مصير إدلب على طاولة البحث

اتفاقات خفض التوتر من داخل آستانة وخارجها لمختلف المناطق السورية باتت واضحة.

في مربع آستانه توضّحت مناطق لخفض التوتر في الغوطة الشرقية والريف الشمالي لحمص وسط سوريا، بينما تفاهم الروس والأمريكيون على وضع منطقة الجنوب والتي تشمل (درعا والسويداء والقنيطرة).

بقيت إدلب، المدينة التي تحصّن فيها المقاتلون من مختلف الفصائل، وأصبحت وجهة لكل الفارين طوعاً أو كُرهًا. حتى الآن كل ما يُمكن معرفته عن مصير المدينة في التفاهمات الدولية هو بضع تحرّكات داخل المدينة تطرح تساؤلات أكثر منه أجوبة .

اليد العليا في إدلب اليوم هي لجبهة النصرة التي دخلت في ائتلاف مع بعض الفصائل تحت مسمى هيئة تحرير الشام.

ولا يخفى على أطراف النزاع تسلل أعداد كبيرة من عناصر تنظيم الدولة إلى إدلب مُؤخرًا، من مدن ومناطق خسرها التنظيم، إما لصالح قوات الجيش السوري أو قوات سوريا الديمقراطية، تسلل تنظيم الدولة إلى ادلب تكمن خطورته في وصول قيادات ميدانية وعسكرية كبيرة إليها و تجميع الأنصار في قرى الريف، وهذا ما دفع هيئة تحرير الشام قبل أيام للاعلان عن حملة امنية وعسكرية للقضاء على وجود عناصر تنظيم الدولة في ادلب ، وايلاء هذا الأمر من قبل الهئية اهتماما من الجانب الإعلامي ، إذ تخشى الهيئة من أن يكون زيادة أعداد عناصر تنظيم الدولة في ادلب سببا وجيها لغطاء دولي لأي عملية عسكرية من أي طرف لدخول إدلب.

الحملة التي اعلنت عنها النصرة شملت مدينة إدلب وبلدات الدانا وسرمين، والنيرب وسلقين وحارم وأسفرت عن اعتقال أكثر من مئة من عناصر تنظيم الدولة ، من بين من اعتقلتهم «مسؤول خلايا تنظيم الدولة في ريف إدلب الشمالي، أبو إبراهيم العراقي، والمسؤول الأمني العام للتنظيم أبو سليمان الروسي، إلى جانب (والي التنظيم) في الشمال أبو القعقاع الجنوبي، والمسؤول الشرعي العام في الشمال أبو السوداء المصري.

هذه الإجراءات أغضبت الشرعي السابق في “جبهة النصرة” الأُردني أبو محمد المقدسي وعلق المقدسي في حسابه على” التلغرام” إن “العملية الأمنية” التي تقوم بها “هيئة تحرير الشام” في إدلب وريفها، هي غطاء من أجل اعتقال بعض الخصوم والأبرياء وهذا يعتبر “بغي” لتصفية الحسابات تحت ستار ملاحقة الدواعش.

تحرك النصرة في ادلب يأتي في وقت مازال فيه البحث عن مصير المدينة مستمر بين روسيا وتركيا ، هذا ما عبر عنه صراحة السيد لافروف ، وتقول المؤشرات حتى الآن أن تركيا تريد أن تكون لها اليد العليا في مصير المدينة . ولا تستطيع تركيا أن تواجه النصرة عسكريا في ادلب لان هذا سوف يكلف أنقرة ثمنا باهظا ، إذ تتمتع جبهة النصرة العمود الفقري لهيئة تحرير الشام بنفوذ وتأييد كبير داخل تركيا وخاصة من أنصار حزب العدالة والتنمية ، وليس من السهل أن تأخذ تركيا قرار استئصالها ، الخيار الأفضل لتركيا هو التفاهم معها ، إلا إذا استطاعت تركيا تقوية تنظيم أحرار الشام المناوئ للنصرة والمنافس لها في الشمال السوري ، وهذا يعني اقتتالا دمويا في ادلب . وربما سنشهد خلال الأيام المقبلة محاولة من جبهة النصرة لابتلاع حركة أحرار الشام في ادلب واستباق تفعيلها وتقويتها من جانب أنقرة .

واعلنت هيئة تحرير الشام صراحة انها ستقتل أي جندي تركي سيدخل إلى إدلب، وأشارت إلى أن تحصيناتها لمواقعها في المناطق الحدودية هو لصدّ أي هجوم محتمل من قبل فصائل البنتاغون نحو إدلب كما وصفتها .

يرغب الجانب الروسي في إنشاء قاعدة عسكرية مشتركة مع تركيا في ادلب ، وهذا ما سترفضه النصرة قطعا ، لأنها تعتبر الوجود الروسي احتلالا ، والقوات الروسية قوات معادية . بالنتيجة لم يتوصل الطرفان الروسي والتركي إلى خيار واضح تجاه التعامل مع الوضع في ادلب ، إلا أن المؤشرات كلها تقول ان مصير إدلب على طاولة البحث .

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى