مهرّب الأهازيج !

الشعر ضروره . آه لو أعرف لماذا؟

________________________________________
بمناسبة اليوم العالمي للشعر
_________________________________________

ـ 1 ـ

يشبه الشاعر أرغن الكاتدرائيات، كلما مضى عليه الزمن تعتق في قلبه الخشبي صوت الحياة… لكن الخروج من ” المكان” يجعل الأرغن صندوقاً خشبياً وحسب… عتيقاً للبيع أو الذكرى.

ـ 2 ـ

الشاعر يبدع في “العزلة” ويموت في “المنفى”. قد يقطع ما بينهما متردداً ما بين” القصر” أو ” القبر” وكلاهما موحش. فللأول تباع الأغنيات، وللثاني الجسد.

ـ 3 ـ

الشاعر القديم أمضى حياته مؤرجحاً بين الخيمة والغيمة، واقفاً على باب السلطان، أو تائهاً على مفترق الإبل.
الشاعر الحديث صادف ديوانه الأول صعود الحاكم على دبابة. كان الثاني بحاجة للأول ليقودا معاً غش الجماهير بالأحلام. ملأ ديوانه “سياسة” وملأ الحاكم العربي السياسة “مجزرة”… وعنما افترق الاثنان، كان المنفى للشاعر والوطن للضابط.

ـ 4 ـ

في أيامنا…الشاعر الحي ليس أفضل من الشاعر الميت. يتكفل بغياب الأول: الشرطي والعزلة والمنبر والمنفى… والثاني قد تكفل بتغييبه الزمن.

ـ 5 ـ

“المنفى أرق طويل”. ولكننا نشاهد الشعراء سعداء فيه، وبؤساء في الكلمات. يقولون المنفى ضريبة الحرية. ولو كانت الشعوب العربية تهاجر من نقصان الحرية في الهواء اليومي…لخلت الأوطان من البشر.

ـ 6 ـ

قد يخرج شاعر من المستنقعات…ويبقى نظيفاً، قد يسكن قصراً ويصبح قذراً. يقول باسترناك: “إن شخصاً رديئاً لا يمكن أن يكون
شاعراً “.

ـ 7 ـ

كانوا يكتبون على حائط في شارع: “اخفض صوتك. هنا يسكن شاعر، يكتب الآن”.

ـ 8 ـ

الشاعر الذي لا يراه شعبه في محنته إلا صوتاً عبر الأثير آتياً من شاشات وبلاد الآخرين…يصبح اسماً في تاريخ الأدب… وليس أغنية في ذاكرة الناس.

ـ 9 ـ

الأمميات كلها… هرّبت كثيراً من الشعراء من بلدانهم. وهناك في المنتجعات…امتدحوا “طشقند” ونسوا “بغداد”. كتبوا عن “صوفيا” وأهملوا “دمشق”…قالوا هجاء في فرانكو اسبانيا وتجاهلوا الديكتاتوريات العربية.

ـ 10 ـ

لرثاء شاعر راحل لا بد من فتح خزانته وقلبه الموجودين على رفوف المكتبة… صريحين في كتاب غيابه.

ـ 11 ـ

قبور الشعراء لا تتحول إلى أحواض زهور بعد الجنازة إلا إذا كانوا قد زرعوا، أثناء حياتهم، زهرة في كل قلب.
بعض القبور تغدو حديقة بأمر. أو تكية سلطانية بغمزة عين.

ـ 12 ـ

لا بد من شاعر… لا تذبل على ضريحه رسائل من أحبوه. يأتون في الشتاء ليسألوا الشاعر عن اتجاه البرد.وفي الربيع عن زهرة الحب. وفي الصيف عن أغان لتقليم الضجر… وفي كل خريف يأتون اليه بنبيذ الذكريات.

ـ 13 ـ

إذا صار “الوطن” غابة… فالشاعر، هو الوحيد، الذي لايجوز ان يصبح وحشاً.

ـ 14 ـ

مهنة الشاعر ليس وصف الأشياء، بل الانتقال من الصورة إلى التصور، ومن الجزئي إلى الكلي، ومن الضوء إلى النور.

ـ 15 ـ

حين يرثي الشاعر… يجب أن يكون جميلاً في لغته أكثر من جماله في لغة الحب، وذلك لأنه يتحدث عن الأكثر مأساوية في الحياة: الغياب.
الرثاء يجب أن يصور لك عالماُ بأكمله … ينهار فجأة.

-16-

ليست كل الجثث صالحة للجملة الشعرية المؤلمة…
ليس هناك أية جثة صالحة لأي شيء…
الشعر يمجد الحياة، ويترك لحفار القبور بقية المهن.

ـ17ـ

تعلّم الانتظار أيها الشاعر…فثمة من سيحسن تقدير انتظارك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى