مستنقع اليمن ٢

ذكرت في مقالي الأخير عن سيناريو استدراج ايران للملكة العربية السعودية الى قلب اليمن ووصفته بمستنقع اليمن، حيث دخلت الحرب شهرها الخامس اليوم من دون اي نتائج على الارض تشير الى ان المعركة قد حُزم أمرها. لم يبعد كثيراً النائب اللبناني السابق الدكتور مصطفى علوش عن هذا التصور، حيث وصف حالة اليمن ب”فيتنام العرب” حسب ما ورد في جريدة المدن منذ مدة.

من المثير للجدل طلب دول “التحالف” بقيادة السعودية مؤخراً هدنة لوقف القتال في اليمن الذي يقابله رفض الحوثيين له متهمين السعودية بأنها تريد التقاط انفاسها كي تحشد المزيد من المقاتلين وفي هذا الصدد نشرت جريدة السفير اليوم في 27/7/15 ما يلي: “وكُتب في تغريدة نشرت على حساب يحمل اسم عبد الملك الحوثي: «الهدنة المرفوضة التي طلبها العدوان السعودي تريد متنفساً لتحشد الدواعش والقاعدة في عدن لقمع الثوار». وأضاف أنَّ «المعركة مستمرة والحرب لم تنته»، مؤكداً أنَّ «طرد مرتزقة العدوان السعودي.. من اليمن أمر محتوم».

لا شك ان الاتفاق الذي توصلت اليه ايران مع دول الخمسة+١ -وأبرز دوله الولايات المتحدة الأميركية- وتزامنه مع الأزمة الراهنة في الشرق الأوسط ليس صدفة، خصوصاً وان المفاوضات لم تبدأ من العام ٢٠١٣ لتتبلور الى ما آلت اليه اليوم ولكنها بدأت منذ أعوام وتحديداً من العام ٢٠٠٦. ومن بعض بوادر نتائجه هو طرح “الحل السياسي” في سوريا مؤخراً وحلحلة العلاقات الروسية الاميركية ولقاءات سعودية- سورية اتت مفاجئة للعديد من الناس ولكن ليس للمراقبين والمحللين السياسيين الذين توقعوا من مستنقع اليمن واتفاقية ايران بشأن التصنيع النووي (سواء اكان تصنيعاً سلمياً كما قالت وكررت ايران عدة مرات او تصنيعاً لاسلحة نووية كما ادعت امريكا) الوصول بالمملكة السعودية الى، التفاوض.

منذ ذلك العام –اي 2006- وإيران عرفت تماماً كيف تمسك بحبال الشرق الأوسط لتصل اليوم الى اتفاقية وصفها السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير “بانتصار جديد يضاف الى سجل المقاومة”. ومن جهة اخرى يعتبر الرئيس الأميركي باراك اوباما انه أيضاً “انتصر” وذلك باعتباره انه روض المارد الإيراني وجعله يلين ويوافق على تجميد مشروعه النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنه.

وهكذا، فإن ايران ستؤجل مشروعها في صناعة السلاح النووي لخمسة عشر عاماً تعيش خلالها في بحبوحة اقتصادية تخولها -حسب بعض التخمينات- الى التوسع في الشرق الأوسط وبسط سلطانها بشكل أقوى لا سيما في سوريا والعراق ولبنان واليمن. وهكذا فإننا سنرى تغييرات حقيقية في جغرافية وسياسة الشرق الاوسط فيها تموضع جديد للولايات الامريكية وروسيا ومعهما ايران.

كما نرى جلياً –وبصورة متوازية للتموضع السياسي الجديد- ربط الاسلام السني بالارهاب ولذا محاربته عالمياً بينما –ومن جانب آخر- يبدو وكأن الميليشيات الإيرانية في دول العرب لم تعد ارهابية بنظر الاعلام الغربي، ويأتينا اوباما بذريعة الاٍرهاب كي يبرر عدم مساندته للمعارضة السورية مثلاً وعدم رضاه الكامل عن المملكة العربية السعودية في معركة الحزم التي قادتها نحو اليمن.

في نفس الوقت نجد تركيا تتصارع بينها وبين نفسها حول الوضع الجديد ولا بد انها قد بدأت تعيد حساباتها في حربها ضد النظام السوري خصوصاً بعد تصريحات جديدة لمسؤولين اتراك تشير عن انه لا بد من مد ايادي التواصل مع الدولة السورية من جهة ومن جهة اخرى، انفجار سوروتش مؤخراً وهو الذي –على ما يبدو من مواقف تركيا- انه سيكون قميص عثمان لشن حرب على داعش. وهذا يرضي اميركا.

في مستنقع اليمن انجرفت السعودية وشركائها بينما كانت ايران تفاوض الدول على اقتصادها وتركيا تعيد حساباتها. اعتبرت السعودية انها قد أوقفت المد الإيراني في اليمن، فمن سيوقف ايران اليوم بعد “انتصارها” في برم اتفاقية تطلق يدها اقتصادياً؟

الدفة تميل نحو الدولة الاسلامية (الشيعية، غالباً) في ايران وامام الشعب العربي أياماً صعبة ستتعمق فيها الخلافات السنية الشيعية، والسنية السنية بين متطرف أهوج ومعتدل لا يرضى بالظلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى