مقترح أميركي جديد لجسر الهوّة | مفاوضات الدوحة: بوادر تنازل إسرائيلي
أخيراً، ردّت دولة الاحتلال على ردّ حركة «حماس» الأخير على «مقترح باريس» بنسخته الثانية. وهو ردّ جاء «سلبياً» بشكل عام، إذ رفض البحث في انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي إلى خارج المدن والمناطق السكنية في قطاع غزة، ضمن المرحلة الأولى، كما رفض الموافقة على المفاتيح التي قدّمتها «حماس» للمرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى، فضلاً عن عودة النازحين إلى شمال القطاع.
وبعدما تلقّى الوسيطان المصري والقطري، وكذلك الولايات المتحدة، نسخة من الردّ الإسرائيلي، طلب الأميركيون «مهلة» قصيرة لمحاولة تليين موقف دولة الاحتلال. وبالفعل، في اليوم التالي، طرح مدير المخابرت المركزية الأميركية، وليام بيرنز، الذي كان موجوداً في الدوحة مع فريقه، مُقترحاً زعم أنه يقع وسطاً بين ردَّي «حماس» والعدو.وعاد رؤساء الوفد الإسرائيلي التفاوضي من الدوحة إلى تل أبيب، فجر السبت، حاملين معهم المقترح الأميركي الجديد.
وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن هذا المقترح «يتضمّن رفع عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم إلى 700، بدل 400 (الرقم الأخير هو الذي جاء في الرد الإسرائيلي)». كما يتضمن «الإفراج عن 100 أسير فلسطيني من أصحاب المؤبّدات»، وينص على صيغة توفّر عودة متدرّجة للنازحين إلى شمال غزة.
ووفقاً لما نقل مراسل الشؤون السياسية لموقعَي «واللا» العبري و«أكسيوس» الأميركي، باراك رافيد، عن مسؤول إسرائيلي، فإن «هذا الاقتراح مشابه جداً للاقتراح الذي قدّمه الوسطاء القطريون قبل ثلاثة أسابيع، وقال مسؤولون إسرائيليون حينها، إن إسرائيل رفضته بشكل قاطع، وأعلنت أنها لن توافق على مناقشته لأن حماس لم تردّ بعد على اقتراح باريس الأصلي».
وأضاف المسؤول الإسرائيلي، أنه «على الرغم من أن العدد الإجمالي البالغ 700 أسير، هو بالفعل نفس العدد في الاقتراح القطري، إلا أن عدد الأسرى من أصحاب المؤبدات الذي يشملهم الاقتراح الحالي، هو أقلّ مما كان قد طرحه القطريون».
وأكّدت تقارير إعلامية إسرائيلية مختلفة أن إسرائيل وافقت بالفعل على المقترح الأميركي الجديد، فيما نقل رافيد عن مسؤولين إسرائيليين كبار، قولهم إن «إسرائيل أعربت عن استعدادها لمناقشة الاقتراح الأميركي لسدّ الفجوة في ما يتعلّق بعودة المدنيين الفلسطينيين إلى شمال غزة». وأضاف هؤلاء أن «إسرائيل مستعدّة للنظر في السماح بعودة تدريجية لأكثر من 2000 مدني فلسطيني يومياً إلى شمال القطاع، بعد بدء إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين».
وفي سياق متصل، كان يُفترض أن يعقد «كابينت الحرب» اجتماعاً مساء أمس، لمناقشة تطورات المفاوضات، بحضور رئيس الوفد المفاوض، رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، ولكن، جرى إلغاء الاجتماع من دون توضيح الأسباب.
ومع هذا، نقلت «القناة 13» العبرية عن مسؤول إسرائيلي، أن «رؤساء الوفد الإسرائيلي سيعودون إلى قطر بتفويض أوسع»، فيما أشارت «القناة 12» العبرية، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين كبار إلى أن «الوفد الإسرائيلي بدأ بالفعل التفاوض على إعادة سكان شمال غزة».
في موازاة ذلك، سافر وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى واشنطن، بعد دعوة وجّهها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى قيادة دولة الاحتلال، حين زارها قبل يومين.
وبحسب بيان أصدره مكتب غالانت، فإن الأخير سيجتمع مع نظيره الأميركي لويد أوستن، وبلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومسؤولين كبار إضافيين، حيث سيناقش معهم مسار الحرب في غزة، ومسائل اليوم التالي، والتصعيد على الجبهة الشمالية مع لبنان، إضافة إلى إمدادات السلاح الأميركية للكيان، في ظلّ مخاوف إسرائيلية من أن تواجه هذه الإمدادات تعقيدات ما، جراء احتدام الخلاف بين الإدارة الأميركية وحكومة بنيامين نتنياهو.
وإلى جانب غالانت، سيزور وفد إسرائيلي، يضمّ وزير الشؤون الاستراتيجية في «كابينت الحرب»، رون دريمر، ورئيس «مجلس الأمني القومي»، تساحي هنغبي، واشنطن، وسيطّلعان على التصوّر الأميركي بشأن رفح، والذي ترى الإدارة أنه يمكن أن يكون بديلاً من عملية عسكرية واسعة، بما يشمل عمليات من نوع «مكافحة الإرهاب»، إضافة إلى إجراءات تضمن أمن الحدود المصرية – الفلسطينية، برعاية أميركية.
لكن في هذا الجانب، لا يزال نتنياهو يؤكد عزمه على تنفيذ عملية عسكرية في رفح، وهو كرر أمس قوله: «سندخل رفح، ولا يمكن هزيمة الشرّ من خلال تركه وحده هناك».
في المقابل، قالت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، لشبكة «ABC» الأميركية، أمس، (إننا) «أوضحنا لإسرائيل في العديد من المحادثات، أن عملية واسعة النطاق في رفح ستكون خطأً فادحاً. لقد درستُ الخرائط. هؤلاء الناس (الفلسطينيون في رفح) ليس لديهم مكان يذهبون إليه». وأضافت: «لا أستبعد أن تكون هناك عواقب أميركية على إسرائيل، في حال مضيّها في اقتحام رفح عسكرياً».
صحيفة الأخبار اللبنانية