مصر … السلفيون من خطبة المنبر إلى السلاح (إعداد: محمد الحمامصي)

 

إعداد: محمد الحمامصي

السلفيون رفضوا جماعة ‘الإخوان المسلمين’ متأثرين بالمنهج السلفي الذي وصل إليهم عن طريق المطالعة في كتب التراث الإسلامي، ومجالسة شيوخ السلفية السعوديين خلال رحلات الحج والعمرة.

كانت المناهل التي يستقون منها أفكارهم واستدلالاتهم ترجع كثيرا إلى كتب ابن تيمية، وابن القيم وأئمة الدعوة النجدية الوهابية، فضلا عن الكتب المذهبية.
التعريفات الخاصة بـ "السلفية" تتطابق جميعها في مختلف البلدان العربية والإسلامية، لذا فإن اعتماد تعريف محمد بن صالح العثيمين، يفي بالغرض كونه يمثل خلاصة تعريفات السلفيين القدامى والمعاصرين، فهي كما يقول في سلسلة لقاء الباب المفتوح "إتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لأنهم هم الذين سلفونا وقدمونا وتقدموا علينا، فإتباعهم هو السلفية".
أولى الجمعيات التي نشأت في مصر وفقا لهذا التعريف كانت "الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية" التي تعرف اختصارا باسم "الجمعية الشرعية"، وأسسها محمود خطاب السبكي عام 1912 بغرض "نشر التعاليم الدينية الصحيحة والثقافة الإسلامية لإنارة العقول وإنقاذ المسلمين من فساد المعتقدات، وخسيس البدع والخرافات، بموالاة الوعظ والإرشاد، من رجال عرفوا بالعلم والعمل"، وقد ضمّن المؤسس بندا يخص العمل السياسي أكد فيه "لا تتعرض هذه الجمعية للشؤون السياسية التي يختص بها ولي الأمر".
وتقترب "جماعة أنصار السنة المحمدية" التي أسسها محمد حامد الفقي 1926 من الوهابية في الكثير من دوافع قيامها وأفكارها المتشددة في الجهاد والدعوة، ولا عجب في ذلك إذ كان الفقي متبنيا لكتابات ابن تيمية وابن القيم، منكرا لمقولة "الدين لله والوطن للجميع"، مؤكدا أن الإسلام دينا ودولة.

رفض الإخوان
تأسست الدعوة السلفية بالإسكندرية بين عامي 1972 و1977 على أيدي مجموعة من طلبة الجامعات المتدينين، كان أبرزهم محمد إسماعيل المقدم، وأحمد فريد، وسعيد عبد العظيم، ومحمد عبد الفتاح، ثم ياسر برهامي وأحمد حطيبة، التقوا جميعا في كلية الطب بجامعة الإسكندرية، إذ كانوا منضوين في تيار "الجماعة الإسلامية" الذي كان معروفا في الجامعات المصرية في السبعينيات. ورفضوا الانضمام إلى جماعة "الإخوان المسلمين" متأثرين بالمنهج السلفي الذي وصل إليهم عن طريق المطالعة في كتب التراث الإسلامي، ومجالسة شيوخ السلفية السعوديين خلال رحلات الحج والعمرة، ثم تأثرهم بدعوة محمد إسماعيل المقدم، الذي سبقهم إلى المنهج السلفي من خلال سماعه لشيوخ جمعية أنصار السنة المحمدية منذ منتصف الستينيات، وقراءاته لكتب ابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب.
وقد ظلت الدعوة السلفية بعيدة كل البعد عن الحراك السياسي، حتى قامت ثورة 25 يناير فهاجمها شيوخها محرمين الخروج على الحاكم، لكنها سرعان ما استثمرت الحرية التي ولدتها الثورة فأسست وشاركت في العمل السياسي، وكان لها تأثيرها على الانتخابات الرئاسية بعد أن تحالفت مع جماعة الإخوان المسلمين وفقا لشروط في مقدمتها تطبيق الشريعة الإسلامية.
"الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح" أول الكيانات السلفية المنظمة التي سعت إلى جمع علماء الأزهر بعلماء الدعوة السلفية وأعضاء من جماعات وحركات إسلامية أخرى لأول مرة في كيان واحد يرأسه المفتي السابق نصر فريد واصل، هذا الكيان هو الذي احتضن مفتي السلفية في طلته الأولى على ميدان التحرير، ومن شيوخ السلفية والجماعات الإسلامية الذين انضموا محمد إسماعيل المقدم، ومحمد عبد المقصود عفيفي، ومحمد حسان، هشام عقدة، وعلي السالوس، طارق الزمر، ومصطفى الخولي وصفوت حجازي، خيرت الشاطر وغيرهم.
ويمثل ميثاق الهيئة الشرعية خارطة طريق تفصيلية لقراءة الدولة التي تسعى إليها التيارات المنضوية تحت لواء الهيئة، وجميعها ناصرت ولا تزال تناصر الرئيس مرسي وجماعته التي هي عضو في الهيئة، فبنود الميثاق تحمل كشفا لخلاصة ما تتهيأ له مصر، ولنقتطف من هذا الميثاق أسطرا من بند أصول العلاقة بين الحاكم والمحكوم:
"ويَحرُمُ الخروجُ على الأئمةِ ما داموا مُسلِمين، ولكتابِ اللهِ ولسنةِ نبيِّه "صلى الله عليه وسلم" محكِّمين، يُصبَر عليهم وإن جاروا، ويُحجُّ ويُـجَاهَدُ معهم وإن ظلموا وفسقوا، وتُلزَمُ جماعتُهم وإن ضَربوا الظُّهورَ وأخذوا الدُّثُور. ويَنتَقِض عَقدُ الإمامةِ بانتقاضِ أحدِ أركانِه، كفقدِ الإمامِ أو استبداله الشرع جملة أو باختلالِ أحدِ شروطِه كجنونِه أو رِدَّته. ولا يَلزَمُ من انتقاضِ العَقدِ كفرُ الأئمةِ، وإنما انعدامُ الشرعيَّةِ، وهذا لا يعني الُمـنَابَذةَ العَمَلِيَّـةَ؛ فإن لذلك شروطًا لا بدَّ من توافرِها، وإلا كانت تغريرًا بالأنفسِ والأموالِ، فلا بدَّ من استيفاءِ الشرعيَّةِ، وعدمِ الإضرارِ بالأمَّةِ، وحَصرِ المواجهةِ مع أعدائِها فحَسْب، مع ترتيبِ الأوْلَوِيَّاتِ، ووضوحِ الرَّايَاتِ، وسلامةِ الوَلاءاتِ، وتحقُّقِ المصلحةِ بإعزَازِ الدِّينِ، والدَّفعِ عن المستضعفين. وتقديرُ هذا كلِّه مما يُسلَّم إلى العلماءِ الراسخين، ومَن دخلَ في طاعتِهم من أصحابِ الشَّوْكةِ القادِرين. وهذا يُعقِبُ عصمةً وأمنًا، وانضِباطًا واطمِئنانًا، وقوةً في المجتمعاتِ وتماسكًا".

الجبهة السلفية
الجبهة السلفية هي رابطة تضم عدة رموز إسلامية وسلفية مستقلة، تأسست أثناء ثورة يناير، وتضم عدة تكتلات دعوية كالهيئة الشرعية للحقوق ودعوة أهل السنة والجماعة الإسلامية، وهي من وجهة نظر أصحابها "ليست حزباً سياسياً ولا جماعة تنظيمية، فليست لها إمارة ولا بيعة ولا تشترط الذوبان الكامل ولا الاتفاق على كل الخيارات وإنما يحتفظ الجميع بخياراتهم المستقلة داخل الصف الإسلامي ويجتمعون على أهداف ومبادئ هذه الجبهة". وينضوي تحت لواء السلفية الجهادية جماعة الجهاد الإسلامي أو الجماعة الإسلامية، وهي جماعة دينية متطرفة تسعى لإنشاء حكم إسلامي في مصر بالقوة وتستهدف أي مؤسسة علمانية، سعت منذ نشأتها في السبعينيات إلى الإطاحة بالحكومة المصرية واستبدالها بدولة إسلامية ومهاجمة المصالح الأميركية والإسرائيلية في مصر وخارجها، ومن أبرز قادتها عمر عبد الرحمن المسجون في أمريكا وأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، وعصام دربالة وعبود الزمر وعاصم عبد الماجد، وصفوت عبد الغنى عضو مجلس شورى ورئيس حزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة.

السلفية الجهادية
يعد تنظيم السلفية الجهادية الذي يترأسه محمد الظواهري فرعا من فروع السلفية الجهادية، ويقوم على إحياء الفكر الإسلامي الحق ويرفض الديمقراطية التي تمنح السيادة للشعب وليس لله، وتتطابق أيديولوجيته الفكرية مع أيديولوجية تنظيم القاعدة "كلنا سواء السلفية الجهادية أو القاعدة على الدين الإسلامي الصحيح بالأيديولوجية نفسها، فالقاعدة الفكرية والعقيدة واحدة". ومن أبرز شيوخ السلفية الجهادية في مصر عبد الحكيم حسان، وأحمد فؤاد عشوش، ومحمد الظواهري.
أما آخر الانفجارات السياسية للتيار السلفي، فكانت الإعلان عن تأسيس "ائتلاف المسلمين المستقلين" وهو تجمع يضم أربع أحزاب إسلامية تحت التأسيس منهما حزبا الفضيلة والنور فضلا عن حزبي "السلامة والتنمية" و"الإصلاح والتنمية" تحت التأسيس وهلم جرا والبقية لا شك آتية.

ميدل ايست أونلاين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى