مصر: التضخم قد يصل إلى 24 %
بدأ صباح الأحد التطبيق العملي لقرار المصرف المركزي بتحرير سعر الصرف، وبدأت المصارف المصرية، تطبيق آلية «الانتربنك» التي أقرها المصرف المركزي الخميس الماضي ضمن قرار تحرير سعر الصرف.
وبموجب آليات التداول التي بدأ تطبيقها، يجري تداول الدولار بين المصارف، لسدّ الاحتياجات وتوزيع الفوائض، وفقاً لسعر متوسط تجدده المصارف العاملة في مصر في ما بينها بناء على العرض والطلب.
وبحسب وكالة «رويترز»، فإن قيمة تداولات الدولار في سوق ما بين المصارف في مصر بلغت 235 مليون جنيه مصري، ما يساوي 15.8 مليون دولار أمس الأحد، فيما بلغ أعلى سعر للدولار 16.55 في أول يومٍ للتداول الحر بين المصارف في مصر منذ تحرير سعر الصرف، مرتفعاً بذلك عن آخر طرح قدمه المصرف المركزي عقب تحرير سعر الصرف الخميس، والذي سجل فيه الدولار 14.30 جنيها، مع توقعات مراقبين بارتفاعات أخرى.
ويتوقع مراقبون أن يستمر الأثر التضخمي خاصةً على السلع الأساسية نتيجة تحرير سعر الصرف، كما سيؤدي إلى رفع تكلفة استيراد السلع الاستراتيجية، ما سيضغط على الموازنة العامة للدولة.
ويقول محمد جاد، الباحث الاقتصادي في «المركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية»، لـ «السفير» إن «تراجع الدولة عن توفير الدولار بسعر 8.87 الذي كانت توفره للواردات الاستراتيجية سينعكس بالطبع على تكاليف الاستيراد، ويأتي هذا التراجع زيادةً طفيفة في قيمة دعم بطاقات التموين بثلاثة جنيهات، وعزمها أيضاً على حذف مليون مواطن من بطاقات التموين تحت مسمى تنقية بطاقات الدعم».
ويضيف جاد أن «توسيع قاعدة المستحقين لمعاشات تكافل وكرامة قد يعد أمراً إيجابياً، لكن ستظل معدلات الاستهلاك للقاعدة الواسعة من المواطنين تحت ضغط، مع تزامن قرارات التعويم وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وزيادة أسعار الوقود والكهرباء التي ستؤثر تأثيرا بالغا على معدلات التضخم حتى نهاية العام، في ظل ضعف شبكة الأمان الاجتماعي حيث لا يعتمد قطاع واسع من المصريين على التأمين الصحي الحكومي لضعف مستوى خدماته وتتعرض أسعار الدواء لضغوط توفير العملة الصعبة، كل ذلك يُقللّ بشدة من أي أثر إيجابي للإجراءات الاجتماعية التي تعلن عنها الحكومة».
وبينما يُقلل خبراء من الأثر التضخمي لقرار تحرير سعر الصرف، إلا أن أثر قرار رفع الوقود أثّر فورا على الأسعار، حيث تقول ريهام الدسوقي، كبيرة المحللين في مصرف الاستثمار الإماراتي لـ «السفير» إن «الحديث عن الأثر التضخمي لتحرير سعر الصرف فيه الكثير من المبالغة. فالسلع المستوردة أو التي بها مكوّن مستورد كانت تمول عبر السوق السوداء وليس السعر الرسمي، لذا فارتفاع الأسعار الناجم عن رفع سعر الصرف تحقق بالفعل وأصبح من الماضي. حتى بالنسبة للسلع الأساسية والاستراتيجية، فإن الدولة هي من سيتحمل فارق الأسعار لا المواطن، كذلك الدولار له تسعيرة جبرية ولن تتغير سوى بقرار من وزارة الصحة».
وتضيف الدسوقي ان «التضخم بدأ يحدث بالفعل بسبب قرار رفع أسعار الوقود. والتأثير المباشر لرفع أسعار الوقود سيكون ارتفاع الأسعار بنسبة تتراوح بين 18 و20 في المئة. ولكن مع نهاية العام، سترتفع النسبة إلى 22 إلى 24 في المئة بسبب رفع أسعار الدولار والذي يستخدم في نقل البضائع بنسبة تزيد على 30 في المئة».
وعلقت الدسوقي على اليوم الأول للتعامل وفق آليات تحرير سعر الصرف، معتبرة أن «التطورات ستسير ببطء، لأن المصارف تعاني من نقص العملة الأجنبية، والأولوية توفير السيولة للاعتمادات المتأخرة يليها توفير سيولة للأفراد. كما أن رفع القيود عن التعامل على البطاقات المصرفية يؤدي إلى طمأنة الأفراد. ومن ناحية أخرى، لم تظهر بعد استجابة الأفراد للأوعية الادخارية الجديدة التي طرحتها المصارف بفائدة مرتفعة تصل إلى 20 في المئة بعد رفع المصرف المركزي لسعر الفائدة. والاستجابة لهذه الأوعية الادخارية ستقلل بشدة ظاهرة الدولرة وتجعل مكتنزي الدولار يحولون مدخراتهم لودائع بالجنيه. كما أن تعامل المصارف بآلية الإنتربنك سيظهر حجم السيولة الحقيقية للمصارف وحجم التداول».
وكان المصرف المركزي المصري قد أصدر قراراً صباح الخميس الماضي بتحرير سعر الصرف وتركه للعرض والطلب. وحدد سعراً استرشادياً مؤقتاً للمصارف بـ13.05 جنيها للدولار. وطرح عطاءً بحوالي 100 مليون دولار ظهر في اليوم ذاته بسعر 14.30 جنيها للدولار.
وبدأت المصارف تتعامل منذ الخميس الماضي وفق آليات العرض والطلب من دون الالتزام بأسعار محددة للدولار. وتراوح سعر الدولار في المصارف بين 14.5 إلى 16 جنيها للشراء والبيع على التوالي، قبل أن يبدأ تطبيق آلية الإنتربنك الأحد والتي ستؤدي إلى تقليص فارق سعر الدولار بين المصارف المختلفة.
وبدأت أمس البورصة المصرية تعاملاتها بارتفاع، متأثرةً بتطبيق القرارات الاقتصادية الجديدة، إذ قفز مؤشرها الرئيسي بنسبة 2.7 في المئة في بداية تعاملات أمس. بينما بدأت أسعار المواصلات والسلع والخدمات تتأثر سريعاً منذ يوم الجمعة الماضي بالقرارات الاقتصادية.
وفيما لاقت القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الخميس ترحيباً من رجال الأعمال، أعلن عدد من الأحزاب السياسية، مثل حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» وحزب «مصر القوية» وحزب «العيش والحرية» وعدد من القوى والحركات السياسية احتجاجهم على تلك القرارات.
إلى ذلك، تخلّفت شركة «أرامكو» السعودية عن تصدير ما تحتاجه مصر من مُشتقّات النفط لشهر تشرين الثاني، وذلك للشهر الثاني على التوالي.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة البترول المصرية حمدي عبد العزيز في حديث لصحيفة «الوطن» المصرية الخاصّة أن شركة «أرامكو» السعودية لم تُرسل شحنات مشتقّات النفط الخاصّة بالشهر الحالي، قائلاً «لم تُبلّغ مصر بمصير تلك الشحنات البالغة 700 ألف طن شهرياً لسدّ احتياجات السوق المحلية من الوقود، وذلك للشهر الثاني على التوالي»، مُوضحاً أن «أرامكو» دأبت، خلال الأشهر الماضية، على إبلاغ مصر بموعد إرسال الشحنات.
وأضاف في حديث آخر لصحيفة «المصري اليوم» أن الوزارة تعاقدت على تغطية احتياجات البلاد من البنزين والسولار للشهر الحالي من السوق العالمية، مؤكداً أنه «لم يصدر حتى الآن تأكيد أو نفي من شركة أرامكو السعودية بشأن استئناف شحن منتجاتها إلى مصر في تشرين الثاني الحالي».
من جهتها، قضت محكمة جنح قصر النيل برفض استئناف النيابة العامة على حكم براءة 52 متهماً في قضية التظاهر في 25 نيسان احتجاجا على اتفاقية تعيين الحدود مع السعودية، وقضت بتأييد براءة المتهمين.
صحيفة السفير اللبنانية