موريتانيا تتمسك بالحياد الإيجابي في نزاع الصحراء
جددت نواكشوط دعمها للجهود الأممية الهادفة إلى إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية وهو ما أكده الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزاوني في مداخلته خلال اجتماع الجمعية العام للأمم المتحدة بنيويورك، فيما يشكل هذا الحياد الإيجابي ضربة موجعة لجبهة بوليساريو الانفصالية التي علّقت آمالا واهية على تغير في موقف نواكشوط، وداعمتها الجزائر التي أخفقت في استقطاب موريتانيا من بوابة وعود تنموية ومشاريع مشتركة خلفت العديد من نقاط الاستفهام حول جدواها الاقتصادية.
وأثار تصريح ولد الغزواني الذي يتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأفريقي غضب الجبهة الانفصالية واتهمته بـ”محاباة” المغرب ومحاولة إبعاد المنظمة الأفريقية عما تصفه بـ”قضية الشعب الصحراوي”.
ويأتي هذا التطور ليعمّق عزلة الجبهة الانفصالية في المنطقة، في وقت تعتبرها أغلب الدول الأفريقية “كيانا شرعيا”، وسط مطالب بتصنيفها “تنظيما إرهابيا” بسبب مخططاتها العدائية التي تهدد الاستقرار الإقليمي.
وكان الغزاوني قد أكد في تصريح سابق أن “موريتانيا حافظت على الحياد في نزاع الصحراء المغربية منذ وصوله إلى السلطة”.
ورغم أن نواكشوط تقيم علاقات مع الجبهة الانفصالية، إلا أنها تمسكت طيلة الأعوام الماضية بتأييدها لكافة قرارات مجلس الأمن الهادفة إلى التوصل إلى حل مستدام ومقبول لدى الجميع.
ويرى مراقبون أن نواكشوط تتجه إلى مراجعة علاقاتها مع الجبهة الانفصالية، لا سيما وأن المغرب وموريتانيا أكدا خلال الآونة الأخيرة استعدادهما الجاد لتمتين العلاقات وتكثيف التنسيق وتعزيز التعاون في مختلف المجالات.
وفشلت الجزائر في استقطاب موريتانيا، بينما رفضت الأخيرة الانخراط في المبادرة التي أطلقها الرئيس عبدالمجيد تبون لإقامة تكتل مغربي يستثني الرباط، مشددة على ضرورة التمسك باتحاد المغرب العربي القائم.
ووصف وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق في الرباط في يناير/كانون الثاني العلاقات المغربية الموريتانية بـ”التاريخية”، مشددا على أن العاهل المغربي الملك محمد السادس “يولي أهمية خاصة لتطويرها في كل المجالات وذلك من منطلق الروابط الاستثنائية التي تجمع البلدين”.
وأرسلت نواكشوط خلال الفترة الأخيرة إشارات واضحة عن حسن نيتها تجاه الرباط ورفضها أي محاولة لتسميم العلاقات بين البلدين.
وفشلت الجزائر التي تدعم جبهة بوليساريو وتوفر الغطاء السياسي لقياداتها في التشويش على العلاقات المتنامية بين الرباط ونواكشوط التي تدرك أن مصالحها الاقتصادية تستوجب تعزيز التعاون مع الرباط والاستفادة من المبادرات التنموية التي تطرحها المملكة لدفع مسار التنمية في المنطقة.
وأثار إصرار الجزائر على تدشين معبر حدودي بينها وبين وموريتانيا في فبراير/شباط الماضي جدلا واسعا، وسط تساؤلات عن جدواه الاقتصادية خاصة وأن معبر الكركرات في الصحراء المغربية يستحوذ على أغلب المبادلات التجارية ويشكل شريانا حيويا يشعّ على كامل المنطقة.
وتعددت المحاولات الجزائرية لمجاراة النجاحات المغربية، بينما أدت مبادرة الأطلسي التي أطلقتها الرباط لتسهيل وصول دول الساحل الأفريقي إلى المحيط، إلى مزيد إرباك الجزائر المتوجسة من انحسار نفوذها في المنطقة.
ونقل موقع “هيسبريس” المغربي عن أحمد ولد عبيد نائب رئيس حزب “الصواب” الموريتاني قوله إن “الموقف الرسمي لنواكشوط كان دائما موقف الحياد الإيجابي وهو الموقف الثابت الذي حافظت عليه كل الحكومات الموريتانية المتعاقبة”، مؤكدا على أن “موريتانيا لن ترضح لأي ضغوط مهما كان مصدرها وطبيعتها لإخراجها عن هذا الحياد”.
وأضاف ولد عبيد أن “الموقف الموريتاني إيجابي وجيد غير أننا ما زلنا نرى أنه يتعين على الحكومة الموريتانية أن تتحرك في اتجاه الموقف الصحيح والطبيعي والأكثر تقدما، وهو ذاك المتمثل في دعم الموقف المغربي وتأييد مبادرة الحكم الذاتي التي يطرحها المغرب لإنهاء النزاع المفتعل”.
ميدل إيست أون لاين