مرسي يبحث عن عدو .. في إثيوبيا! (وائل عبد الفتاح)

 

وائل عبد الفتاح

ــ ١ ــ
العدو الإثيوبي

تحولت محاولة صناعته في الحوار الوطني الى «مسخرة». لكن المحاولات لم تتوقف كما ظهر اجتماع الأحزاب الإسلامية (اسم جديد يستخدم لكيان غير معلن يجمع أحزاب ذات مرجعيات إسلامية) حين أعلن رئيس «حزب الحرية والعدالة» سعد الكتاتني عن مؤتمر (شعبي/سياسي) في قاعة المؤتمرات (بعد غد) يحضره الرئيس وحكومته وقيادات الأزهر والكنيسة، وذلك لتأييد الموقف من سد النهضة الإثيوبي.
ما هو الموقف؟
لماذا يحشد الجماهير على طريقة الاستبداد القديم ومن دون ان تعرف الجماهير ما حُشدت عليه؟
إنها الطريقة الجاهزة للفاشيات القديمة: صناعة عدو خارجي، واللعب على عواطف الجماهير للالتفاف حول سلطة مغضوب عليها، وأخيراً التغطية على كل جرائم، خطايا، فشل، وانتهاك مشروعية بالوقوف خلف السلطة في معركتها ضد العدو.
مدير المخابرات سافر الى السودان، ربما ليرمم ما أفسدته الشتائم العلنية في حضرة الرئيس ضد موقف الخرطوم، او ربما لينسق جهوداً لم تعمل السياسة على بنائها. يحدث ذلك في غياب الديبلوماسية (وزير الخارجية بعيد وغائب عن الاجتماعات والملف كله)، وفي هذا إحياء لتقليد مباركي في إدارة المخابرات لملفات السياسة الخارجية (الحساسة).
لا تبدو الحركة هنا باتجاه حل (يستدعي خبرات قانونية ومائية وبالعلاقات مع أفريقيا وحوض النيل) ولكن باتجاه الاستغلال، او تحويل هذه الحركة الى فرصة لصيد عدو.
ولأن الجماعة تدار بطريقة المافيا السياسية فإن كل خطوة تتحول الى فضيحة.

ــ 2 ــ
خطوتان الى الخلف

يبدو ان هذا قرار داخل قيادة الجيش في لحظة تقترب من ذروة ٣٠ حزيران. ورغم ان المخابرات اعترضت على فضيحة الحوار الوطني حول سد النهضة الإثيوبي، إلا ان الغضب لم يظهر إلا في صفوف القيادات الوسيطة. غضب مكتوم كما يروى عنه، محوره السمعة المهدورة والسير الى المنحدر، كما يرون الدولة تحت قيادة الاخوان.
لم يزل غموض قصة خطف الجنود مؤلماً بالنسبة إلى دراويش «النواة الصلبة» وأسطورتها التي تثار حولها الأسئلة: هل يسيطر الجيش على سيناء؟ هذا قبل أن يطرح سؤال أصعب: هل يمكن أن نحارب إثيوبيا؟
أسئلة أعلى بكثير عن الشواغل اليومية للجيش بحثاً عن جنوده، وبعد العثور أمس الأول على جندي مقتول بعد اختطافه، كان الرد بيروقراطياً: التحقيق مازال جارياً.
الانسحاب من الواجهة يراها البعض حكمة من قائد الجيش عبد الفتاح السيسي، مرسخاً بيروقراطية المؤسسة وابتعادها عن الاحتكاك مع «السياسة اليومية»، بعدما ترسخت مواقعها بالقوانين الأربعة التي حفرت مكان المؤسسة بعد اهتزازها تحت فشل إدارة المرحلة الانتقالية وهتاف «يسقط حكم العسكر»، وروايات ضباط من قيادات الصف الثاني عن رفضهم النزول إلى الشارع، وروايات أخرى عن اعتبار ما يحدث «شأن المدنيين» و«لن يتدخل إلا إذا.. «. وهنا تأتي التكهنات: متى؟ هل إذا وصلت الأرقام الى الملايين؟ أم إذا وصل الدم الى الركب، كما تقول الثقافة الشعبية المصرية؟
وعند الدم يشار دوماً الى خيرت الشاطر، الرجل الغامض الذي جعلت الأساطير حوله صورته قريبة من زعماء المافيا. هنا تبدو حركة الشاطر مرصودة في اتجاهين لامتصاص 30 حزيران: عصابات البلطجية القديمة وقيادات تقيم بين عالمي النظام القديم ومعارضة مرسي.

ــ 3 ــ
«وذهب للعمرة…»

كانت هذه الإجابة عن سؤال بشأن ملابسات إصدار قرار إحالة ستة نشطاء على الاقل إلى محكمة الجنايات، والمحامي العام الذي اصدر الإحالة هو من سافر بعد توقيع القرار الذي يبدو أنه صدر على عجل. وقبل انتهاء التحقيقات حول أحداث المقطم، لكن الهدف هو وضع ناشط مثل احمد دومة في متاهة «الكعب الدائر»، ونقله من سجن الى محكمة، ومن حبس احتياطي إلى محاكمة. النيابة بقيادة النائب العام الذي يبدو أنه في ذروة الاحتياج اليه، فالآن موعد اصطياد النشطاء، وقرار الإحالة يتضمن أساساً علاء عبد الفتاح ونوارة نجم وحازم عبد العظيم واحمد عيد.
تدوير النشطاء في المتاهة «القانونية» جزء من خطة تتضمن أيضاً (الى جانب صناعة العدو) ربط مصالح العصابات القديمة بالنفوذ الإخواني، وهناك حكاية عن لقاء جمع بين الشاطر وشطار هذه العصابات (في سيناء حيث خطف الجنود) وفي القاهرة (حيث تمت مساومة تخليص اراضٍ على الطريق الصحراوي لتنتقل المصلحة الى الاخوان بعد الدوران في فلك عصابة مبارك).
تشبيك الشاطر ليس فقط مع عصابات البلطجية السرية، ولكن مع قيادات من نوع عمرو موسى الذي التقى بخيرت الشاطر في ساعة متأخرة من ليل امس (في منزل ايمن نور) وذلك بعد اعتذار موسى عن المشاركة في الحوار/الفضيحة، وبعد نقاشات قدم طلباً فيها من موسى بلعب دور «مفوض خاص للعلاقات بين مصر والخليج». اتساع النقاشات تزامن مع اتساع الدور المطلوب في إطار «صفقة إظهار قليل من التراجع» من أجل عبور محنة 30 حزيران.

صحيفة السفير اللبنانية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى