تحليلات سياسيةسلايد

مستشار إردوغان.. يجب وضع حلب تحت الإدارة التركية

مع اتّهامات المعارضة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان بعدم الجدية في التعامل مع الملف السوري ووضع خطة عاجلة للمصالحة مع دمشق لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، جاء اقتراح ياسين أكطاي، مستشار إردوغان، ليؤكد صحّة التّشكيك في نيات الأخير وحساباته الخاصة بسوريا.

قال أكطاي، الذي كان صديقاً مقرّباً جداً إلى الصحافي السعودي الراحل جمال خاشقجي الذي قُتل في القنصلية السعودية في إسطنبول: “لضمان العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم، يجب أن توضع مدينة حلب تحت الإدارة التركية لمرحلة انتقالية”.

وأشار أكطاي، في حديثه إلى قناة “أولكا” الموالية للرئيس إردوغان، إلى “أهمية الحوار بين تركيا والنظام السوري”، وقال: “يعرف الجميع أن مدينة حلب التاريخية العريقة، وهي ثاني أكبر مدينة في سوريا، كانت تحت سيطرة الجيش الحر والثوار والمعارضة، ولكن بفضل الدعم الإيراني والروسي استطاع نظام الأسد أن يسيطر عليها، بعدما قام بمجازر كبيرة جداً. ولولا تدخل تركيا آنذاك، لقام النظام بمجازر دموية أعظم منها”.

وأضاف: “لذلك، لا بد من أن يكون لتركيا دور في تحقيق الأمن في المدينة وجوارها، حتى يتسنى لنا إعادة مليون ونصف مليون، وحتى مليونين، من اللاجئين إلى المدينة طوعاً، وهو ما لن يتحقق إلا بعد التوصل إلى حلّ سلمي للأزمة السورية بمشاركة الشعب السوري”.

حديث أكطاي أثار اهتمام وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي التي قالت إنه كشف النيات الحقيقية للرئيس إردوغان بدعوته الرئيس بوتين كي يجمعه بالرئيس الأسد بعد الاجتماع الأخير لوزيرَي الدفاع السوري والتركي في موسكو بحضور وزير الدفاع الروسي.

ورأى البعض أنّ كلامه هذا رسالة موجّهة من أنقرة إلى المعارضة السورية بكلِّ فصائلها، بما فيها “هيئة تحرير الشام”، بعد المعلومات التي تحدثت عن مساعي أنقرة لإقناعها بجدوى المصالحة المحتملة مع دمشق، وهو ما بدأت به هذه المعارضة بعد لقاء قياداتها وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو الأسبوع الماضي.

الصّحافي محمد علي جوللار ذكَّر “بالشّعار الذي رفعته الأوساط القومية في بدايات التدخل التركي في الشمال السوري، وهي تتحدث عن ضمّ هذه المنطقة إلى تركيا، باعتبارها كانت جزءاً من خارطة الميثاق الوطني لعام 1920، كما أعلنت حلب الولاية رقم 82 لتركيا الحالية”.

يبدو أنَّ تصريحات أكطاي وتفاعل الإعلام معها سيبقيان حديث الشارع التركي خلال المرحلة القادمة ما دام الملف السوري بكل عناوينه الرئيسية والفرعية سيكون الموضوع شبه الرئيسي للحملات الانتخابية القادمة، بعدما بات واضحاً أن هذا الملف، وخصوصاً موضوع اللاجئين السوريين في تركيا، سيؤثر في قرار الناخب التركي عندما سيصوّت للرئيس إردوغان أو منافسه المحتمل كمال كليجدار أوغلو.

يفسر ذلك قيام سلطات الأمن بمداهمة مركز لتجمع اللاجئين السوريين في إحدى ضواحي إسطنبول، الذين كان حزب الشعب الجمهوري يستعد لترحيلهم إلى سوريا برضاهم، وقامت السلطات المذكورة بنقلهم إلى مكان مجهول حتى لا يلتقيهم كليجدار أوغلو قبل مغادرتهم إسطنبول باتجاه الحدود السورية.

كلّ ذلك مع استمرار الرهان على المعلومات التي تحدَّثت قبل فترة عن تردد الرئيس السوري الأسد في المصالحة مع إردوغان قبل الانتخابات القادمة التي من المحتمل أن تكون أواسط أيار/مايو المقبل، في الوقت الذي تستمرّ الضغوط الروسية والخليجية على الطرفين لتحقيق هذه المصالحة بأسرع ما يمكن.

وتوقّع الصحافي عمر آوداميش “للصّورة التي ستجمع إردوغان والرئيس الأسد أن تؤثر في نفسية الناخب، إذ سيقول له الرئيس التركي إنَّ المصالحة مع دمشق ضرورية للقضاء على الإرهاب، الذي يقصد به العمال الكردستاني وذراعه السورية وحدات حماية الشعب، من دون أن يتطرق إلى مسلحي المعارضة السورية، وهم إرهابيون بالنسبة إلى دمشق”.

واستبعدت أوساط المعارضة أن يلبي إردوغان المطالب السورية، وقالت إن ذلك سيكون بعد الانتخابات وليس قبلها، باعتبار أنه سيشكل أزمة أمنية في الشمال السوري والداخل التركي، وخصوصاً إذا فشلت أنقرة في إقناع جبهة تحرير الشام بأهمية هذه المصالحة وضرورتها، بما في ذلك الحرب معاً ضد الميلشيات الكردية شرق الفرات، في مقابل مزايا وامتيازات تعترف بها تركيا لمقاتلي الهيئة وقياداتها التي يتحدث الإعلام منذ فترة عن حوارها الساخن مع واشنطن.

وتتحدث المعلومات عن زيادة واشنطن دعمها العسكري لوحدات حماية الشعب الكردية لمواجهة أي حرب قادمة في المنطقة وضد الجيشين السوري والتركي في حال المصالحة المشتركة.

يسعى الرئيس إردوغان لتبرير هذه المصالحة لأتباعه وأنصاره من خلال الحديث عن ضرورة القضاء على الإرهاب في تركيا وشمال سوريا، الذي يقصد به حزب العمال الكردستاني وذراعه السورية وحدات حماية الشعب الكردية، التي دخلت بدورها على خط السياسة الداخلية في تركيا عندما أعلنت الرئيسة المشتركة لحزب الشعوب الديمقراطي، الجناح السياسي للعمال الكردستاني، قرار الحزب المشاركة في الانتخابات القادمة بمرشحه الخاص، وهو ما يضع “تحالف الأمة” المعارض وجهاً لوجه أمام أزمة جديدة في المنافسة مع إردوغان، الذي قد ينتصر على مرشح المعارضة ما لم يحظَ بدعم الكرد.

لم يمنع هذا الحساب المحكمة الدستورية العليا من النظر في قضية حظر نشاط حزب الشعوب الديمقراطي قبل نهاية الأسبوع الجاري، بعدما جمدت قبل 3 أيام المساعدات التي تقدمها الخزانة به، وفق قانون الانتخابات الذي يأمرها بدعم الحملات الانتخابية لكلِّ الأحزاب السياسية التي لديها كتل برلمانية، أي على الأقل 20 مقعداً.

ترشّح كلّ هذه المعطيات المعقّدة المرحلة القادمة في السياسة التركية الداخلية، ما دامت تتأثر بمستقبل العلاقة مع دمشق، لكثير من المفاجآت على صعيد العلاقات التركية السورية، التي ستكون تحت تأثير مباشر من موسكو وطهران وعواصم الخليج التي تمثلها أبو ظبي، والتي يقول الإعلام التركي إنها “مستعدة لدفع المليارات من الدولارات للطرفين السوري والتركي في مقابل موافقتهما على المصالحة النهائية وفق مزاجها ومزاج حلفائها، وهم كثر ومتناقضون”.

الميادين نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى