من هو الرئيس اللبناني القادِم وِفقًا لمُواصفات “حزب الله” فرنجية أم باسيل.. أم أنّ هُناك خِيارٌ ثالث؟
من هو الرئيس اللبناني القادِم وِفقًا لمُواصفات “حزب الله” فرنجية أم باسيل.. أم أنّ هُناك خِيارٌ ثالث؟…. الغضب الذي كانَ مرسومًا على ملامح الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، وكانَ من السُّهولة رصده، أثناء إلقاء خِطابه في الضّاحية الجنوبيّة عصر اليوم الجمعة بمُناسبة الاحتِفال بـ”يوم الشّهيد” كان يُوحي، من وجهةِ نظرنا، بحالةٍ من القلَق وعدم الاطمِئنان على مُستقبل لبنان، وتطوّرات أوضاعه الحاليّة، ويعكس احتِمال تفاقم أزَماته وخِلافاته، وانقِساماته، وبِما قد يُعرقِل عمليّات استِخراج النفط والغاز بعد توقيع اتّفاق ترسيم الحُدود البحريّة اللبنانيّة والسّبب الرّئيسي هو استِمرارُ المُؤامرة الأمريكيّة.
لندَع موقف السيّد التّحليلي المُتكامِل، والعِلمي، للانتِخابات الأمريكيّة والإسرائيليّة، وانعِكاساتها على المِنطقة مثلما جاء في خِطابه، ولنُرَكِّز في هذه القراءة على عدّة نقاط رئيسيّة يُمكن أن تَرسُم بعض، أو مُعظم، ملامح المرحلة المُقبلة لتطوّرات الأوضاع في لبنان، ونشرح في الوقتِ نفسه أسباب توقّفنا عندها دون غيرها:
الأولى: تركيز السيّد نصر الله على عمليّة الشّهيد أحمد قصير ابن جبل الهرمل الذي قاد سيّارة بيجو مُفخّخة بكميّاتٍ كبيرةٍ من الدّيناميت، واقتَحم بها مركز الحاكِم العسكري الإسرائيلي في صُور بعد الاجتِياح الإسرائيلي عام 1982، ولم يُعلن “حزب الله” في حينها عن وقوفه خلفها إلا بعد ثلاث سنوات، أيّ 1985، وكأنّ السيّد نصر الله في هذه اللّفتة يَشعُر بالحنين إلى هذا النّوع من العمليّات ضدّ الاحتِلال وإعادة إحيائه ويتمثّل ذلك من “تمنّياته” أن يُقدِم على تنفيذ مثيلاتها مُقاومون بغضّ النّظر عن جنسيّتهم لهزّ الكيان الصهيوني.
الثانية: السُّخرية من أولئك الذين يُراهنون على الضّمانات الأمريكيّة في لبنان لتنفيذ اتّفاق ترسيم الحُدود، واستخراج النفط والغاز الذي يتطلّع إلى عوائده اللبنانيّون لإخراجهم من أزَماتهم الطّاحنة الحاليّة، ويُذكّر (السيّد) هؤلاء بالضّمانات الأمريكيّة للفِلسطينيين قبل ثلاثين عامًا، بعد توقيع اتّفاقات أوسلو، ويُعيد التّأكيد إلى أنه لولا قُوّة المُقاومة ومُسيّراتها لما تمّ هذا الاتّفاق، وستَظلّ المُقاومة مُلتزمةً بالنّهج نفسه دون تغيير.
الثالثة: اتّفاق التّرسيم لم يُنجَز لأجل لبنان، وإنّما لتجنّب المِنطقة الحرب، مثلما كرّر ذلك بوضوح، لأنّ الإدارة الأمريكيّة عبر وسيطها، تُعطي الأولويّة لأوكرانيا، وروسيا وأزمة الطّاقة العالميّة، وتُدرك جيّدًا أخطار انخِراط دولة الاحتِلال في حربٍ مع “حزب الله”، وهذا تشخيصٌ دقيق يعكس عدم ثقة بالولايات المتحدة، واحتِمالات حُدوث مُواجهة قريبة يخوضها حزب الله مع دولة الاحتِلال وعلى أرضه إذا تعثّر تطبيق الشّق اللبناني من الاتّفاق بسبب المَكْر الصّهيوني المدعوم أمريكيًّا، واحتِمالات التعثّر ما زالت كبيرة.
الرابعة: تحديد السيّد نصر الله لهُويّة الرئيس اللبناني القادم المطلوب ومُواصفاته، عندما قال: نُريد رئيسًا للجمهوريّة مُطَمْئِنًا للمُقاومة، وشُجاعًا، لا يُباع ولا يُشتَرى، ويُقدّم مصلحة لبنان على مصلحته الشخصيّة، ولا يطعن المُقاومة في الظّهر، وأكّد أن هذه المُواصفات تمثّلت في رئيسين جِنرالين، الأوّل إميل لحود، والثاني ميشيل عون، وهذا تلميحًا بأنّ حزب الله لن يقبل بالحُلول الوسَط في مسألة انتِخاب خليفة للرئيس عون، لأنّه لا يُوجد إلا مُرشَّحًا واحِدًا للرّئاسة تتوافر فيه مُعظم هذه الشّروط من وجهة نظر المُقاومة، وهو السيّد سليمان فرنجية غير المَرضي عنه في التّكتّل الآخَر، ممّا يعني أن أزمة الفراغ الرئاسيّ قد تطول لأسابيع وربّما أشهر.
الأيّام القادمة للبنان قد تكون صعبةً، وربّما مُتفجّرةً، لأنّ رأس المُقاومة، ورُغم مُرونتها لتمرير اتّفاق ترسيم الحُدود ما زالت مُستَهدفةً، ورأسها مطلوب، لأنّ السُّلوك الأمريكي في فرض الحِصار وتجويع الشّعب اللبناني لم يتغيّر مُطلقًا، فما زالت السّفيرة الأمريكيّة تتدخّل في كُلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ في لبنان، وما زالت دولتها ترفض الوقود الإيراني المجّاني، وتمنع وصول الغاز المِصري والكهرباء الأردنيّة بذريعة تطبيق عُقوبات “قيصر” على سورية.
خِطاب السيّد نصر الله ينطوي على “مرارة” غير مسبوقة، ويعكس احتِقانًا ضخمًا من خيبة الأمل، ويأسًا من تطبيق اتّفاق ترسيم الحُدود بالسُّرعَةِ المطلوبة، والسّبب التآمُر الأمريكيّ الذي لم يتغيّر، بل يتزايد وما زال يكن العداء نفسه للبنان المُقاوم، والسّبب سِلاحُ المُقاومة، ونهجِها، وقِيادتها التي لا تُباع ولا تُشتَرى، ولا تتنازل عن ثوابتها ونعتقد أن طيّ صفحة الاتّفاق الحُدوديّ ربّما تكون أسرع ممّا توقّعه أكثر المُشَكِّكينَ به.. واللُه أعلم.