مصادر رفيعةٍ بتل أبيب: روسيا والكيان وقّعا على مُذكّرة تفاهمٍ لترتيب الاعتداءات الإسرائيليّة بسوريّة
غُداة العدوان الإسرائيليّ فجر أول أمس السبت على سوريّة، دأبت مصادر أمنيّة وُصفت بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، دأبت على تسريب معلوماتٍ جديدةٍ عن العلاقات بين كيان الاحتلال وبين روسيا، زعمت فيها أنّه تمّ التوقيع على مُذكّرة تفاهم بين موسكو وتل أبيب بموجبها تسمَح روسيا لإسرائيل بشنّ هجماتٍ عدوانيّةٍ في الأراضي السوريّة، مُقابل قيام تل أبيب بإبلاغ الروس في وقتٍ مُبكّرٍ قبل موعد الهجوم، بالإضافة إلى تحديد مواقع الهجوم أوْ العدوان، بحسب ما أكّدت المصادر الأمنيّة لمُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أليكس فيشمان، علمًا أنّ كيان الاحتلال لم يُعلِن حتى اللحظة مسؤوليته عن العدوان الأخير أول أمس السبت.
وشدّدّت المصادر عينها على أنّه بدون توقيع مُذكّرة التفاهم أنفة الذكر بين قائدي الجيشين الإسرائيليّ والروسيّ لما كان من المُمكِن لسلاح الجوّ التابِع للكيان تنفيذ الهجوم الـ”منسوب” (!) لإسرائيل فجر أالسبت بحسب التوقيت المحليّ لفلسطين، والعدوان الذي تمّ تنفيذه قبل حوالي الشهر، وفقًا للمصادر في تل أبيب، مُشيرةً أيضًا إلى أنّ مذكّرة التفاهم الروسيّة-الإسرائيليّة شبيهة بمذكرتي التفاهم اللتين وقعتهما موسكو مع كلٍّ من واشنطن وأنقرة لمنع الاحتكاك بين الجيوش الفاعلة على الأراضي السوريّة، بحسب تعبيرها.
عُلاوةً على ذلك، أوضحت المصادر ذاتها للصحيفة العبريّة أنّ المطلب الروسيّ لم يكُن قائمًا في الماضي، ولكنّه طفا على السطح بعد إسقاط الطائرة الروسيّة ومقتل جميع أفرادها بالقرب من مدينة اللاذقيّة في سوريّة، الأمر الذي دفع القيادة الروسيّة لاتهام إسرائيل بالمسؤوليّة عن الحادث، الذي وقع في شهر أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، وأدّى إلى “أزمةٍ” دبلوماسيّةٍ بين البلدين، استمرّت عدّة أشهرٍ، رفض خلالها الرئيس الروسي بوتن استقبال رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، على الرغم من الطلبات المُتكرّرّة من الأخير لعقد اجتماعٍ مع بوتن.
بالإضافة إلى ذلك، ساقت المصادر قائلةً إنّ القائد العام السابِق لجيش الاحتلال، الجنرال غادي آيزنكوط، توصّل لاتفاقٍ مع نظيره الروسيّ حول عدم الاحتكاك في سوريّة، وذلك في نهاية العام 2015 عندما زار موسكو برفقة رئيس الوزراء نتنياهو، ولكنّ إسرائيل رفضت التوقيع على الاتفاق، ووعدت الروس بتنفيذه بحذافيره، كما أنّه مع مرور الأيّام تبينّ للروس، واصلت المصادر ذاتها، تبينّ لهم أنّ إسرائيل لا تقوم بتنفيذ بنود الاتفاق، كما اتهموها بالكذب والهراء، ومع ذلك لم يصل الأمر إلى حدّ مطالبة إسرائيل بالتوقيع على مُذكّرة التفاهم المذكورة، كما أكّدت المصادر الرفيعة في تل أبيب.
ولكن، تابعت المصادر قائلةً، بعد إسقاط الطائرة الروسيّة، تحوّل الموقف الروسيّ وبدأت موسكو تُطالِب إسرائيل بالتوقيع على مذكّرة التفاهم، القاضية بإبلاغ الروس مُسبقًا بموعد الهجوم، بالإضافة إلى إخبارهم بمكان الهجوم الذي تعتزِم الدولة العبريّة تنفيذه ضدّ أهدافٍ على الأراضي السوريّة، وحاولت تل أبيب التملّص من تنفيذ المطلب الروسيّ، كما زعمت المصادر، لأنّ التوقيع على مذكّرة التفاهم، كما طلب الروس، من شأنه أنْ يُلحِق أضرارًا عملياتيةً بسلاح الجوّ الإسرائيليّ خلال غاراته على المواقع المُستهدفَة في بلاد الشام، على حدّ قول المصادر.
وتابع المُحلّل الإسرائيليّ قائلاً إنّه بُعيد زيارة نتنياهو قبل الأخيرة إلى موسكو في نهاية شهر شباط (فبراير) من العام الجاري، نقلت وكالة الأنباء الروسيّة (رايا) عن دبلوماسيٍّ روسيٍّ رفيعٍ قوله إنّ صُلب المحادثات بين الرئيس بوتن وبين رئيس الوزراء الإسرائيليّ نتنياهو تمحور حول المطلب الروسيّ لتوقيع مُذكّرة التفاهم بين البلدين لمنع الاحتكاك بين الجيشين العاملين في سوريّة، وعلى ما يبدو، شدّدّ المُحلّل فيشمان، فإنّه في زيارته الأخيرة إلى موسكو مطلع الشهر الجاري لاستعادة رفات الجنديّ الإسرائيليّ، زخاريا باومِل، الذي كان مفقودًا منذ معركة سلطان يعقوب في حرب لبنان الأولى، تمّ تسجيل تقدمًا جوهريًا ومفصليًا في المفاوضات بين الطرفين، وعبّرت إسرائيل عن فهمها وتفهمها للمطلب الروسيّ للتوقيع على مُذكرّة التفاهم.
ونقل المُحلّل عن مصادره الأمنيّة في تل أبيب إنّ الروس، وكاعترافٍ بالجميل الذي قدّمته إسرائيل بمُوافقتها على توقيع مّذكّرة التفاهم، ألقوا على حلفائهم السوريين مفاجأةً من العيار الثقيل عندما قاموا، وفي حفلٍ عسكريٍّ رسميٍّ، بتسليم رفات الجنديّ باومِل لنتنياهو خلال زيارته إلى موسكو عشية الانتخابات العامّة في إسرائيل، والتي جرت يوم الثلاثاء الماضي، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ الروس لا يقومون بتنظيم حفلاتٍ من هذا القبيل حتى عندما يقومون بإعادة جثت جنود روسيين، الأمر الذي يؤكّد على أنّه لا توجد هدايا مجانيّة، بحسب المصادر الإسرائيليّة الرفيعة.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية