مسلسلات القطاع العام المصري تواجه عجز التمويل وفشل التسويق

على رغم الإعلان عن دوران عجلة الإنتاج الدرامي في قطاعات الإنتاج الحكومية المصرية، متمثلة في مدينة الإنتاج الإعلامي وقطاع الإنتاج وشركة صوت القاهرة، يؤكد الواقع أن الأزمة المالية التي طاولت القطاعات الثلاثة منذ أكثر من خمسة أعوام لا تزال تلقي بظلالها على الوضع فيها، إذ إنها لا تزال عاجزة عن تحقيق موارد ذاتية من خلال أعمالها التي تنتجها أسوة بمسلسلات القطاع الخاص، وتنتظر الدعم والتمويل الذي يوجه إليها من وزارة المال، كما تواجه أزمة كبيرة في انصراف النجوم سواء من الكبار أو الشباب عنها نظراً لتدني الـمبالغ المالية التي ترصد للتعاقد معهم، أو التأخر في سدادها.

ويأتي في مقدمة هذه القطاعات الحكومية قطاع الإنتاج الذي تأسس عام 1989، وكان له اليد الطولى في تقديم عشرات المسلسلات الناجحة التي جسد بطولتها نجوم من مختلف الأجيال، وتنوعت ما بين التراجيدية والتاريخية والدينية والرومانسية والاستخباراتية والسير الذاتية وغيرها ومن بينها «ليالي الحلمية» ليحيى الفخراني وصلاح السعدني وصفية العمري، و «رأفت الهجان» لمحمود عبدالعزيز، و «الفرسان» لأحمد عبدالعزيز وجمال عبدالناصر ومادلين طبر، و «أبو حنيفة النعمان» لمحمود ياسين، و «نصف ربيع الآخر» ليحيى الفخراني وإلهام شاهين، و «جحا المصري» ليحيى الفخراني، و «بوابة الحلواني» لعزت العلايلي وسمية الألفي، و «أم كلثوم» لصابرين وكمال أبو رية وحسن حسني، و «السيرة الهلالية» لأحمد عبدالعزيز وجمال عبدالناصر ورياض الخولي، و «حديث الصباح والمساء» لليلى علوي وأحمد خليل وعبلة كامل ودلال عبدالعزيز، و «العائلة» لمحمود مرسي وليلى علوي، و «الحاوي» لفاروق الفيشاوي وإلهام شاهين وغيرها.

وتولى تأليف وإخراج هذه الأعمال كبار المؤلفين والمخرجين في مصر، مثل أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبدالحافظ ويحيى العلمي ومحفوظ عبدالرحمن ووحيد حامد وإنعام محمد علي ومحسن زايد ومحمد جلال عبدالقوي ويسري الجندي وحسام الدين مصطفى ومجدي أبو عميرة وأحمد صقر، إلى جانب مسلسلات «ألف ليلة وليلة» بأجزائها المتعددة، والفوازير الرمضانية التي قام ببطولتها سمير غانم ومن بعده نيللي وشريهان.

وبدأ القطاع في التراجع منذ تركه رئيسه الراحل ممدوح الليثي، واستمر التراجع في عهود الرؤساء التالين، وساهم في ذلك ابتعاد كبار النجوم والمؤلفين والمخرجين عن التعاون مع القطاع، خصوصاً أن شركات الإنتاج الخاصة تعرض عليهم مبالغ مالية كبيرة.

وعلى رغم الإعلان عن تنفيذ عددٍ من المسلسلات الجديدة للقطاع ومن بينها «رنين الصمت» لعلي عبدالخالق، و «الشيماء» لإبراهيم الشوادي، وغيرهما، إلا أنه لم ينفذ منها سوى «دنيا جديدة» لحسن يوسف وأحمد بدير وأحمد خليل وتأليف مصطفى إبراهيم وإخراج عصام شعبان، فيما يطارد المجهول الأعمال الجديدة، خصوصاً أن لا أموال في القطاع، كما أن المرشحين لبطولة المسلسلات، يصعب التسويق بأسمائهم إلى الفضائيات العربية، وسيقتصر عرضها على الفضائيات الأرضية التي لا يقبل عليها المعلنون كما حدث قبل عامين مع مسلسلي «أهل الهوى» لفاروق الفيشاوي وإيمان البحر درويش، و «طيري يا طيارة» لبوسي ومصطفى فهمي.

الوضع ذاته يتكرر مع شركة «صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات» التي تعد الأقدم في القطاعات الثلاثة، إذ أسسها الموسيقار الراحل محمد فوزي في 6 كانون الثاني (يناير) 1964، وقدمت العديد من الإنتاجات الغنائية والدرامية من بينها مسلسلات «محمد رسول الله» و «بنت الأيام» و «جمهورية زفتى» و «الشارع الجديد» و «الوتد» و «صباح الورد». ودخلت الشركة نفقاً مظلماً طوال الفترة الماضية بسبب أزماتها الإنتاجية، وهو ما أدى إلى توقف عدد من المسلسلات التي بدأت تصويرها. وعلى رغم الحصول على مبلغ استكملت به أخيراً تصوير مسلسلي «ماريونيت» لمجدي كامل وسوزان نجم الدين وإبرهيم يسري، والجزء الثاني من «الضابط والجلاد» الذي حمل عنوان «ولاد السيدة» لطارق لطفي ومحمد كريم، إلا أن مسؤولي الشركة لا يزالون في انتظار التمويل من أي جهة حكومية، وهو ما يعد أمراً مستحيلاً خصوصاً أن أعمال الشركة لا يتم تسويقها وبالتالي تحقق خسائر كبيرة.

أما مدينة الإنتاج الإعلامي التي تعد الأحدث من حيث الإنشاء، إذ تأسست عام 1997، وعوّل عليها آمالاً عريضة، كونها كانت الأقدم عربياً، ونفذت العديد من المسلسلات في السنوات الخمس الأولى، وتعاقدت مع عشرات النجوم والمؤلفين والمخرجين على تنفيذ أعمال جديدة مستغلة وجود عشرات الاستوديوات الداخلـــية والخارجية لديها، إلى جانب أحياء خارجية كاملة للتصوير منها الإسلامي والريفي والإسكندرية وعماد الدين وغيرها، إلا أن المدينة شهدت تراجعاً كبيراً في الإنتاج الدرامي المباشر منذ حوالى عام 2005. ويقتصر نشاطها على الدخول في شراكة بنسبة لا تتجاوز 20 في المئة مع بعض شركات الإنتاج الخاصة، كما حدث هذا العام مع مسلسلات «ألوان الطيف» للقاء الخميسي وفريال يوسف وأحمد وفيق وعبير صبري، و «حواري بوخارست» لأمير كرارة وتأليف هشام هلال وإخراج محمد بكير، و «مملكة يوسف المغربي» من إخراج عادل الأعصر، أو تأجير استوديواتها للأعمال الأخرى.

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى