من أوجه الأزمة

كما للأقنعة عدة أوجه ، فإن للأزمات أيضا وجوهها المختلفة ، والتي تأتي بطبيعة الحال مترافقة مع الحروب و النكبات التي تحل بالبلاد ، و تتفرع منها عدة مظاهر لم تكن تخطر على بال أحد. فقساوة الحروب ليست فقط بسب الأسلحة المستخدمة بها بل تتعدى ذلك بكثير.

فالحرب هي أكثر شيء مكروه في العالم وأسوأ فعل قامت به البشرية، و مهما كانت دوافعها نبيلة أو دنيئة ومهما كان هدف مشعلها ومن سينتصر بها النهاية دائما تكون ذات آثار و نتائج سلبية تطال الجميع دون استثناء ، والإقتتال الدائر بها يجر خلفه عدداً كبيراً من الأزمات على مختلف الأصعدة سواء أكانت سياسية أم إجتماعية أو إقتصادية أو تربوية، و تكشف الستار عن ممارسات تصدمنا بواقع مرير كنا قد أغمضنا أعيننا عنه أيام السلم.

سبع سنوات مرت على الأزمة السورية ومازالت نيرانها المستعرة تكوي بلهيبها البشر والحجر، وقد طالت آثارها غالبية الشعب، و كانت السبب في تدمير البنية التحتية، الأمر الذي انعكس سلباً على عيشة المواطن البسيط الذي فقد أغلب مقومات الحياة بسبب قلة فرص العمل و الارتفاع الجنوني في الأسعار وفقدان بعض المواد الأساسية.

وعلى الرغم من ويلات الحروب والمآسي التي تنجم عنها، هناك دائماً فئة تقوم بإشعال فتيلها وتأجيج نيرانها وتفعل المستحيل لمنع اخمادها، هذه الفئة بطبيعة الحال تكون مصالحها وأرباحها مرتبطة باستمرارية الحرب، وإيقافها يتسبب بالخسارة لهم، حتى و إن كان على حساب غيرهم، فعندما تتحوّل الحرب إلى تجارة رابحة، وباب استرزاق لدى البعض، يصبح المشهد أكثر تعقيداً وتداخلاً، وهذه تعتبر من أخطر المشكلات الإنسانية التي نواجهها حالياً و ما أكثرها. هؤلاء هم من طفيليات الأزمة الذين طفوا على السطح و دمروا الاقتصاد و باعوا ضمائرهم بأثمان بخسة لتحقيق مكاسب مادية خاصة بهم.

لقد بدأت تتبلور هذه الطبقة وتحقق ثروات على حساب المواطن العادي، مستغلة حاجاته الأساسية بدءا من الخبز والغذائيات وصولا الى المحروقات ، ويعد الفاسدين من مؤسسات الدولة و المتواطئين معهم أو الذين يعملون في إطار جماعات مافيوية الطابع، خاصة بهم، ليسوا بعيدين عن تجار الحرب، فهم يحولونها في ظل غياب شبه تام للرقابة إلى مرتع مخيف للرشوة واقتناص العمولات، وهذا ينعكس بشكل كارثي على المواطن ممن لديه معاملة في هذه الدوائر، أو آخرين نجدهم فتحوا باب رزق جديد لهم ووجدوا في فوضى الحرب مرتعاً خصيباً لممارسة أعمالهم غير المشروعة من سرقة وخطف وقتل إلى تهريب و إبتزاز و إستغلال، و نجدهم لا يبالون سوى بالمكاسب التي يحصلون عليها على حساب غيرهم.

المعروف دائماً بأن الحرب هي صراع بين طرفين أو أكثر لكن الفقراء والطبقة المتوسطة هم أكثر من يعاني فيها بينما الذي ركب الموجة وغيب ضميره وامتهن السرقة بغية الربح على حساب الفئة الأولى يحاولون بشتى الوسائل تحصيل أكبر قدر من الأرباح، فهم طبعاً في نهاية الأمر، وعند نهاية الأزمة سيغادرون الوطن مع أموالهم التي حصلوا عليها من قوت الشعب الفقير ليتنعموا بها في الخارج ويبقى المواطن الفقير وحيدا في وطنه يعاني من آثار و تداعيات الأزمة .

و في حال هدأت الحرب وتوقفت أو خفت أتون المعارك، ترى كم من الاعوام نحتاجه لاعادة ما تم تدميره من البشر و الحجر ؟؟؟
و للحديث تتمة ….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى