معهد واشنطن: انسحاب أمريكا من أفغانستان يؤدّي إلى تقويض مصداقيتها
عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي بمشاركة عددٍ من الباحثين، حول الانسحاب الأمريكيّ من أفغانستان، وقالت كاثرين ويلبارغر، نائبة مساعدة سابقة لوزير الدفاع الأمريكي لشؤون الأمن الدولي “إنّ ما يحدث اليوم في أفغانستان هو حصيلة عقودٍ من التاريخ والديناميات المحلية والإقليمية والدولية المعقدة. وحيث أن السنوات العشرين التي أمضتها الولايات المتحدة في المنطقة تنطوي على دروس كثيرة، يتطلب تحديد كيفية تطبيق تلك الدروس ومكان تطبيقها دراسةً متأنية”.
وتابعت قائلةً إنّ “أحد أسباب الانسحاب من أفغانستان هو تسهيل نقل الموارد لتلبية الأولويات الأمريكية الأكثر إلحاحاً على صعيد المنطقة والعالم. لكن يبدو أنّ ما حدث حتى الآن أقرب إلى العكس: فمع استيلاء “طالبان” بالقوة على السلطة ومحنة اللاجئين التي تتصدّر العناوين، يتعذر على المسؤولين الأمريكيين إشاحة نظرهم، وعن وجه حقّ”.
ومن ناحيته رأى هارون زيلين، خبير في الحركات الجهادية العالميّة، إنّ أربعة عناصر رئيسية ستلعب دورها في رسم معالم النشاط الجهادي المتعلق بالانسحاب من أفغانستان، وهي تعبئة المقاتلين الأجانب، وطريقة تفاعل الجماعات المتطرفة الأخرى مع سيطرة “طالبان”، وهوية السجناء المحرَّرين، وإلى أي درجة ستعود الشخصيات الرئيسية في تنظيم “القاعدة” إلى الساحة الأفغانية، على حدّ تعبيره.
أمّا پاتريك كلاوسون، مدير الأبحاث في المعهد ومتخصص في الشؤون الإيرانية، فقال:”هناك أسبابٌ كثيرة تدفع إيران إلى معاداة “طالبان”. ويعود التوتر بين الطرفين إلى ما قبل قيام الجمهورية الإسلامية حين بدأت إيران تنافس على حقوق المياه بأطول نهر في أفغانستان. فخلال تسعينيات القرن الماضي، قدمت إيران دعماً قوياً لعدو “طالبان” المعروف بـ “التحالف الشمالي”. وفي عام 1998، قتلت “طالبان” دبلوماسيين إيرانيين أثناء اجتياحها شمال أفغانستان، ما دفع طهران إلى حشد أكثر من 200 ألف جندي استعداداً للغزو. وذبحت أيضاً “طالبان” أفراداً من جماعة الهزارة العرقية، وهم من الطائفة الشيعية نفسها التي تهيمن على إيران. فضلاً عن ذلك، يسيطر أعضاء “طالبان” إلى حدٍّ كبير على تجارة الأفيون في أفغانستان، وهو ما كان له تأثير مدمّر على سكان إيران”.
وأوضح أنّه بالنسبة لردّ طهران على الانسحاب الأمريكي، يشير الإعلام المحلي إلى أنّ النظام يركِّز بالدرجة الكبرى على موضوع الهزيمة الأمريكية بدلاً من سيطرة “طالبان” على البلاد. وقد تبينّ أنّ العداوة المشتركة تجاه واشنطن شكلت حافزًا قويًا دفع طهران إلى التعاون مع الجماعات السنية المتطرفة. حتى تلك التي ارتكبت المذابح بحق الشيعة، ولم ينتهِ هذا التعاون إلّا بعد أنْ أصبح القادة الإيرانيون يعتقدون أنّ تلك الجماعات تشكل تهديداً للنظام نفسه. لذلك، من الممكن أن تتغير مواقفهم من “طالبان” بشكل حاد إذا بدا أن التنظيم يهدد قبضته على السلطة في الداخل، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
مع ذلك، شدّدّ الخبير الأمريكيّ على أنّ “إيران ستبذل في النهاية قصارى جهدها لوضع يدها بيد خصوم الولايات المتحدة، ويجب على واشنطن أنْ تحدد المقاربة التي ستنتهجها بناءً على هذه الحقيقة. فمن المستبعد جداً أن تتخلى طهران عن هدفها بزعزعة استقرار المنطقة ونشر الصواريخ التي تهدد الأهداف الأمريكية والحليفة، لذلك لا يجدر بواشنطن أنْ تهدر طاقة لا داعي لها لمحاولة الحد من هذه الأعمال، والأولوية الأهّم هي فرض قيود نووية أقوى وأطول مدةً لأنه ليس من المستصوب التوقع من الجمهورية الإسلامية أن تتخلى عن طموحاتها النووية يومًا، على حدّ تعبيره.