افتتاحية الموقع

مسعى صيني للسلام وسط خطابين تصعيدييين

فؤاد شربجي

بعد عام على الحرب في أوكرانيا تتقدم الصين بـ (وثيقة للسلام) مؤلفة من 12 بنداً تشكل في جوهرها أساساً للتفاوض بين روسيا وأوكرانيا لوقف إطلاق النار وصناعة السلام بينهما. لذلك جاءت كـ (رؤية للحل) تعتمد سيادة وأمن الدول كل الدول واحترام ميثاق الأمم المتحدة والتحذير من استخدام السلاح النووي. روسيا رحبت وأوكرانيا أعلنت أن زيلنسكي سيلتقي الرئيس ، بينما أمريكا شككت وأوروبا طلبت إدانة روسيا قبل كل شيء.

‏تزامن طرح الوثيقة -الرؤية الصينية مع خطابين تصعيديين. الأول للرئيس بوتين والثاني للرئيس بايدن. وكلاهما بمناسبة مرور سنة على (الأزمة – الحرب – العملية الخاصة )  في أوكرانيا. وكلاهما – الخطابين – تصعيديين. بوتين أعلن انه ( لابد من انتصار روسيا)  بينما رد بايدن انه (لا يمكن أن نترك روسيا تنتصر) ، وكلاهما تعهد بتوفير كل ما يمكن من سلاح وعتاد وقوات واقتصاد والاستخبارات و و و ألخ لتحقيق انتصاره. وبين الخطابين التصعيديين أتت المبادرة الصينية كمسعى يفتح باباً يوقف التصعيد وهي تتلمس طريقة دبلوماسية للحل. من هنا أهمية وفراده هذا الطرح الصيني للأمن والسلم الدوليين ولمصالح الأمن القومي لكل من روسيا وأوكرانيا ومن ورائهما العالم الأوروبي الغربي و في كل الجهات…

‏فرادة الوثيقة – الرؤية الصينية. أنها ليست خطة تنفيذية لحل جاهز بل هي مجموعة مبادئ للنقاش والتطوير والإنضاج وصولاً إلى مبادرة للحل. أي أنها باب للحل وليست وصفة للعلاج. باب يدعو القوى المهتمة بالأمن والسلام والساعية لإنهاء الحرب في أوكرانيا ( الإمارات – والسعودية – وتركيا   ) إلى الإسهام فيها، وهذا ما يجعلها مبادرة صينية تدعو العالم للإنضواء معها في دفع طرفي النزاع (روسيا وأوكرانيا ) إلى إيجاد حل ينهي الكارثة ويعيد السلامة لأوروبا وروسيا والعالم.

‏وقوة الطرح الصيني تأتي من أن الصين هي القوة العالمية الوحيدة تقريباً القادرة على تفعيل حل بين روسيا وأوكرانيا لأنها على علاقة جيدة مع الطرفين، و لأنها ما زالت تتخذ موقف الحياد من الحرب بينهما، ولانها قوة مقتدرة وفاعلة في العالم. ورغم أنها تأخرت لعام كامل في طرح مبادرتها، التي ربما عمل الغرب على تأخيرها أو عرقلتها، فإنها مازالت قادرة على إنجاز إضاءة طريق وربما تعبيده باتجاه حل يوصل للسلام.

‏ما زال التفاعل الغربي مع الوثيقة -الرؤية الصينية مشككاً ولا يدعو للتفاؤل. إلا أن على الصين أن تتفاعل مع الساعين للسلام أمثال السعودية والإمارات وتركيا وغيرها لتزخيم فعالية طرحها و التحشيد الدولي حوله عبر طرحه في الأمم المتحدة لأن في ذلك تحفيزاً للقوى الأخرى التي ما زالت متردده. وربما يؤدي ذلك إلى حشر الغرب في زاوية لا يستطيع معها إلأ التعاطي و التعامل بما يرجح السلام ..

‏وإذا كان خطاب بوتين يعلن أن هدف حربه ( تأمين الأمن ضد التهديد والاستفزاز) وإذا كان بايدين يؤكد أن مواجهة الغرب لروسيا في أوكرانيا هدفها  (تأمين الحرية ضد الغزو والاستبداد ) فإن فحوى المبادرة الصينية  ( تأمين السلام المتضمن الأمن والحرية لجميع الدول ) .

فهل تنجح الصين بمبادرتها ؟؟ أم يتغلب التصعيد الحربي على نوايا السلام ؟؟

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى