، على مغادرة القاعة مطرودا وذليلا مهانا.
لم يعتد الإسرائيليون طوال السنوات الماضية، ومنذ اتفاقات العار في أوسلو، على مثل هذه المواقف التي تعكس العزة والكرامة والتمسك بالثوابت العربية والاسلامية في الانتصار للحق، لانهم تعودوا على مسؤولين عرب، ومن بينهم فلسطينيون، يتمسحون بهم، ويبحثون عن ودهم، ويطلبون رضاهم، تحت ذرائع الاعتدال و”الحضارية”، و”السلام” و”الديبلوماسية”، لان الزمن الذي كان يحّول فيه النواب والمسؤولون العرب المحافل الدولية الى ساحات مواجهة “انقرض” للأسفـ او كاد.
سعدنا كثيرا بتصدي الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لرئيس الكيان الغاصب شمعون بيريس، في منتدى دافوس الاقتصادي عندما هاجم بشدة رجال المقاومة وصواريخهم في قطاع غزة واتهمهم بالارهاب، وغضبنا من السيد عمرو موسى، امين عام الجامعة العربية في حينها، لانه بقي جالسا ولم ينسحب من الجلسة اسوة بالرئيس اردوغان، اليوم يأتي السيد الغانم ليؤكد لنا ان هناك عربا شرفاء اقحاح، لا يمكن ان ينسوا قضية الامة العادلة، ولا يمكن ان يسمحوا بالتطاول على نواب شرفاء خلف قضبان السجون والمعتقلات، واتهامهم بالارهاب، لانهم لم يهادنوا الاحتلال مطلقا، ووقفوا في خندق المقاومة، ونصرة قضية امتهم العادلة.
السيد الغانم يستمد هذه الارادة الوطنية الجبارة من ثلاثة ثوابت رئيسية، الأولى انه منتخب كنائب من شعبه في انتخابات حرة نزيهة، والثانية انتخابه كرئيس لمجلس النواب من قبل زملائه بكل شفافية، والثالثة التاريخ المشرف للبرلمان الكويتي في الاستقلالية والانتصار لقضايا الحق والعدالة، وايمانه، أي السيد الغانم، بامته ومخزونها الوطني الكبير، وحتمية نهوضها من كوبتها الحالية.
الاستقبال الحافل للسيد الغانم الذي انعكس على صدر الصفحات الأولى في الصحف الكويتية، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، يؤكد ان الشعوب العربية، والشعب الكويتي على رأسها، لا يمكن ان يفرط بثوابته وحقوقه المشروعة، ومهادنة دولة الاحتلال، والصمت على جرائمها في حق شعب شقيق.
لا نستغرب هذه المواقف من الكويت التي نبتت اول بذرة للمقاومة الفلسطينية على ارضها، مثلما لا نستغربها من أبنائها الذين لم يبخلوا قط في دعمهم للشعب الفلسطيني ومقاومته، وتحية من القلب للسيد الغانم وزملائه في الوفد، والبرلمان الكويتي أيضا، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.. وكلمة الحق يجب ان تقال دون أي تردد.
صحيفة راي اليوم الالكترونية