موجة أخرى من التراجع تضرب الليرة التركية
تراجعت الليرة التركية أمام الدولار اليوم الثلاثاء إلى أضعف مستوياتها في التداولات العادية منذ مايو/أيار الماضي وذلك قبيل قرار وشيك من البنك المركزي بشأن السياسة النقدية ووسط قلق المستثمرين حيال التوترات في ادلب السورية، حيث تحشد تركيا قواتها وأيضا بسبب التدخل العسكري في ليبيا والتوترات في شرق المتوسط.
وخلص استطلاع رأي أجرته رويترز إلى أن البنك المركزي التركي الذي خفض سعر فائدته 1275 نقطة أساس منذ يوليو/تموز، سيخفض على الأرجح أسعار الفائدة 50 نقطة أساس أخرى إلى 10.75 بالمئة غدا الأربعاء.
ويقول المستثمرون إن الإفراط في التيسير النقدي قد ينال من قوة العملة في ظل ارتفاع التضخم في الأشهر الأخيرة.
ويساور بعض المستثمرين قلق أيضا في ظل توقع تصاعد الصراع في إدلب بشمال غرب سوريا. وأرسلت تركيا آلاف الجنود والمركبات العسكرية إلى هناك وأعطت قوات الحكومة السورية مهلة حتى نهاية الشهر للانسحاب من مواقع مراقبة حاصرتها في تقدم حققته حديثا.
وفي الساعة 09:17 بتوقيت غرينتش، سجلت الليرة 6.0695 للدولار بعد أن ضعفت حتى 6.0710 مقارنة مع 6.0485 في إغلاق أمس الاثنين.
وخلال “انهيار خاطف” في المعاملات الآسيوية يوم 26 أغسطس/آب الماضي، لامست الليرة لفترة وجيزة مستوى 6.47 وسط سيولة بالغة التدني آنذاك.
وفقدت الليرة حوالي اثنين بالمئة منذ بداية العام أمام الدولار بالإضافة إلى هبوط 36 بالمئة على مدى العامين الأخيرين انطلقت شراراته خلال أزمة عملة في 2018.
وتراجع المؤشر القياسي لبورصة اسطنبول 0.9 بالمئة، إذ نزل مؤشر القطاع المصرفي أكثر من واحد بالمئة. وهبطت أيضا الأسهم الأوروبية بعد أن ألقى تحذير بشأن الإيرادات من شركة ابل الضوء على تأثير تفشي فيروس كورونا على سلاسل الإمداد العالمية.
وهذه ثاني موجة انخفاض تضرب الليرة في بضعة أسابيع بفعل سياسات التسيير النقدي وأيضا بدفع من الاضطرابات التي أثارها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتدخلاته العسكرية في سوريا وفي ليبيا وفي شرق المتوسط حيث دخل في معركة لي أذرع مع الشركاء الأوروبيين الذين لوحوا بفرض عقوبات على أنقرة ما لم توقف عمليات التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية القبرصية.
ولم يكن انهيار الليرة التركية مفاجئا في خضم التوترات القائمة فقد سبق أن حذّر خبراء اقتصاديون من أن سياسات أردوغان وتدخلاته الخارجية تدفع الاقتصاد التركي إلى حافة الانهيار.
وكانت قطر قد وعدت بضخ 15 مليار دولار لتركيا لمساعدة عملتها الوطنية في استعادة استقرارها. كما كشف مصدر من السلطة في شرق ليبيا أن حكومة الوفاق الوطني الليبية بقيادة فائز السراج ضخت نحو 4 مليارات دولار في البنك المركزي التركي كوديعة بلا عوائد وذلك لدعم الليرة التركية وكبح انحدارها.
وليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها العملة الوطنية التركية موجة هبوط حاد، ففي العام 2018 فقدت الليرة التركية نحو 40 بالمئة من قيمتها للأسباب ذاتها التي دفعت هذا الشهر لتراجع قياسي في أسابيع قليلة.
وعلى خلاف رأي خبراء الاقتصاد يشدد أردوغان على أن ارتفاع أسعار الفائدة هو السبب في استمرار التضخم المرتفع، فيما يواصل معركته من أجل خفض نسبة الفائدة “لدعم النمو”.
وتعاني تركيا منذ فترة حالة من الركود، فيما يتوقع اقتصاديون ودبلوماسيون ومصادر من المعارضة أن تعمق التدخلات العسكرية الخارجية التي يقودها أردوغان جراح الاقتصاد المتعثر.
ميدل إيست أونلاين