تحليلات سياسيةسلايد

مقتلة إسرائيلية كبرى في غزّة | تل أبيب لواشنطن: بدأنا المرحلة الثالثة… ولكن

في اليوم الرابع والتسعين من عدوانها على قطاع غزة، ظلّت قيادة إسرائيل السياسية متمسّكة بنهج الهروب إلى الأمام، مواصلةً طرح سقف عالٍ لأهداف الحرب، والتي باتت المعطيات الميدانية تحول دون تحقيقها أكثر من ذي قبل.

 

يترافق ذلك مع تزايد تململ الداخل الإسرائيلي من حرب لا تظهر لها نهاية، ولا إمكانية للنصر فيها، وهو ما يترجَم بمطالبات بوقفها، ووضع قضية الأسرى في رأس سُلّم اهتمامات القيادة بدلاً من المضيّ فيها على أيّ حال.

وفي ظل هذا الوضع، أظهرت التصريحات الأخيرة الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين مزيداً من محاولات التسويف بشأن إعادة انتشار القوات والانتقال إلى المرحلة الثالثة – على رغم أن هذه العملية قد بدأت بالفعل -، التي باتت بالنسبة إلى الولايات المتحدة، ولا سيّما مع اقتراب انتخاباتها الرئاسية، بالإضافة إلى هواجسها من توسّع الحرب الحالية إلى صراع إقليمي قد يدخل المنطقة في دوّامة من الفوضى تشكّل خطراً على مصالحها.

وفيما بعثت واشنطن بوزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، إلى تل أبيب، أمس، في زيارة هي الخامسة منذ عملية «طوفان الأقصى»، استبق الناطق باسم جيش العدو، دانييل هاغاري، وصول بلينكن، بإعلان بداية الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب، وذلك في حديث إلى صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية. إلا أن نتنياهو، ووزير حربه، يوآف غالانت، قالا في اجتماع كتلة «الليكود» في «الكنيست»، إن «الحرب لم تقترب من نهايتها في الجنوب (مع غزة) والحدود الشمالية (مع لبنان) وستستمر لأشهر طويلة».

وتابعا: «حتى تستمر الحرب، نحتاج إلى دعم دولي، ونعمل على تأمينه». وفي السياق نفسه، ذكرت «نيويورك تايمز» أن مسؤولين إسرائيليين أوضحوا لنظرائهم الأميركيين أنه «على الرغم من أنهم يأملون في إكمال المرحلة الانتقالية بحلول نهاية الشهر (الجاري)، إلا أن الجدول الزمني ليس ثابتاً».

وأضاف المسؤولون أنه «إذا واجهت القوات الإسرائيلية مقاومة من حماس أكثر صرامة مما كان متوقعاً، أو اكتشفت تهديدات لم تتوقعها، فإن وتيرة الانسحاب قد تتباطأ، ويمكن أن تستمر الضربات الجوية المكثّفة».

وفيما أجبر الضغط الميداني من قبل المقاومة، العدو، على تقليص عديد قواته في شمال غزة، وتركيز الزخم العملياتي على نقاط محصورة هناك، نقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين اعتقادهم أن هذا العدد «انخفض إلى أقل من النصف»، عما كان عليه في ذروة العملية البرية. وبينما قال هاغاري إن إسرائيل «ستركز الآن بدلاً من ذلك على معاقل حماس الجنوبية والوسطى، خاصة حول خان يونس ودير البلح»، نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن غالانت قوله إن الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب «لا يعني السماح بعودة سكان شمالي غزة».

ومن هنا، تتعمّق أزمة الثقة بين إدارة جو بايدن والحكومة الإسرائيلية، في حين يبدو أن لهجة الأولى باتت أكثر حزماً؛ إذ قال مسؤول في إدارة بايدن، لشبكة «CNN» الأميركية، إنه «سيتعين على نتنياهو الاختيار بين طريقة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، في الحكم، وطريقة ترضينا»، في إشارة إلى أن نتنياهو يخضع لأقطاب اليمين الفاشي في حكومته.

كما كان لافتاً إعلان بايدن أنه يعمل مع إسرائيل على «وقف الهجمات في غزة»، وإعرابه عن تفهّمه لمشاعر متظاهرين قاطعوا خطابه في كارولاينا الجنوبية، مطالبين بوقف إطلاق النار.

ويُعد هذا التصريح الأول من نوعه بعدما ظلّت الإدارة الأميركية، ورغم الضغوط الداخلية عليها، تبحث عن أعذار للجرائم الإسرائيلية.

وفي ظل الحراك السياسي على خط وقف الحرب، قصفت «كتائب القسّام» تل أبيب ومحيطها برشقة صاروخية، رداً على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين.

وأثارت هذه الرشقة، التي قال العدو إنها عبارة عن 10 صواريخ، بالإضافة إلى تطورات الميدان في غزة، تساؤلات وسط المعلّقين الإسرائيليين حول حقيقة إنجازات جيش الاحتلال، فيما يتواصل سقوط الصواريخ على قلب الكيان.

وبعدما تحدّث الإعلام العبري عن «حدث أمني صعب» في القطاع، أعلنت «القسام» إحباط محاولة إسرائيلية لتحرير أحد الأسرى لديها في مخيم البريج وسط غزة، والاشتباك مع قوة خاصة وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح، فيما قال مراسل «القناة 14» الإسرائيلية إن «اليوم يُعتبر من أصعب الأيام علينا منذ بداية الحرب، إن لم يكن أصعبها»، وذلك تعقيباً على حديث تداولته غالبية وسائل الإعلام العبرية عن سقوط 9 جنود قتلى داخل القطاع أمس، وإصابة 7 آخرين بجروح خطيرة، في كمين مضاد للدبابات.

وفي وقت لاحق، أعلنت «القسام» عن عدة عمليات نفّذتها في منطقة المحطة في مدينة خانيونس، جنوبي القطاع، من بينها استهداف دبابة «ميركافا» وقوة إسرائيلية خاصة داخل أحد المنازل وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح، وتفجير عبوة في قوة أخرى والاشتباك مع من تبقّى منها بالأسلحة الرشاشة.

وشمال غرب مدينة غزة، استهدف مقاومو «القسام» ناقلة جند من نوع «بوما»، وأجهزوا على جنديين كانا بجوارها.

وفي سياق متصل، أفادت «الهيئة الطبية» التابعة لجيش العدو بأن 9000 جندي تلقّوا علاجاً نفسياً منذ بداية الحرب، وأن ربع هؤلاء لم يعودوا إلى القتال، بينما أعلنت «القناة 12» العبرية وفاة الرقيب أول ستاف باشا جراء تعرضه لسكتة (جلطة) قلبية قبل شهرين، عندما شاهد مقتل جنود كانوا تحت إمرته في غزة.

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى