مصادر بتل أبيب: إسرائيل تعيش حالةً من الكذب المنهجيّ على نفسها والآخرين وتُسّمي التعادل مع حماس انتصارًا

لخص كبير المُحلّلين السياسيين في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ناحوم بارنيع، الأحداث الأخيرة في المُواجهة التي وضعت أوزارها يوم الأربعاء الماضي قائلاً إنّ إسرائيل، قيادةً وشعبًا، تعيش في حالة كذبٍ مُنهجيٍّ ومُستمرٍ، لا تقول الحقيقة، لا لنفسها ولا للآخرين، على حدّ تعبيره.

بارنيع، ليس يساريًا، مع أنّ استخدام مصطلح اليسار الصهيونيّ يحمل في طيّاته إساءةً كبيرةً لليسار الحقيقيّ، فالرجل فقد ابنه في عمليةٍ فدائيّة بالقدس المُحتلّة، ولكنّه ما زال مُحافظًا على رباطة جأشه، عندما يلجأ إلى تحليل الأوضاع التي تمُرّ فيها “دولته”، وكيف يقوم قادة هذا الكيان المارق بالكذب على الجمهور وعلى أنفسهم، على حدّ تعبيره، ووفقًا له، فإنّ منسوب الكذب يرتفع عندما يتمحور الحديث عن العلاقة، إذا جاز التعبير، بين إسرائيل وحركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس)، ففي التقرير-التحليل الذي نشره أمس الجمعة في مُلحق الصحيفة الأسبوعيّ تحدّث إلى غادي يركوني، رئيس ما يُطلق عليه المجلس الإقليميّ “غلاف غزّة”، الذي يضمّ 32 مُستوطنة في جنوب الدولة العبريّة، يركوني، الذي بُترت رجليه في أخر يومٍ من عملية (الجرف الصامد)، صيف العام 2014، نتيجة إصابته بقذيفة هاون أُطلقت من غزّة قال للصحيفة: لا أدري ما الذي جرى في الجولة الأخيرة!!! الجيش الإسرائيليّ لم يُحقّق الردع الذي حدّثونا عنه، على حدّ تعبيره.

ولكن الأهّم من ذلك، أنّ يركوني، اليمينيّ والمُتطرّف جدًا، يقول بصريح العبارة في معرض ردّه على سؤال الصحيفة العبريّة: على إسرائيل أنْ تُجري مفاوضاتٍ مُباشرةٍ مع حماس، لا توجد أمامنا إمكانية أخرى، أنا أؤمن إيمانًا قطاعًا بأنّه إذا تحسّنت الأمور الإنسانيّة في قطاع غزّة، فإننّا سنحصل على الهدوء المنشود، ولكنّه في الوقت عينه يستدرك قائلاً: لا تغلط، إنّهم ليسوا بشرًا، ولكن من تجربتي في الحياة تعلّمت أنّه إذا قتلت عدّوًا، فإنّك تتلقّى مكانه عدّوًا أخطر وأسوأ منه، على حدّ وصفه.

وعودة إلى المُحلّل بارنيع الذي تندّر وسخر من تصريحات الوزراء التي شملت فيما شملت، اغتيال قادة حماس وإعادة احتلال قطاع غزّة، لافتًا إلى أنّه يبدو أنّ الله مع حماس، فلم يسقط أيّ قتيلٍ أوْ جريحٍ مع أنّ القصف الإسرائيليّ الأخير كان الأعنف منذ عملية “الجرف الصامد”، وقال إذا سألت الوزراء عمّا حققّه الجيش الإسرائيليّ في الجولة الأخيرة، يتهرّبون من الإجابة ويقولون إنّهم ولأسبابٍ أمنيّةٍ لا يُمكنهم الإفصاح عن أيّ شيءٍ يتعلّق بجولة العنف الأخيرة، كما أكّد.

وتابع قائلاً: في الجولة الأخيرة لم تُحقّق إسرائيل أيّ شيءٍ، لم تتمكّن من منع الجولة القادمة ضدّ حماس، وهناك شكوك كبيرة فيما إذا تمكّنت من تأجيلها، على حدّ تعبيره. المُحلّل بارنيع، الذي بطبيعة الحال اعتمد على مصادر سياسيّةٍ وأمنيّةٍ رفيعة المُستوى في تل أبيب، أكّد على أنّ الدولة العبريّة تعيش في حالة من الكذب الذاتيّ المُستمّر والمنهجيّ، فالقيادة السياسيّة في الدولة العبريّة، تابع، تصف المفاوضات غير المُباشرة مع حماس بعدم وجود مفاوضات، وبالإضافة إلى ذلك تعتبر التعادل الذي ميزّ الجولة الأخيرة من المُواجهة العسكريّة مع حماس انتصارًا.

ورأى بارنيع أنّه آن الأوان لأنّ تقول حكومة بنيامين نتنياهو الحقيقة للإسرائيليين، والحقيقة، بحسب المصادر التي اعتمد عليها المُحلّل المُخضرم، تتمثّل في أنّ إسرائيل ليست معنيةً بأيّ حالٍ من الأحوال بإسقاط حكم حماس في قطاع غزّة، لأنّ اختفاء حماس عن سُدّة الحكم، بحسب المصادر عينها، يعني أنْ تسود في القطاع حالةً عارمةً من الفوضى وعودة ما أسماه بالإرهاب إلى جنوب الدولة العبريّة، إنْ لم يكُن أيضًا إلى مركزها.

وساق قائلاً إنّ إسرائيل لا تُريد إعادة احتلال غزّة، لأنّها ليست معنيةً بتسلّم مقاليد السلطة هناك، ولكن من الجهة الأخرى، أضاف، فإنّ قيام الحكومة الإسرائيليّة بمنح أهالي قطاع غزّة التسهيلات لتحسين ظروفهم المعيشيّة ستجبي ثمنًا باهظًا من نتنياهو، والأخير لحساباته الضيّقة، وتحديدًا أنّ الانتخابات العامّة باتت على الأبواب، ليس مُستعدًا لدفع هذه الفاتورة، التي ستنعكس عليه سلبًا في صناديق الاقتراع، على حدّ قوله. وختم قائلاً: المواطنون والقادة في إسرائيل لا يفهمون حتى اللحظة لماذا تهافتت إسرائيل وبسرعةٍ كبيرةٍ على التوصّل لاتفاقٍ لوقف إطلاق النار مع حماس بوساطة المصريين، الطائرات الورقيّة ستُواصل حرق حقول الإسرائيليين، على حدّ قوله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى