مسلسل الكندوش : حشد من النجوم لا ضرورة درامية لهم !
رغم العمل بدأب الذي قام به الممثلون الرئيسيون ونجحوا، (وهذا التقييم حق لهم وللمخرج)، فإن كل ذلك لم يستطع حمل الترهل الكبير في النص الذي جعل مسلسل (الكندوش) يستمر في عدم تقديم نفسه بما يليق مع الحاجة إلى دراما بيئة شامية راقية، حتى وإن حمل كاتبه الفنان المحبوب حسام الدين تحسين بك نوايا طيبة.
فالنص ممطوط إلى درجة الترهل، والمفاصل الأساسية فيه تعبت من حمل التفاصيل الباهتة لإيقاع حياة مفتعلة في حارة يدعي راسمها أنها نموذج لحارة شامية في أيام الاستعمار الفرنسي، تعيش باطمئنان لولا أن قض مضجعها (الحرامي) أكثر من الاستعمار الفرنسي.
نعم ، لم يتمكن كاتب النص من بناء تبرير منطقي لهذا (المط)، علما أنها في مهنة الكتابة عملية ضرورية تستدعي لعبة خلاقة ترفع مجموع الأحداث التي نشاهدها في الحلقات الثلاثين، وهنا يفترض أن يطلبها المخرج بإلحاح أو فسيواجه ضعفاً في منجزه إذا لم يعاد رسم ملامح جديدة لإيقاع مشاهد (الحشو) الطويلة.
ويمكن للمتبع أن يكتشف هذا الترهل حتى في نوعية العبارات التي استعيدت نفسها في غالبية المشاهد دون أدنى جهد لتحديث صيغ الحوار أو لايجاد مفردات بديلة، ونلاحظ ذلك في أداء النجمات الثلاث، وفي حوار بين الشخصية التي لعبتها سامية الجزائري مع ابنتها (شكران مرتجى) المكرر الباهت.
المخرج سمير حسين حاول حماية المسلسل
والغريب أن المخرج القدير سمير حسين الذي حاول حماية مسلسل (الكندوش) فعلاً من السقوط، من خلال (لعبة إخراج متكاملة) تطغى على (نص منقوص)، لم يتردد من أجل تحقيق هذه الحماية من استقطاب عدد كبير من النجوم، علما أن السياق الدرامي لا يحتاج إليهم بهذه السوية والتكلفة، كبنات عزمي (بك) تلك الشخصية التي يلعب دورها بنجاح الفنان الكبير أيمن زيدان، وهن : كندة حنا (أمل)، حلا رجب (نادرة)،رفيف إدريس (لطيفة) ، فإذا بهن يتقدمن بأشكالهن وأسمائهن دون دور درامي حقيقي بل إنهن كن يظهرن بأضعف أداء تمثيلي سببه التكرار وعدم نباهة الكاتب إلى خلق بناء درامي ولو بسيط بالنسبة لكل شخصية، وهذا صراحة أضر بسمعتهن في التمثيل.
حتى على صعيد الفنان أيمن رضا الذي تصدر اسمه شارات المسلسل، فقد أدى عشرات المشاهد المكررة، وهو يقطع الشارع لممارسة ثقل الدم على حسام تحسين بك الذي سينتهي المسلسل، ولم نتعرف بعد على سبب وجود هذا الخط الدرامي الذي يمكن حذفه من السياق دون أن يتأثر المسلسل. فهل لاحظتم تكرار المشاهد وتكرار العبارات.
في هذه الحالة من واجبنا أن نسأل : هل تمكن هذا الصخب من النجوم من حمل (النص) المتعب، أم لا؟ إضافة إلى سؤال أكبر يتعلق بأعمال البيئة الشامية، ومضمونه أنه إذا كان سوقها رائجاً، فلماذا تغشونها، لماذا لا تُقدم بأفضل صيغ لتبقى واحدة من بضائع الفن السوري الخالدة؟
وهذا موضوع آخر ، ملّ النقاد من الحديث فيه .
باختصار، كان يمكن لمسلسل الكندوش بهذه الإمكانات أن يرقى بنفسه فيقدم طبقاً معقولا في دراما رمضان، لو أن المعالجة الدرامية سعت إلى سد الثغرات، وهذا ليس عيباً، وقد اشتغل عليه مخرجون رواد مثل علاء كوكش وهيثم حقي وحاتم علي، فاستعانوا بأسماء مخضرمة مثل الدكتور نبيل الحفار، والشاعر ممدوح عدوان وغير ذلك من الأسماء، أو على الأقل ضغط المسلسل إلى أدنى حد ممكن.