معجزة القرن ..!!

اليوم بدأت مواصفات التصنيف العالمي للانسان العجيب .. القادر ..الرهيب .. الانسان المميز ..تتغير لتتماشى مع تطورات العصر الحالي والمستجدات البيئية والتغيرات العالمية.

فبعد أن كان التصنيف قائماً على الانجازات والاختراعات والابداعات العلمية والفكرية والأدبية والانسانية أصبح اليوم قائماً برأيي على قدرة هذا الانسان على التأقلم والتكيف مع المكان والزمان والظرف الموجود فيه، فمن يستطيع أن يصمد عدة أيام قد تتجاوز عدة أشهر دون كهرباء .. يخترع خلالها وسائل إضاءة جديدة تعتمد اعتماداً كلياً على الطاقة الشمسية أو الشحن الذاتي .. هو نفسه الذي يستطيع أن يبقى أياماً عديدة دون ماء يستلهم طريقة حفر الآبار بوسائل بدائية أو تعبئة مياه الأمطار بالأواني والقوارير .. أو وسيلة التقطير وتحلية مياه البحر والمجارير .. هو نفسه من يستطيع أن يصمد بالبرد دون تدفئة ملتحفا بالأغطية الصوفية ومعتمدا على إشعال النار بوسائل قبل بدائية .. ويعتمد على اللحمة العائلية لينال الدفء
باللمس .

هو نفسه من يأكل الأخضر واليابس ولا يستعمل الغاز لندرته .. هو نفسه من يتحمل بصبر وأناة أن يفتح خط الانترنت ليبث أشواقه وهمومه في ثوان معدودة … قبل أن ينقطع حسه عن العالم المتحضر.

هو نفسه .. من يمشي متبختراً مزهواً بنفسه .. ينظر شذراً بطرف عينه إلى كل من حوله من رجال .. جاذباً نظرات النساء .. طابعاً نظرات الذهول والاعجاب في عيون الأطفال وهو يمسك بيده وعاءالمازوت أو جرة الغاز .. ليشعر أنه حقق إنجازاً عظيماً لعائلته .. يكيد به غيره من الرجال ويحسسهم بمدى ضعفهم وعجزهم عن تلبية حاجات أسرهم.

وهي نفسها من تتباهى أمام جاراتها وهي ترمقهم بنظرة مغرورة عن قدرتها على إنهاء وجبة غسيل كاملة بين فترتي تقنين كهربائي وقدرتها على تحميم أطفالها خلال مدة قياسية لتوفير المياه .. وحسها العالي في تحضير طبخة واحدة للأسبوع كله لكي تحافظ على جرة الغاز لأطول فترة ممكنة.

إنجاز رائع عظيم تغيظ به جاراتها وصديقاتها المعجبات ….

وهو شاب في مقتبل العمر .. يحمل جواز سفره بيده عليه تأشيرة سفر .. وفيزا .. إنها فيزا .. تراه لا يمشي على الأرض .. إنه يحلق في السماء .. والصبايا من حوله يتغزلن بسبره ويتمنين وصاله … وأصدقائه الشباب يحسدونه على إنجازه العظيم ..ويحلمن بتأشيرة سفر تحلق بهم الى البعيد البعيد ..

هذه انجازات القرن الواحد والعشرين .. جرة غاز .. وعاء مازوت .. شاحن كهرباء ..

إنه السوري .. إنها السورية .. الشعب المعجزة الذي حطم كل الأرقام القياسية في التحمل والصبر والقدرة على العودة الى العصر الحجري .. والتأقلم مع غياب كل وسائل الحياة البدائية .. ليستحق بجدارة لقب الانسان المعجزة … !!

إنه السوري .. الانسان المعجزة .. الذي أثبت للعالم كله أنه محصن ضد الموت وعنيد على الحرب ..

إنه السوري الذي سيعيد بناء الحياة من لا شيء .. فقط من إرادته العظيمة .. ليكون معجزة القرن .!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى