من يسيطر على أسواق المال؟ (سمير التنير)

 


سمير التنير

يسيطر على أسواق المال في العالم بضع شركات عملاقة. وهي التي تحدد أسعار العملات، وأسعار المواد الأولية، ومشتقات الفائدة المصرفية. ويشارك في ذلك ملايين المستثمرين والشركات الصغيرة، التي تقوم بعمليات البيع والشراء. وتمر تلك العمليات من خلال مؤسسات عالمية منها: «دوتيشه بنك» و«ج.ب. مورغن» و«غولدمن ساكس». ان الرابحين من تلك العمليات هم واضعو أسسها وقواعدها، ما يعني وجود قواعد احتكارية واضحة تؤدي إلى حصول أرباح طائلة بغير وجه حق. وقد قررت لجنة المنافسة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي تغريم بعض تلك المؤسسات. وبلغت الغرامات حوالي 1,7 مليار يورو.
تتعامل تلك الشركــات الكــبرى يومياً بمبالغ كبيرة جداً من العملات العالميــة التــي تصــل قيمتــها إلى 5,3 تريلــيون دولار. وتقدر شركة المحاسبة البريطانية KBW ان أربــاح التجــارة بالعــملات الصعــبة تــقدر بـ26 مليار دولار في اليــوم. وفي خــلال تلك المعامــلات تـدور على الألسن أسماء الشركات الكبرى نفسها. وتسيطر على نصف عمليات العملات في العالم أربع شركات هي: «دوتيشه بنك»، «سيتي غروب»، «باركليز» وUBS.
من خلال تلك السيطرة يمكن الاستنتاج بأن كلما كان عدد الشركات المسيطرة قليلاً، كلما زادت فعاليتها. وكلما كثر عددها، كان ذلك أفضل. وعند إقفال التعامل في بورصة لندن عند الساعة الرابعة بعد الظهر من كل يوم، يتم تجميد الأسعار كافة بحسب سعر الإقفال في العالم كله. خاصة بالنسبة لأسعار الدولار الأميركي واليورو الأوروبي. ان تثبيت هذا السعر، لا يتم فقط بالنسبة لبورصة لندن، بل بالنسبة للبورصات الأخرى في نيويورك وفرانكفورت.
تراقب أعمال تلك الشركــات مؤسســات حكوميــة ودولــية. وقد اتخذت اجراءات محددة ضد بعض الشركــات في بريطانــيا خاصــة تــلك الشركات التي تضارب على أسعار الذهب. وفي بروكسل فرضت لجنة المنافسة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبــي غرامات على الشــركات التي تتلاعب بأسعار الفائــدة المصرفــية. وتثــار في هذا المجــال الأســئلة المحرجــة حول قوة الشركات المالــية والبنــوك، التي أصبحــت من خــلال الأزمــة المالية العالمية الكبرى، أكثر قوة مما كانت عليه.
تلاحظ آنات ادماتي أستاذة الاقتصاد في جامعة ستانفورد ان العقوبات التي تفرض على الشركات، لا تطال المسؤولين عن الاحتكار وعن الأضرار التي يسببها. كما تثار في هذا المجال أيضاً التشريعات الضرورية التي يجب فرضها على الشركات المالية الكبرى في العالم. وقد وضعت لجنة متخصصة في الاتحاد الأوروبي لائحة بالاقتراحات التي يمكن تطبيقها على المؤسسات المالية العالمية، للحد من الأضرار الناتجة من أعمالها. وفي الولايات المتحدة قدمت مقترحات لقوانين باسم بول فولكر، مدير البنك المركزي السابق. ويقول الخبراء الاقتصاديون ان تلك القوانين الجديدة، لن تحل المشكلة. وهكذا تدور الأمور في حلقة مفرغة، لا نهاية لها. كما يُظهر التحليل السابق.


صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى