مسباران يجوبان الفضاء منذ 40 عاما لإيصال رسالة خالدة
مسباران يجوبان الفضاء منذ 40 عاما لإيصال رسالة خالدة…قبل أربعين عاما انطلق المسباران الأميركيان “فويجر 1″ و”فويجر 2” من قاعدة كاب كانافيرال في كاليفورنيا حاملين رسالة سلام إلى أي حضارة في الكون قد تلتقطهما، وهما اليوم أبعد جهازين من صنع البشر عن الأرض. ويقول اد ستون المدير العلمي للمشروع “حين أطلقنا المسبارين قبل أربعين عاما لم نكن نتوقع أن يعمل كل شيء كما يجب وأن تتواصل المهمة” إلى هذا الوقت.
في العام 1977، لم يكن في حوزة العلماء معلومات كبيرة عن أبعد كواكب المجموعة الشمسية عن الأرض، لكن هذين المسبارين جمعا من البيانات ما شكّل ثورة في علم الفضاء. هذه الأهمية العلمية ليست وحدها ما يميّز المهمة، بل الرسالة التي سجّلت على أسطوانتين ذهبيتين وضعتا في المسبارين على أمل أن تلتقطها يوما مخلوقات ذكية تعيش في مكان ما من الكون.
وتحمل الأسطوانتان معلومات أساسية عن البشرية وبعض المؤشرات التي تدلّ على موقع الأرض في الكون.
عوالم جديدة
ومن المعلومات المسجّلة، أصوات تتردّد على كوكب الأرض، منها صوت حيتان، وأغنية روك، وموسيقى لباخ، وأنغام تقليدية من أستراليا والبيرو واليابان. وتتراوح المعلومات أيضا بين المعادلات الرياضية إلى صورة لسيدة ترضع طفلا، ومشهد لمطار وآخر من داخل مصنع.
يعود الفضل في هذه الفكرة الحالمة إلى رائد الفضاء كارل ساغان الذي اشتهر بفضل برنامج تلفزيوني لتعريف الجمهور على علوم الفضاء قدّمه في الثمانينيات.
في العشرين من اغسطس/آب 1977، أطلق “فويجر 2” من الأرض، وفي الخامس من الشهر التالي أطلق “فويجر 1” لكن في مسار أقصر وأسرع جعله يبتعد أكثر من شقيقه عن الأرض. وبعد أربعة عقود من سبر أغوار الفضاء المجاور بسرعة تصل اليوم إلى 17 كيلومترا في الثانية، اجتاز “فويجر 1” تخوم المجموعة الشمسية وخرج من نطاق تأثير الشمس.
وكُتب لهذه المهمة الرائدة في تاريخ الإنسانية أن تستمر حتى الآن رغم كل ما كان يمكن أن يطيح بها، من اجتياز المسبارين لهذه المسافة الهائلة في المقاييس البشرية، والضئيلة في المقاييس الكونية، من دون حوادث، وأيضا من مشكلات في التمويل جعلت مهندسيها يعتمدون على تقنيات بسيطة منها لفّ الأسلاك بأوراق معدنية تستخدم في المطبخ لحمايتها من الإشعاعات.
حبة غبار في الكون
تمكن المسباران من جلب معلومات قيّمة للعلماء عن المجموعة الشمسية، بدقّة لا سابق لها، ومنها صور كانت الأولى للبقعة الحمراء الكبيرة في كوكب المشتري وهي زوبعة هائلة تهب منذ قرون في هذا الجرم الأكبر بين الأجرام التي تدور حول الشمس، لطالما أثارت فضول العلماء.
ويقول آلان كومينغز وهو أحد الباحثين الذين عملوا في هذه المهمة منذ العام 1973 “كانت تلك الصور أفضل نوعية من أي تلسكوب أرضي”.
ومن الأمور التي كشفتها المهمة وجود براكين على سطح أحد أقمار المشتري، وبعض المؤشرات على وجود محيط مائي تحت سطح قمر آخر له، وهو ما أثبت لاحقا، ووجود فوارات مياه ساخنة وبخار في أحد أقمار نبتون.
أعاد هذان المسباران صياغة كتب علوم الفضاء، وأحدثا ثورة في دراسة الكواكب، وفقا لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا).
رحلة لن تنتهي
في العام 1990، طلب كارل ساغان أن يلتقط “فويجر 1” صورة للأرض من المسافة التي كانت تفصله عنها البالغة ستة مليارات و400 مليون كيلومتر. وظهرت الأرض في تلك الصورة نقطة صغيرة، وكأنها حبة غبار في شعاع ضوئي.
واليوم باتت المسافة الفاصلة بين “فويجر 1” والأرض عشرين مليارا و90 مليون كليومتر، وهو خرج في العام 2012 من حدود المجموعة الشمسية. ويستغرق الضوء ليقطع هذه المسافة 12 ساعة وعشرين دقيقة.
سيواصل المسباران عملهما حتى العام 2020، في نقل المعلومات والصور إلى الأرض، بعد ذلك تنفد طاقتهما، ويهيمان في الكون الرحيب على أمل أن تمسك بهما حضارة ذكية وتقرأ في أسطوانتيهما قصة الإنسان على كوكب الأرض.