علوم وتكنولوجيا

مهمة تاريخية لـ ‘بلو أوريجن’ تعيد ناسا الى طريق المريخ

نجحت شركة بلو أوريجين، المملوكة لمؤسس أمازون جيف بيزوس، يوم الخميس في إطلاق صاروخها الضخم نيو جلين، حاملاً مركبتين فضائيتين متطابقتين تابعتين لوكالة ناسا في رحلة تستغرق عدة سنوات نحو المريخ، في خطوة تُعد اختباراً حاسماً لقدرات الشركة على إرسال البشر والإمدادات إلى القمر والكواكب الأخرى.

انطلق الصاروخ الذي يبلغ طوله 98 متراً (321 قدماً) من منصة الإطلاق في محطة قوة الفضاء بكيب كانافيرال في فترة بعد الظهر، بعد أن تأجل الإقلاع لأربعة أيام بسبب سوء الأحوال الجوية والعواصف الشمسية القوية التي أضاءت سماء فلوريدا بشفق قطبي غير معتاد.

وفي أول تجربة ناجحة من نوعها، تمكنت بلو أوريجين من استعادة المعزز الرئيسي للصاروخ بعد انفصاله عن المرحلة العليا والمركبتين المريخيتين، في خطوة اعتُبرت بالغة الأهمية لخفض التكلفة عبر إعادة الاستخدام، على غرار ما تقوم به سبيس إكس التي كانت تتفرد سابقا بهذه القدرة.

شهد موقع الإطلاق فرحة كبيرة بين موظفي بلو أوريجين الذين هتفوا “الخطوة التالية، القمر!” بينما تابع بيزوس الحدث من غرفة التحكم. بعد عشرين دقيقة من هبوط المعزز بنجاح على منصة بحرية على بعد نحو 600 كيلومتر عن الساحل، قامت المرحلة العليا بنشر مركبتي المريخ في الفضاء، محققة الهدف الرئيسي من المهمة.

الخطوة التالية، القمر!

وتحمل المركبتان الفضائيتان، المسمّات “إسكيبيد”، مهمة علمية دقيقة. ستبقيان في مدار قريب من الأرض لمسافة تصل إلى مليون ميل (1.5 مليون كيلومتر) لمدة عام، للاستفادة لاحقاً من مساعدة الجاذبية الأرضية في التوجه نحو المريخ في عام 2027، عندما يكون الكوكب الأحمر محاذياً للأرض. ومن المخطط أن تقوم المركبتان بدراسة الغلاف الجوي العلوي للمريخ والمجالات المغناطيسية المتفرقة، وفهم تفاعلها مع الرياح الشمسية، لتقديم معلومات تساعد في تفسير التحول التاريخي للكوكب من بيئة رطبة ودافئة إلى كوكب جاف ومغبر، بالإضافة إلى توفير بيانات لحماية رواد الفضاء من الإشعاعات القوية.

وقال روب ليليس، العالم الرئيسي لمشروع “إسكيبيد” من جامعة كاليفورنيا في بيركلي: “نريد حقاً فهم التفاعل بين الرياح الشمسية والمريخ أفضل مما نفعل الآن. وجود مركبتين في نفس الوقت سيتيح رؤية ستريو غير مسبوقة لهذه الظواهر.”

تبلغ ميزانية المهمة نحو 80 مليون دولار فقط، وتديرها جامعة بيركلي، وهي منخفضة نسبياً مقارنة ببعثات ناسا التقليدية. وكان من المقرر إطلاق المركبتين في الخريف الماضي، إلا أن ناسا فضلت تأجيل المهمة بسبب المخاوف من تأخر بلو أوريجين في تجهيز صاروخ نيو جلين الجديد.

ويُعد صاروخ نيو جلين، الذي يحمل اسم رائد الفضاء الأميركي جون جلين، أول أميركي يدور حول الأرض، أكبر بخمس مرات من صواريخ نيو شيبرد الصغيرة التي تطلقها الشركة من غرب تكساس. ويخطط مهندسو بلو أوريجين لإطلاق نموذج أولي لهبوط القمر “بلو مون” على الصاروخ نفسه خلال الأشهر المقبلة.

ويأتي هذا الإنجاز بعد محاولة سابقة في يناير/كانون الثاني الماضي، حين انفجر المعزز الرئيسي قبل أن يتمكن من الهبوط على المنصة البحرية. وقد عملت بلو أوريجين مع إدارة الطيران الفيدرالية على إصلاح المشكلات، وتمكنت من تنفيذ الهبوط بنجاح في المحاولة الثانية. وأشاد منافسها إيلون ماسك، مؤسس سبيس إكس، بالإنجاز عبر وسائل التواصل الاجتماعي قائلاً: “رائع!”، فيما أبدت المديرة التنفيذية لشركة سبيس إكس، جوين شوتويل، إعجابها بالخطوة التاريخية.

ويمثل استرجاع المعزز وإمكانية إعادة استخدامه خطوة حاسمة لخفض تكلفة الرحلات الفضائية، وهو ما يتقنه منافسها سبيس إكس عبر صواريخه فالكون 9 وفالكون هيفي وستارشيب. وتعمل بلو أوريجين على تطوير مركبة هبوط للقمر، بينما تسعى ناسا لإعادة إرسال رواد الفضاء إلى القمر بحلول نهاية العقد الحالي ضمن برنامج أرتميس. وقد أعادت وكالة الفضاء فتح عقود الهبوط القمري للطاقم الأول بسبب مخاوف تتعلق بتأخر برنامج ستارشيب، وطالبت بتسريع خطط بلو أوريجين للمساهمة في عودة البشر إلى سطح القمر بسرعة أكبر.

وقالت إدارة الشركة في تصريحات صحفية: “سنحرّك السماء والأرض لدعم ناسا في مهمتها لإعادة البشر إلى القمر”، مؤكدة أن نجاح إطلاق نيو جلين واسترجاع المعزز خطوة رئيسية لإثبات جاهزية الصاروخ لنقل حمولات أكبر بكفاءة أكبر.

وبهذه الإطلاقات المزدوجة – نشر المركبتين الفضائيتين واسترجاع المعزز – وضعت بلو أوريجين نفسها في موقع تنافسي ضمن السوق الفضائي العالمي، ومنافساً مباشراً لسبيس إكس التي تهيمن حالياً على الإطلاقات التجارية عبر صواريخها فالكون وستارشيب، مع توسيع قدرة الشركة على إرسال حمولات ثقيلة إلى الفضاء، القمر، وما وراءه.

 

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى