كتب

منتخبات كاشفة لجماليات الكتابة الشذرية الإيطالية

 

يقدم الشاعر أحمد لوغليمي ترجمة كاشفة لجماليات الكتابة والشعر الإيطالي ورؤى الكتاب والشعراء للكتابة والشعر، وحضورهما الإنساني والفلسفي والفني، إذ أنه في كتابه “بلد تلف فيه الكواكب حول دعسوقة: منتخبات من الكتابة الشذرية الإيطالية المعاصرة” الصادر عن دار ظلال وخطوط، حيث يقدم شذرات لـ 20 كاتبة وكاتبة من أجيال مختلفة، ولا يكتفي بترجمة تلك الشذرات المتوهجة بجلال الروح وفلسفة الحياة، بل يضئ جانبا من تجربة الكاتب أو الشاعر سواء بقراءته الخاصة أو بتصريح كاشف عن رؤيته أو رؤيتها للكتابة، وهو يبدأ بهذه الرؤية أو الإضاءة ويعقبها بالشذرات. وهنا سوف نسير على نهجه.

ـ يبدأ لوغليمي بـ “فابريتسيو كارامانيا، طورينو، 1969” قائلا إنه “كاتب أيطالي وباحث في الأشكال الكتابية المقتضبة، يدعو نفسه “متعقب أعاجيب“، يحب البحر والأشجار، الغيم.. لا يرتاد الصالونات الأدبية، لا يترشح للجوائز الأدبية، ومنذ زمن لم يعد حتى ينشر لدى دور النشر. في العام 2009 نشر كتابه “قطّارة” لدى دار Genesi Editrice ثم “خطوط حرير” عن دار Lietocolle Como ومنذ ذلك الوقت صار يطبع أعماله في طبعات شخصية مكتوبة باليد تتخللها رسومات شخصية أيضا بقلمه، ولا تتجاوز 50 نسخة يوزعها بنفسه، ومع ذلك ترجمت أعماله إلى أكثر من 12 لغة عالمية.

من شذراته:

** مرحبا أيتها الكآبة، إنه أنا، افتحي، حملت معي كتابا، بضع ذلك ذكريات وجرعة معقولة من “لا يهم” و”حسن للغاية”.

** اقطفي الصرخة العجائبية للزهرة الأكثر ألوانا، ستجدينني هناك.

** حينما لا ينظر إليها أحد، النجوم لا تبقى نجوما. ربما هي ألماس، غبار جنيات، ضحكات أطفال، ملوكا أو عبيدا. هي مثلنا حينما لا ينظر إلينا أحد.

** ما الاسم الذي سيكون لي لو قيّض لشجرة أن تناديني؟

** إلى أين تذهب الجبال ليلا حينما لا نراها؟ ربما تذهب لتسعف طرف سماء معيب يوشك أن يسقط.

ـ الشاعرة نينا آين: كاتبة شابة من مواليد كالياري عاصمة جزيرة سردينيا الإيطالية. تقول عن نفسها “أكتب نكاية في العالم، لأنني مقتنعة بأن العالم يرفض أن يُقال، أعمل بحماس كمحامية وأيضا ككاتبة لشذرات صغيرة.. إذا شبت النيران في بيتي سأفر بجلدي حاملة قطتي، الكتب والموسيقى، اللوحات لن أحملها فقط لأن يدي ستكون مشغولة..” من أعمالها كتاب “الشذرات”.

 من شذراتها:

** أعرف مكانا موجودا فقط في المساء، عندما أتوقف عند إشارة المرور وتتبادر إلى ذهني صورتك.

** أنا خارجي، وأنت من لديك المفاتيح.

** لا توجد شبكة هنا، القلب لا يلتقط شيئا.. اُكتبْ لي.

** الجحيم امرأة محبوسة مع ألف فستان في غرفة بلا امرآة.

** لو يتوقف السهم لإلقاء نظرة على عدد الأمتار التي قطعها وتلك المتبقية له.. لسقط في منتصف الرحلة.

ـ أنطونيو كاستر ونووفو ـ 1954 ـ مواليد أتشيرينتسا الإيطالية، كاتب ومترجم مهتم بالتاريخ والكتابة عن الموسيقى، يقول “أستمتع بملاعبة الكلمات، أحاول تكثيف الشذرة في أقل ما يمكن من الكلمات، أعتبر نفسي ضاغط كلمات”.. من أعماله “سارق الدراجات الهوائية”، و”الأرملة السعيدة”، و”العالم قربة صغيرة”.

من شذراته:

** كذبة لا تستحي من شيء، ولا حتى من حبلها القصير.

** كان يبتسم عندما يشمئز من العالم، فيراه الآخرون سعيدا.

** يومها أراد أن يكون مبالغا: ضحك في المأتم وفي المساء سعل في الحفل الموسيقي.

** الحياة هي بلا ريب رواية: الأمر مرتبط فقط بعيشها أو كتابتها.

ثمة كتب تترك أثرا في روحك. وهو أثر يأخذ مكانة جنبا إلى جنب مع الحب الأول أو هبة الابن الأول

ـ ماركو إيركولاني من مواليد مدينة جنوة 1954، طبيب نفساني، باحث مهتم بالعلاقة بين الإبداع والجنون، شاعر مهتم بالشعر الحديث، نشر الكثير من المجاميع القصصية، ناقد وكاتب متعدد. يقول “أرسل إليّ صديق رسالة يسألني فيها بعد قراءته لأعمالي قائلا: هل أنت مصنوع من ماء أم من كلمات؟”، أجبته “أنا مصنوع من كليهما”.. من مؤلفاته “التحفة غير المكتملة”، “مجرّات موازية”.

من شذراته:

** الكتابة حديث لا نتذكر حفيفها.

** الشيخوخة هي الاستسلام للأجوبة.

** لماذا أستيقظ وكأن أحدا ما ينام في داخلي؟

ـ ألبيرطو كارزيراغي من مواليد 1952 أوزانكو مقاطعة ليكو الإيطالية، قاص، شاعر، شاذر وناشر أيضا، نشر أكثر من 9000 عمل إبداعي لكتاب مشهورين مثل ألدا ميريني وأيضا لكتاب مغمورين، يقول إن الشهرة من عدمها لا يصنع الفرق، الفرق يصنعه الإبداع النوعي والأصيل.. من مؤلفاته “حكايات أنهار سرية صغيرة”، “أين تحلّلق العيون؟”، “العيون لا تعرف كيف تخرس”.

من شذراته:

** آخر مرة رأيتني فيها

كنت مختبئا في حلم.

** حينما تنظر الأنهار إلى السماء

تعدّ الأسماك الأجنحة.

** مُزلزلٌ هو الحب

الذي تُكنّه الظلال للشمس.

** العيون لا تعرف كيف تسكت.

ـ ريكاردو أورياني ـ ولد بطورينو 1963 كاتب قصة وشاذر، ينتمي إلى ذلك النوع من الكتاب الذين يراقبون العالم وتصرفات البشر ليقطر تأملاته وانفعالاته فيما بعد في شذرات مكثفة ومقتضة.. من أعماله “كتاب الشظايا”.

من شذراته:

** ملل:

إذا شعرت به فهذا يعني أن العالم صار مملا.

ببساطة أنت فقدت القدرة على النظر باهتمام حقيقي.

بعيارة أخرى، المُمِلُّ الوحيد هو أنت.

** صداقة:

نحن بحاجة ـ على الأقل ـ لصديق واحد. كيما نتمكن من القول بأن الآخرين، كل الآخرين، لا يفهموننا.

** كتاب:

ثمة كتب تترك أثرا في روحك. وهو أثر يأخذ مكانة جنبا إلى جنب مع الحب الأول أو هبة الابن الأول.

وأنت تقرأ كتابا كن مثل كنيسة مهجورة، مستعدة لاستقبال أي هائم بلا أية أحكام مسبقة.

ـ فرانتشيسكو بوردين من مواليد ترييست 1916 ـ 2003 مختص في العلوم السياسية والتاريخ، روائي وقاص وكاتب نشر العديد من الأعمال الروائية والقصصية، من مؤلفاته “مارس أقسى الشهور”، “العاشق”.

من شذراته:

** أحب أن أكون مع الحيوانات. بجانب النباتات. أمام البحر أو الجبال. أحب أن أتأمل تجوال الغيوم أو سكون الليل المرصع بالنجوم.

لا أبحث عن رفقة الناس، لدي واحد مندس تحت جلدي وهو يكفيني ويزيد.

** الحب من النظرة الأولى: عبارة تستعمل فقط في اقترانها بالحب.

بينما تظهر التجربة أن الاستخدام سيكون أكثر ملاءمة عند اقترانها بانتهاء الحب.

ـ أودجينيو مونطالي ـ مواليد مدينة جنوة 1898 ـ 1981 واحد من أعظم الوجوه الأدبية الإيطالية، من الحاصلين على جائزة نوبل للآداب، شاعر وكاتب كبير. من مؤلفاته “حول الشعر”، “خارج البيت”.

من شذراته:

** العبقري للأسف لا ينطق دائما بلسان حاله. العبقري يترك فقط آثارا على الثلج كما أرنب بري.

** الناس مثل الخمور؛ ليست كل الخمور تتعتق بتقادم الزمن؛ بعضها يحمض.

 

 

ميدل إيست أون لاين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى