معاقون يصنعون أطرافا بفضل التكنولوجيا
يسمح مختبر “هيومانلاب” الذي فتح أبوابه قبل ثلاثة أشهر في غرب فرنسا لذوي الإعاقات بتركيب ما يحتاجون إليه “لإصلاح وضعهم” بواسطة أحدث التقنيات، على أمل أن تنتشر هذه المبادرة في أنحاء العالم أجمع. ونيكولا أوشيه (33 عاما) الذي بتر ساعده الأيمن سنة 2002 إثر حادث في العمل هو صاحب هذا المختبر الفرنسي الذي افتتح في مدينة رين على نسق مختبرات التصنيع الرقمي المعروفة بـ”فاب لاب” المفتوحة للعموم.
وأوشيه الملقب بـ “بيونيكو” عرف الشهرة بداية بفضل نموذج طرف اصطناعي ليد مصنوع وفق تصاميم هندسة الإلكترونيات الحيوية وميسور الكلفة تتحكم به أجهزة استشعار صممها بالتعاون مع نحات ومختبر للتصنيع في رين. وهو قد نال بفضل هذه المبادرة لقب “أفضل مبتكر اجتماعي لعام 2015” من معهد “ام آي تي” للتكنولوجيا في ماساتشوستس.
وكان نيكولا أوشيه قد وضع طوال عشر سنوات الطرف الاصطناعي عينه من دون أن يشعر بأي تقدم، فقرر ابتكار طرف “مصنوع منزليا” بواسطة تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد التي تلقى رواجا متزايدا في مجال الجراحة. ويقول الشاب “كان هناك نماذج مسوقة لكنها كانت تكلف 40 ألف يورو. وهو عائق مالي كبير”.
وفي العام 2012، رأى نيكولا أوشيه طابعة ثلاثية الأبعاد للمرة الأولى في رين، فاستلهم فكرته منها. ويخبر “تناقشنا مع فاب لاب في احتمال طبع يد. وفي موقع للطباعة الثلاثية الأبعاد، وجدنا يدا روبوتية يتحكم بها حاسوب ثم ركزنا على قدرتي على التحكم بها”.
ويتابع قائلا “إنه مزيج من التكنولوجيا مع قطع خردوات وخيط صيد وعلبة بودرة شوكولا من جهة وقطع مطبوعة بالأبعاد الثلاثية من جهة أخرى استنادا إلى رسوم مفتوحة المصدر”.
الإصلاح الذاتي
لكن من غير الوارد الاكتفاء بهذا الحد، ففي سنة 2014، انطلقت جمعية “ماي هيومن كيت” (“ام اتش كاي”) التي أفضت الى ظهور هذا المشروع.
وفي العام التالي، جمع نيكولا حوالي مليون يورو بفضل هبات من جمعية ومؤسسة ومجموعات خاصة عدة.
بعدها حان دور “هيومانلاب” وهو محترف تصنيع رقمي مخصص للصحة يسعى القائمون عليه للسماح للأشخاص من ذوي الاعاقات بـ”اصلاح وضعهم” بأنفسهم، إلى جانب خمسة مشاريع رئيسة بينها تصنيع كرسي مدولب كهربائي كمنتج قابل للنسخ.
ويوضح الشاب “لقد قلنا إنه في حال كان يمكن لشخص تعلم اصلاح وضعه من خلال جمع أشخاص حوله، سيكون ذلك رائعا”.
فقد نيكولا كراشيفسكي البالغ من العمر 38 عاما ساقه وذراعه في الجهة اليسرى من الجسم بسبب حادث. ومنذ عام ونصف العام، هو يعمل على تصنيع ذراع اصطناعية، وهو أمر نادر في هذا المجال.
وبعدما قام بتصنيع الهيكل المعدني، بات يبحث عن مواكبة لانجاز الجزء الالكتروني.
ويقول “أريد ابتكار ادوات لي وللآخرين تكون متاحة بشكل حر للجميع”.
وتعمل ماتيلد فوش وهي شابة مقعدة، على مشروع ابتكار مسند للرأس يسمح بإدارة الرأس.
مساعدات في الهند وسوريا
ويسعى الفريق العامل في “هيومانلاب” إلى ابتكار حلول جديدة لوضعها في تصرف الجميع ونسخ حلول موجودة أصلا من خلال تكييفها مع الحاجات المختلفة، لنشرها حول العالم كي يتمكن “شخص في الهند أو بوركينا فاسو من صنع طرفه الاصطناعي الخاص بفضل شبكة من مختبرات التصنيع”.
وفي فرنسا وبلدان أخرى، تبرز مبادرات عدة، كما أن منظمات غير حكومية تبدي اهتمامها في هذه المشاريع.
وتشير كلارا نوردون من مؤسسة “أطباء بلا حدود” إلى أن “عددا قليلا من المرضى يستطيعون الحصول على طرف اصطناعي حاليا”، مضيفة “من المهم رؤية كيف يتم الانتقال من الحلول الثقيلة والمكلفة الى حل بديل”.
وقد أطلقت المنظمة الدولية للمعوقين مشروع مختبر تصنيع في بوليفيا يرمي لصنع قطع تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة في حياتهم اليومية.وتقول العضو في المنظمة ايزابيل اورسو إن “مختبرات التصنيع تسجل حضورا متناميا بما في ذلك في الدول النامية”.
وتشير إلى أن “الطباعة بالأبعاد الثلاثية طريقة جديدة للعمل وهي تقدم حلا يمكن استخدامه على نطاق أكبر للكثير من الأشخاص”.
وتجري المنظمة غير الحكومية حاليا اختبارات على التصنيع عن بعد مع مجبّرين وأطراف اصطناعية بالأبعاد الثلاثة مخصصة لضحايا الحرب في سوريا.
ميدل ايست أونلاين