مواقع التواصل الاجتماعي نيكوتين العصر
حذرت دراسة حديثة من الإدمان في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر وسناب شات وغيرها) بالرغم من انها أنشأت أفضل وسيلة لتحقيق التواصل بين الأفراد والجماعات.
وتشير الدراسة إلى أن الدماغ يرغب في تفقد مواقع التواصل الاجتماعي مرة كل 31 ثانية.
وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي الهاجس المسيطر على الشباب، إذ أن أول ما قد يفعله الشخص عند الاستيقاظ هو تسجيل الدخول إلى الفيسبوك أو تويتر أو غيرها من شبكات التواصل، وقبل الذهاب إلى النوم أو العمل,أو التحضير للدراسة.
ويستخدم أكثر من مليار شخص حول العالم الفيسبوك وحوالي خمسمائة مليون شخص يستخدمون تويتر، وهي أرقام تظهر أن مواقع التواصل الإجتماعي أصبحت تحتل حيزا هاما في حياة الشباب وباتت قضية تؤرق المختصين وتجعلهم يدقون ناقوس الخطر.
وأصبح ملف علاج ادمان مواقع التواصل الاجتماعي محل بحث ودراسة في اغلب المراكز البحثية المعنية بدراسة المجتمعات والسلوكيات البشرية بتأثيره المباشر على بنية المجتمع وتماسك الأسرة فأصبحت الشكاوى والاستغاثات تتزايد من وجود مدمن أو أكثر داخل الأسرة الواحدة على مواقع التواصل الاجتماعي.
إحدى المصحات اللندنية التي تعالج الإدمان، تستقبل سنويا حوالي مئة شخص يعانون من الإدمان على مواقع التواصل الإجتماعي.
والمرضى هم مراهقون من الجنسين إضافة الى نساء ورجال تقل أعمارهم عن الخامسة والثلاثين.
وأثبتت دراسة حديثة أن 400 مليون شخص يعانون من ظاهرة الإدمان على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ويعد هذا النوع من الإدمان الجديد أقوى من الإدمان على الخمر أو المخدرات أو التدخين، وهو أحد أسباب ظهور حالات التوتر والاكتئاب التي قد تؤدي إلى الانتحار.
وقامت جامعة شيكاغو مؤخرا في اختبار استقصائي على عينة من مئتين وخمسين شخصا تتراوح أعمارهم بين 18 عام و28 عام حول ما هو الأكثر إغراء والأضعف مقاومة من بين التدخين وإدمان الكحول وفيسبوك فكانت المفاجأة أن الغالبية أكدت أن الاخير لا يقاوم.
وأوضحت الدراسة العلمية التي نشرتها صحيفة ديلي ميل البريطانية أن الإفراط في استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي قد يؤدي إلى اكتساب عادات سيئة منها عدم النوم باكراً وعدم الالتزام بالمواعيد.
وأكدت دراسة في جامعة ميشغان، أنه كلما زاد استخدام الشباب لتلك الوسائل، تراجع لديهم الرضا بالنفس وبحياتهم ككل.
وأشارت الدراسة إلى أن هذا النوع من الإدمان يترك آثارا نفسية وجسدية على المدمن منها الخمول الجسدي وقلة الحركة والصداع والشعور الدائم بالتوتر والتعب خصوصا عند انقطاع الإنترنت، إضافة إلى حب الوحدة والتشبث بالرأي والهروب من مواجهة المجتمع الواقعي.
ويؤكد العالم ريشارغراهام “أن علامات المدمنين على مواقع التواصل الاجتماعي تتجلى في حالة من التكاسل الشديد في القيام بالأنشطة اليومية الضرورية ولا يظهرون أي اهتمام بمظهرهم الشخصي وغير منتظمين في تناول الوجبات الغذائية ومعدلات النوم ويسجلون تأخر في أعمالهم أو دراستهم”.
وتحفز مواقع التواصل الاجتماعي الانسان على انجاز أكثر من مهمة في نفس الوقت وبالتالي فانها تضعف انتباهه و تقلل من إنتاجيته ويعي الباحثون جيدا أن دماغ الانسان لا يستطيع التركيز في أمرين في نفس الوقت.
ويرى الخبراء ان الظاهرة باتت تهدد الأسرة وخاصة الأبناء بسبب غياب المتابعة والتوجيه اللازميْن لضمان التربية السليمة والسوية.
فالأم لها عالمها الخاص والأبناء كل منهم له عالمه الخاص الذي لا يدري أحد عنه شيئاً، فلا تدري الأم شيئاً عن أصدقاء أبنائها، ولا كيف يقضي الأبناء أوقاتهم، كما أن التواصل عبر شبكة الإنترنت بات أهم من التواصل الاجتماعي المباشر حيث لم تعُد الروابط الأسرية لها قدسيتها كسابق عهدها.
وازدادت هذه الظاهرة تعقيداً وخطراً بعد أن أتيح استخدام وسائل الاتصال عبر الهاتف الجوال، وبات الأخير الشاغل الأول للشباب في الأسواق وداخل المنزل بل والقاعات الدراسية وأروقة الجامعات.
بقعة ضوء وسط ظلمة الاثار الجانبية
ويرى الخبراء انه على الرغم من استخدام الشباب تلك المواقع في البداية للدردشة وإقامة الصداقات وتفريغ الشحنات العاطفية إلا أنه ومع مرور الوقت تطورت العلاقة بين الشباب ومواقع التواصل الاجتماعي فأصبحوا يستخدمونها في تبادل وجهات النظر والمطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. كما أنها نجحت في نقل الأحداث لحظة بلحظة وقت وقوعها.
ويمكن تبادل المعلومات ومشاركتها مع دائرة المعارف داخل مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما ساعد الكثير ممن يعانون من مشاكل العزلة أو الخجل من التعامل مع الآخرين على التغلب على هذه المشاكل.
ويقول بينجامين ميلر مدير مركز الرعاية الصحية للبحوث العلمية في جامعة كولورادو “يكمن جمال مواقع التواصل الاجتماعي في كونها تساعدك على العثور على أشخاص يشبهونك وتسمح لمرضى السكري والاكتئاب بالالتقاء بمرضى مثلهم في مجموعات مخصصة”.
ويقول ميلر” يعمل المرضى على دعم وتشجيع ومساعدة بعضهم البعض في الأوقات الصعبة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي”.
ويضيف “ان سماع أخبار العائلة والأصدقاء يجعلنا نشعر بأننا مهمين ومحبوبين. كما أننا لا نحب أن نكون أخر من يعلم بالأخبار والأحداث المهمة والآن، مع ظهور الهواتف الذكية أصبح بامكاننا الحصول على أكبر عدد ممكن من المعلومات دون الحاجة الى النهوض من السرير”.
وكما يساعد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل مع الخبراء و الأطباء و أخصائي التغذية وعلماء النفس والمعالجين يساعد الانسان على تغيير واقعه ويمنح دوافع لتبني عادات جديدة ومشاعر وسلوكيات جديدة.
لا افراط ولا تفريط
وينصح باحثون بخطوات للتخفيف من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي بتنظيم الوقت، اي ان على المستخدم أن يقوم بتنظيم أولياته خلال يومه بحيث لا يدخل إلى تلك المواقع إلا بعد الانتهاء من أعماله الأساسية وتلبية احتياجات عائلته على ألا يتجاوز استخدامه لها الـ20 دقيقة خلال اليوم.
كما على الشخص أن يعطي أصدقاءه الوقت الكافي للقائهم وقضاء الوقت الكافي معهم، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة والذهاب إلى شاطئ البحر أو قراءة رواية أو كتاب أو القيام بالهواية المفضلة لديه.
ويوصي الخبراء كل شخص بالتغيب عن مواقع التواصل الاجتماعي مدة أسبوع إن كان قد مضى على استخدامه لها عام كامل دون توقف، بما يفيده من ناحية السيطرة على إرادته في التعامل مع تلك المواقع.
وللإفلات من إدمان فيسبوك وتويتر يجب زيارة مواقع أخرى بما يُتيح فرصةً للتعرف على مواقع مفيدة ومختلفة.
كما ان التفكير في الأمور التي من الممكن أن تقوم بها عوضا عن إضاعة الوقت على هذه المواقع، كالقيام ببعض الأمور مثل تعلم لغة جديدة والعزف على آلة موسيقية وممارسة التمارين الرياضية أو اليوغا وقراءة الكتب، مهم.
ويفضل حذف الأشخاص الإضافيين من لائحة أصدقائك، اذ أن وجود المزيد من الناس يعني وجود المزيد من الأخبار و النشاطات الخاصة بكل شخص مما يتطلب وقتا أكثر في تفحص الأمور و متابعتها.
وسواء كان كمبيوترك لوحيا أو محمولا او كنت تستخدم هاتفا جوالا، ضع الجهاز في مكان بعيدا عنك في حال وجودك في المنزل، سيصيبك القليل من الكسل المفيد في هذه الحالة والذي يمنعك من الإنتقال من موضعك عند رغبتك في إستخدامه للإطلاع على آخر التحديثات على مواقع التواصل.
ميدل ايست أونلاين