مصر ترسخ العلاقات مع القارة السمراء بالتعاون الأمني في مكافحة الإرهاب

أعرب وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، عن استعداد بلاده لنقل خبراتها في مكافحة الإرهاب إلى بوركينا فاسو ودعم قدراتها الوطنية في هذا المجال، حيث تركز القاهرة على تعزيز حضورها في القارة السمراء عبر عدة مسارات تنموية اقتصادية وسياسية وعسكرية أمنية.
جاء ذلك خلال لقائه مساء الثلاثاء، رئيس بوركينا فاسو إبراهيم تراوري بالعاصمة وأغادوغو، التي يزورها عبد العاطي في إطار جولة إفريقية غير معلنة المدة، تشمل خمس دول بغرب القارة، استهلها بنيجيريا وتشمل أيضا النيجر ومالي والسنغال.
وسلم عبدالعاطي تراوري رسالة خطية من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي “تؤكد على التطلع لتعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وبوركينا فاسو، ودعم التعاون بين البلدين في المجالات المختلفة بما يسهم في دعم الأمن والاستقرار بالقارة الإفريقية”.
وأضاف بيان لوزارة الخارجية المصرية أن اللقاء تناول التحديات الأمنية التي تواجهها بوركينا فاسو نتيجة انتشار الجماعات الإرهابية في منطقتي بحيرة تشاد والساحل. وأشار إلى أن عبدالعاطي استعرض “تجربة مصر في مكافحة الإرهاب، وتبنيها لمقاربة شاملة في مكافحة الإرهاب والتطرف لا تقتصر على البُعد الأمني، بل تمتد إلى الأبعاد التنموية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية”.
وأكد عبد العاطي “استعداد مصر لنقل خبراتها المتراكمة في مكافحة الإرهاب إلى بوركينا فاسو ودعم قدراتها الوطنية”.
ويكتسب التعاون الأمني بين البلدين أهمية كبيرة مع تصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل ومنطقة بحيرة تشاد من قِبل الجماعات والتنظيمات المتطرفة المتواجدة في غرب أفريقيا.
ويشمل دعم مصر لجهود بوركينا فاسو في مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار، دعم القدرات المؤسسية الوطنية، وتدريب الكوادر الأمنية والشرطية البوركينية في إطار الدورات التي تنظمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية.
وفي هذا الإطار، سلط الوزير الضوء على “الدور الهام الذي يضطلع به الأزهر الشريف في نشر قيم الاعتدال والتسامح، وجهود بعثته التعليمية والدعوية في بوركينا فاسو، فضلًا عن استمرار استقبال جامعة الأزهر للطلبة من بوركينا فاسو للدراسة في مصر في مختلف التخصصات”.
وتطرق خلال اللقاء إلى تطورات الأوضاع في الساحل وغرب إفريقيا، مؤكدا توافق رؤى البلدين إزاء أهمية تكثيف العمل الإفريقي المشترك، بما يسهم في دعم جهود الاستقرار والتنمية ومواجهة التحديات الأمنية التي تهدد القارة، بحسب المصدر نفسه.
وشدد على التزام مصر بمواصلة دعمها الكامل لبوركينا فاسو وتطوير الشراكة بين البلدين.
من جانبه، أشاد تراوري بـ”دور مصر التاريخي في دعم الدول الإفريقية، مؤكدًا تطلعه إلى فتح آفاق جديدة للتعاون بين مصر وبوركينا فاسو، واستعداده الكامل لتقديم كافة التسهيلات اللازمة لتعزيز التواجد الاقتصادي والاستثماري المصري في بلاده”، وفق البيان ذاته.
وتشكّلت ملامح الدور المصري في أفريقيا منذ الستينات، مع دعم جهود التحرر ببعض دول القارة السمراء التي كانت تحت الاستعمار، ثم ابتعدت مصر قليلاً في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات، وشهدت خفوتاً في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، عقب محاولة اغتياله في أديس أبابا في 1995، وتتحوّل غياباً لافتاً بانشغال مصري داخلي مع اضطرابات واندلاع أحداث 2011 و2013، انتهى بتجميد عضوية مصر بالاتحاد الأفريقي.
ومع تولّى الرئيس عبدالفتاح السيسي، في صيف 2014، رئاسة البلاد، بدأت مصر مسار استعادة العلاقات بالقارة السمراء، وأعادت عضويتها بالاتحاد الأفريقي.
وخلال العقد الأخير، تنوعت أدوار التعاون المصرية في أفريقيا بين تنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية، وأعمال الطرق والكباري، والمشروعات السكنية، والصحية، وحفر عدد من الآبار الجوفية، وإقامة السدود ومحطات توليد الكهرباء في دول أفريقية عدّة، منها تنزانيا، وعقد بروتوكولات عسكرية مع السودان، وأوغندا، وبوروندي، وكينيا، ونيجيريا، وحديثاً مع الصومال، واتفاق على إرسال قوات مصرية للمشاركة في قوات حفظ السلام بمقديشو يناير/كانون الثاني 2025.
ميدل إيست أون لاين