( مناورة الملكة ) في إتهام روسيا :قوة الدراما و الإجابة المعلقة في الإقناع
عندما أخبر الرئيس الأميركي أوباما صحيفة نيويورك تايمزأن من بين العروض التلفزيونية التي يتابعها والكتب التي يقرأها هناك مسلسل ( مناورة الملكة ) الذي يبث على منصة التدفق الرقمي نتفلكس .. ظننت الأمر نوعاً من مشاركة شخصية عامة كبيرة للجمهور في إهتماماته الثقافية الفنية . و لكن وبعدما تابعته و قرأت ما كتب عنه ، وجدت أن وراء تصريح أوباما موقفاً سياسياً يساهم في توجيه الرأي العام إلى ( خلاصة سياسية ) يتبناها فريق أوباما من الديمقراطيين بشدة
المسلسل مأخوذ عن الرواية التي كتبها ( ولتر تايفس ) في الثمانينات من القرن العشرين و تدور أحداثها حول طفلة يتيمة ( إليزابيت هارمون ) التي ينادونها بـ ( بيث ) . علمها مستخدم في الميتم لعبة الشطرنج وتعلقت بها وجعلتها محور تفكيرها وشاغل عقلها الرياضي الموهوب. وبدأت تربح في مباريات الشطرنج وهي تكبر، حتى أصبحت بطلة الولايات المتحدة الأميركية وهي في عمر 17 سنة . وعندما شاركت في بطولة أقيمت في المكسيك خسرت أمام بطل الإتحاد السوفييتي ( بورغوف ) . و قبل المباراة سمعت بيث وهي في زحمة المصعد مرافقي بورغوف يتحدثون بالروسية عن مكامن ضعفها ودون أن ينتبهوا أنها تفهم الروسية ، و أشاروا أن ضعفها في إدمانها الكحول والمهدئات وإضطرابها عندما تغضب . و عندما تسأل بيث عمن يرافق بورغوف ويحادثه يخبرها أصدقاؤها أنهم من المخابرات الروسية يرافقون بورغوف كي يضمنوا عدم هروبه .
و بعد عدة حلقات يتركز هم بيث على كيفية الفوز على بطل العالم الروسي بورغوف . أي بتنا أمام صراع سوفييتي أميركي على رقعة الشطرنج التي يكرسها المسلسل على أنها العالم . في هذا الصراع ، وقبل سفر بيث إلى باريس، و أثناء وجودها في نيويورك عند صديقها ( بيتي واتس )، تهبط عليها شخصية غامضة فتاة جميلة متأنقة أسمها ( كليو) تعرفت على أصدقاء (بيتي) في الحديقة، وجاءت معهم، ولا أحد يعرف عنها شيئاً. وعندما سافرت بيث إلى باريس، وفي ليلة مباراتها مع بورغوف بطل الإتحاد السوفييتي ، تظهر كليو في حانة الفندق و تدعو بيث إلى كأس فتشترط بيث أنها لن تشرب أكثر من كأس . ولكن كليو تجرجرها إلى كأس وراء كأس حتى تجعلها لا تستطيع الإستيقاظ صباح المباراة، وتصل متأخرة إلى طاولة مباراتها مع بورغوف لتخسر أمامه . والمفارقة أن كليو تختفي دون أن تودع بيث أو تواسيها لخسارتها . . . المسلسل يلمح إلى سؤال: من هي كليو ؟؟ و من أرسلها لإلهاء بيث ودفعها للخسارة ؟؟ و كما يقول موقع إنسايدر فإن الإجابة المعلقة على هذا السؤال تثبت إتهام كليو بأنها عميلة روسية كانت مهمتها إلهاء بيث وإنهاكها بالكحول لدفعها للخسارة . أي أن روسيا لعبت مخابراتياً وتسببت بخسارة الأميركية بيث البطولة . إنها مباراة روسية أميركية تتدخل فيها المخابرات الروسية . فهل يشبه هذا الأمر ما يجري الآن من إتهام الإستخبارات الروسية بالكثير من التهم ومنها القرصنة السيبرانية على الوكالات الأميركية .
مسلسل ( مناورة الملكة ) يروي قصة فتاة موهوبة في لعبة الشطرنج وتتابع صعودها إلى بطولة العالم . والمسلسل قدم دراما متقنة وجذابة ومثيرة، دون عنف أو جنس، ونجح في جعل ( توق فتاة للتميز والفوز عبر الإصرار والمثابرة والتدريب ) مادة درامية آسرة بجاذبيتها . و في الحلقة السادسة تدخل الشخصية الغامضة كليو، وفي السابعة يخبر تاونز بيث أن السفارة الروسية في واشنطن سهلت له الحصول على الفيزا . ظناً منهم أنه سيكون عامل إلهاء لها . و بذلك فإن الدراما الناجحة والجذابة طرحت السؤال حول كليو الغامضة، وأوحت أنها عميلة روسية، وترك المسلسل الإجابة القاطعة معلقة ليقوم بها المشاهد، وهذا ما جعل الفكرة تترسب في قاع قناعة المتابع . من هنا قوة الدراما في ترك الإجابة معلقة . كقوة إضافية في الإقناع . إنه سر الفن المقنع .
(مناورة الملكة) إسم إفتتاحية في الشطرنج، ولكنه عندما أصبح عنوان المسلسل بات يوحي أن مناورة الملكة الأميركية بيث في الحصول على البطولة ، وربما يمكننا أن نقول بأنه تلميح إلى أنه مناورة الملكة الروسية العميلة في إلهاء البطلة الأميركية للخسارة . . كم في الدراما من معاني، وكم فيها من إقناع عندما تكون إبداعاً متقناً … بعد كل ذلك، هل من الغريب أن يتعلق الرئيس السابق أوباما بمتابعة هذا المسلسل ؟؟؟؟