مصر على أعتاب “حقبة ناصرية” جديدة! (ريهام جمال)

 

ريهام جمال

بعد 45 عاما على رحيل الزعيم جمال عبد الناصر عن المشهد السياسي، ومع التحولات والتغيرات الهائلة التي شهدتها مصر والعالم أجمع، وبينما تقف مصر على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة، عقب نجاح ثورة 30 يونيو..
يعود "ناصر" بأفكاره وشعاراته لتصدر المشهد السياسي وبقوة من خلال مرشحي الرئاسة، فالمرشحان الأبرز إلى الآن كلاهما محسوب عليه بشكل أو آخر، الأول المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، الذي يمثل في ذهن الكثيرين إحياء لزعامة عبد الناصر في تعبيره عن إرادة الجماهير وتحديه للقوى الخارجية، والآخر هو حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي، الذي يعد أبرز الزعامات الناصرية، فقد ارتبط بالناصرية وعبر عنها منذ أن كان طالبا في كلية الإعلام، ليبقى السؤال هل مصر على أعتاب حقبة "ناصرية جديدة"؟
وبالنظر إلى خريطة الأحزاب السياسية بمصر، نجدها تضم عددا لا بأس به من الأحزاب "الاشتراكية"، منها من تأسس قبل ثورة 25 يناير، وظل صامدا في وجه التحديات والهجوم "الساداتي والمباركي"، كالتجمع الوطني التقدمي، مصر العربي الاشتراكي، الأحرار الاشتراكي، ومنها من تأسس في أعقاب الثورة كالكرامة، التيار الشعبي، حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، المصري الديمقراطي الاجتماعي، العربي الديمقراطي الناصري، ورغم معاناتهم جميعا من الترهل والضعف وقلة التمويل والكوادر، إلا أنه لا يمكن إغفال إمكانية مساهماتهم في تمهيد التربة الخصبة لعودة "الفكر الناصري"!
الاشتراكيون: لدينا فرصة لصدارة المشهد
قال أحمد بهاء شعبان، رئيس الحزب الاشتراكي المصري، إن الأفكار لا تموت وإن الفكر الناصري يتضمن قيما عامة كالعدالة الاجتماعية والقومية والوطنية، صالحة لكل زمان ومكان ويمكن لأي قائد ذي إرادة أن يستلهمها ويقوم بكل ما قام به "ناصر" خاصة، إذا كان خلفه شعب يقظ ثار على نظامين فاسدين.
وأشار إلى أنه من الصعب تكرار أي تجربة بحذافيرها ومن ضمنها تجارب العمل السياسي التي تكون وليدة ظروف معينة وأوضاع دولية ومحلية خاصة وحالة شعبية محددة، لكن يمكن استلهام بعض الأفكار، لافتا إلى أن مصر على أعتاب تجربة مشابهة للتجربة الناصرية، وليس تكرارا لتجربة الزعيم الراحل بشكل كامل، في ظل رفع المواطنين نفس شعارات "عبد الناصر" العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، مؤكدا أن التجربة الجديدة ستكون رهنا لطريقة استجابة الرئيس المقبل للتحديات القائمة، وما إذا كان سيستجيب لها بأسلوب يقترب من نمط أفكار "ناصر" أم لا؟
وأكد أن الأحزاب الاشتراكية لديها فرصة كبيرة لتصدر المشهد السياسي في ظل بروز قضية "العدالة الاجتماعية"، في حال نجاحها في مواجهة التحديات العديدة التي تواجهها وأبرزها ضعف التمويل، عن طريق الاعتماد على الذات وابتكار حلول جديدة، كاتحادها في كيان واحد، أو تعظيم الإمكانيات المتاحة، لتحقيق التكامل فيما بينها، كأن يتم استغلال الوفرة في المقرات التي تتميز بها بعض الأحزاب الاشتراكية كحزب التجمع لإحداث نوع من التكامل، وأيضا استغلال جريدة الأهالي لتكون صوتا لجميع الاشتراكيين.
قال عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن التاريخ لا يعيد نفسه؛ لأن الظروف والمتغيرات المحلية والإقليمية تتبدل وتتغير، لكن الأحزاب الاشتراكية لديها فرصة لاحتلال مكانة مميزة على الساحة السياسية، والاستفادة من حاجة المجتمع لتحقيق العدالة الاجتماعية، ومعاناة أفراده من التهميش والفقر.
خبراء: التاريخ لا يعيد نفسه
قال الدكتور أيمن السيد عبد الوهاب، المحلل السياسي، إن التاريخ لا يعيد نفسه، وأن مصر ليست على أعتاب مرحلة ناصرية نظرا لتغير الظروف والأوضاع الداخلية والإقليمية، واختلاف المقومات الشخصية للمرشحين عن مقومات الزعيم الراحل.
وأشار إلى أن الرئيس المقبل سواء كان المشير عبد الفتاح السيسي، أو حمدين صباحي أو غيرهما، سيتجه للنظام الرأسمالي باعتباره النظام السائد في العالم، لافتا إلى أن بعض الدول في أمريكا اللاتينية والصين "ممن يعتبرون مؤسسين للفكر الاشتراكي يتجهون الآن لمزيد من الانفتاح الاقتصادي".
وطالب المواطنين بإدراك طبيعة اللحظة الراهنة والتحديات، وعدم إلقاء كافة الأعباء على الرئيس المقبل، وأن يدركوا أنه لا يملك عصا سحرية وأن عليهم مشاركته في المسئولية الملقاة عليه.
قال عيسى فتحي، محلل اقتصادي، إنه من الصعب استنساخ التجربة الناصرية في ظل معاناة الدولة من الضعف والترهل، وافتقادها الموارد التي تؤهلها لتنفيذ مشروعات تخدم المواطنين، واعتماد الاقتصاد المصري على القطاع الخاص بنسبة كبيرة، لافتا إلى أنه يساهم بـ 75% من الإنتاج المحلي.
وأكد أن الرئيس المقبل لا يملك أن يعيد الاشتراكية في ظل سيادة الرأسمالية في العالم، لكنه مطالب باتخاذ حزمة من الإجراءات الاجتماعية لمواجهة الاحتكار وتفحش التجار، مشيرا إلى أن "السيسي" ستكون فرصته أكبر من "صباحي" في تطبيق هذا الأمر، نظرا لمقومات الأول كرجل دولة يدرك قيمة أقواله عكس الآخر الذي يعتمد على الشعارات، بالإضافة إلى إمكانية استغلال الأول موارد القوات المسلحة بشكل جيد.

صحيفة الدستور المصرية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى