من المستفيد من وجود “داعش”

رؤية شخصية وليست حقائق

ما يجري في الخفاء ليس كما يروج له الإعلام، فالإعلام هو فقط عبارة عن أداة لنقل أهداف خاصة تُبعد رؤيتنا عما سيجري في المستقبل البعيد. هناك مخططات صهيونية خطيرة أرى أفقها في المستقبل. لقد ساهمت روسيا من خلال تقييم غير دقيق قدمته إلى القيادة السورية فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الأزمة السورية. كان من نتائج مثل هذا التقييم إطلاق سراح عناصر من تيارات إسلامية قاعدية الهوى في عام 2012 من ضمن من شملتهم قوانين العفو التي صدرت آنذاك. كان من نتائج الإفراج عن مثل هذه العناصر أنها أنعشت التيارات الجهادية وأعادت إحياءها على خلفية ما يجري من أحداث في سورية، وهو ما ساهم في نجاح الجهود الهادفة إلى إقناع من يعارض السلطة السورية بأن البديل الوحيد لغياب النظام في سورية هو المتأسلمين، كما أدى ذلك إلى حرف مسار الاحتجاجات السلمية في سورية لتصبح فعلاً عبارة عن عصابات مسلحة. هذا ما أسس المناخ الملائم لظهور “داعش” وهو ما صرف نظر المجتمع الدولي عن المطالبة بإسقاط النظام في سورية الذي انتقل من موقع النظام غير المرغوب به إلى نظام من الضروري بقاؤه لمحاربة ظاهرة تنظيم “داعش” وأمثاله. سمح هذا لسورية بأن تقنع من يعاديها من جيرانها بتحالف إقليمي لمحاربة دولة “الخلافة”. والجدير بالذكر أن التاريخ يعيد نفسه، فمسلسل التهجير والهرب الآن، من البيوت في المناطق التي تقع تحت سيطرة “داعش” تشابه إلى حد كبير ما حدث في فلسطين عام 1948.

ولكن ما يحاك في الخفاء يختلف تماما عن الفخ الذي أوقع فيه النظام في سورية، فلا الولايات المتحدة ولا المجتمع الدولي سيتدخل عسكرياً. قد يتم توجيه بعض الضربات الموجعة لتنظيم “داعش” ليتم الإيحاء بأن موقف الغرب هو ضد هذا التنظيم، ولكنه لن يقضي عليه كلياً وذلك لأسباب صهيونية. منذ قيام الكيان الصهيوني وحلم الصهاينة هو قيام دولة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل، فبعد أن تمكنت إسرائيل من احتلال فلسطين، لم تستطع احتلال الدول المجاورة وذلك لرفض المجتمع الدولي لمثل هذا التوسع، ولكن بوجود “داعش” الآن، وبعد تمددها جغرافياً في العراق وسورية ومحاولاتها في لبنان وربما الأردن، حينها سيتفق المجتمع الدولي على إعلان الحرب على هذا التنظيم، وبما أنها شارفت على حدود فلسطين المحتلة فستتباكى إسرائيل على أنها مهددة، وسيتزامن وقت إعلان الحرب مع أزمة اقتصادية عالمية، وبالنسبة للمجتمع الدولي فإن هذه الحرب ستكون مكلفة للغاية والحل الأنسب هو بإعطاء الضوء الأخضر لشن إسرائيل حربها لتنال مبتغاها.

على كل السوريين الآن أن يوحدوا قواهم لوقف هذا المخطط الذي سيهلك هذا البلد المنهك من الحرب والشعب الذي تعب بما يكفي من سنوات الضياع هذه. علينا أن نتحد اليوم، فكلنا اليوم، سواء أكنا معارضين أم موالين، في خندق واحد، وعلينا أن نعي هذه الحقيقة وإلا فلن يكون هناك سورية بعد اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى