مرق العظام غذاء تاريخي
كان مرق العظام يشكل جزءاً مهماً من الغذاء اليومي في الحضارات القديمة، إلى جانب استخدامه في عملية التداوي والشفاء من الأمراض. لكن الصناعات الحديثة دخلت على الخط وحرمت الناس شيئاً فشيئاً من هذا الغذاء السحري لمصلحة مكعبات وعبوات الدجاج واللحوم المصنعة التي تحتاج إلى قاموس لتفسير محتوياتها.
ويحضَّر المرق من سلق العظام على حدة. في الماء وخل التفاح وإضافات أخرى يتم اختيارها. على نار خفيفة لمدة تراوح بين 4 ساعات و24 ساعة مثلما كان يفعل الأقدمون.
ويضفي مرق العظام نكهة لذيذة على الكثير من الأطباق. وتصنع منه مآكل شهية تتميز بدسامتها ورائحتها النفاذة.
ومرق العظام مصدر جيد لكثير من العناصر الضرورية للصحة، أهمها:
– باقة من المعادن على رأسها الكالسيوم، والمغنيزيوم، والفوسفور، والسيليكون، والكبريت وغيرها.
– مادة الجيلاتين الناتجة من تكسر مادة الكولاجين التي توجد بوفرة في العظام والغضاريف والأربطة والأوتار. وتضم مادة الجيلاتين ثلاثة أحماض أمينية هي الغليسين، والبرولين، والأرجينين.
فالأول يساعد الجسم على التخلص من السموم ويحسّن عمل الجهاز الهضمي وينظّم إفرازات الكبد والمعدة وعملية النوم.
أما الثاني فيلعب دوراً بارزاً في الوقاية من الإصابة بتصلب الشرايين.
أما الثالث، أي الأرجينين، فهو ضروري لالتئام الجروح وعمل الكليتين. وتساهم مادة الجيلاتين في تعزيز وجود الجراثيم النافعة في الأنبوب الهضمي ما يحسّن من أدائه.
– يضم مرق العظام مادتين مشهورتين هما سلفات الكوندروتين، وسلفات الغلوكوزامين، وتباع هاتان المادتان كمكملات غذائية لعلاج بعض المشكلات في المفاصل. فهناك معطيات تشير إلى أن مادة سلفات الكوندروتين يمكن أن تساعد المصابين بمرض الروماتيزم في التخفيف من معاناتهم من خلال إصلاح الغضاريف التالفة بين المفاصل المختلفة. أما سلفات الغلوكوزامين فقد نوهت بحوث بأهميتها في علاج مرض التهاب المفاصل الاستحالي (الأرتروز) بتخفيف الآلام الملازمة للمرض وتحسين حركة المفصل المصاب.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، نسوق هنا ما يشاع عن مرق اللحم، فمن المفاهيم المتعارف عليها شعبياً أن هذا المرق يضم كل خلاصات اللحم ومعظم فوائده، ولهذا نرى السيدات يعكفن على إطعام مرضاهن من الصغار والكبار المرق المكثف بعد سلق كمية كبيرة من اللحم على نار هادئة لفترة طويلة، زعماً أنه كلما طال السلق تغلغلت مكونات اللحم في المرق، وهذا غير صحيح، فمن المعروف أن اللحم يتألف أساساً من مواد بروتينيـــة وهذه لا تتــفكك ولا تنـــحل بالــسلق بل تبقى على حالها، من هنا لا قيمة غذائية مهمة لهذا المرق كونه لا يضم سوى بعض الأملاح المعدنية المنحلة وقليل من القطرات الدهنية.