ميسون أبو أسعد: الأزمة السوريّة فرّقتنا درامياً

تؤكد الفنانة السوريّة ميسون أبو أسعد، لـ «الحياة»، تفضيلها لقب «ممثلة» على «النجمة». وترى أن «النجومية قد تسطع بسبب الشكل مثلاً، أو أعمال لا تمت إلى الفن بصلة، لكنّ التمثيل مهنة وموهبة ومشروع».

كلام الممثلة الشابة يعبّر عن خطواتها الفنية منذ تخرّجها في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2009، والتي تبرز أن موهبتها في المسرح والسينما والتلفزيون أكبر من نجوميتها، على عكس كثر. وهي أيضاً لا تقبل بأي إضافة إلى لقب «ممثلة»، كـ «متحررة» أو «ملتزمة». تقول: «نحن نختار التمثيل كي لا نقولب في خانة محددة، الأمثل هو بكوني ممثلة فقط. الدور الذي يكون متكاملاً ومتماسكاً أياً كانت مواصفاته، سأؤديه. المهم، وجود المبرر الدرامي لأي شخصية. فالممثل قد يلعب كل الأدوار، ويجب أن يجرّب كل شيء، ويغيّر وينوّع في أدوار مقنعة درامياً بخلفية واقعية تبرِّر له هذا السلوك».

وتنجح خيارات أبو أسعد هذا الموسم، بإشراكها في بطولة العديد من المسلسلات المتنوّعة، بين الاجتماعية والكوميدية و «البيئة الشامية»، لا سيما مشاركتها الأولى في «بقعة ضوء» في جزئه الـ11، إذ أنهت تصوير لوحات عدة من العمل بشخصيات وأدوار مختلفة، تظهر من خلال «صبيّة لديها رهاب من المجتمع، وفتاة غنية ومبهرجة ولوحات أخرى»، وفق أبو أسعد التي تشير إلى أن «بقعة ضوء من أهم الأعمال، هو براءة اختراع سورية، ومن قلّدوه لم ينجحوا أبداً»، مضيفةً أن «حالة الارتجال فيه ذكّرتني بالمسرح، أنا أستمتع بالتصوير وأجتهد لتقديم أفضل ما لديّ».

وفي الأعمال الشامية، تستمر أبو أسعد في تجسيد دور زوجة «أبو عصام»، «ناديا»، في الجزء السابع من «باب الحارة»، لافتةً إلى أنّ «الشخصية ستتطوّر أكثر في الجزء الجديد، بعدما أضاف وجودها العام الماضي الكثير الى العمل». وكانت «الحياة» كشفت سابقاً، تعرّض «أبو عصام» لمشاكل عدة بسبب «ناديا»، التي تُقتل في خضمّ أحداث الجزء الجديد.

وفي خانة الأعمال الاجتماعية المعاصرة، تشارك أبو أسعد في مسلسلي «حرائر» للمخرج باسل الخطيب، و «شهر زمان» للمخرج زهير قنوع، بشخصيتي «زبيدة» و «تولين»على التوالي. توضح أن «زبيدة ابنة تاجر دمشقي غنيّ، تتزوج بشخص لا تحبه كي ترفع مرتبتها الاجتماعية أكثر. هي فتاة سعيدة في حياتها وتحبّ المظاهر، وسطحية ومتعجرفة كثيراً مع الآخرين، بينما «تولين» تمتهن الصحافة وهي صديقة البطلة «جوري» (ديمة قندلفت)، التي تدفع ثمن هروب صديقتها من زوجها الاستغلاليّ، فتختطف وتهان وتغتصب»، مردفةً أنّ «العمل يتحدث عن سورية اليوم، وعن كل الجوانب القاسية والسيئة التي ظهرت حديثاً في مجتمعنا».

وعلى صعيد الشاشة الذهبية، تقدّم الممثلة السورية تجربتها السينمائية الثانية مع المخرج باسل الخطيب بعد فيلم «مريم»، في بطولة فيلم «أهل الشمس» الذي يعالج قصصاً إنسانية من واقع سورية الحالي، متناولاً شخصيات كانت ضحايا للإرهاب. وتؤدي أبو أسعد دور «زينة، الشخصية ذات البعد التعبيري. هي انعكاس للأزمة والنضال، فقدت حبيبها وكل شيء في الحرب»، مشيرةً إلى استمتاعها خلال التصوير الذي شمل بعض أجمل المناطق في سورية، والتي لم تزرها منذ بداية الأزمة.

إلى ذلك، تبتعد أبو أسعد عن العمل في المسرح، على رغم أن بدايتها الفنيّة كانت على خشبته. وتؤكد أنّ السبب يعود الى انتظارها النص المناسب، لأنه من الصعب المخاطرة في المسرح. تقول: «تقف لساعتين أمام الجمهور لتأدية دورك، وممنوع عليك الخطأ وإلا ستفشل، وهو الأمر الذي لا نجده في التلفزيون والسينما، حيث بإمكانك إعادة مشاهدك مرات عدة للتمكّن منها، بالإضافة الى الوضع الأمنيّ الذي ساهم في تراجع الأعمال المسرحية في دمشق، فالناس أصبحوا يخافون من التنقل في الشوارع للضرورة، فكيف لمشاهدة عمل مسرحيّ؟».

وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على الأزمة، لم تغادر أبو أسعد وطنها إلاّ للعمل. تذكر كم كانت «هشّة وضعيفة» في البداية، وكيف كانت خائفة من خسارة كل شيء، مشيرةً الى أنها أصبحت اليوم أقوى، وتتابع: «الضربة اللي ما بتقتلك بتقوّيك، هكذا تعلمت مما يحصل في سورية، وصرت على يقين بأنّ الله منحنا فرصة الحياة، لذا يجب أن نعيشها على رغم كل ظروفها».

أما فنياً، فهي تنظر الى تأثير الأزمة سلبياً في الدراما السورية، وتعتبر أنّ أعمالاً كثيرة تقدَّم حالياً «رديئة جداً، ومن غير المقنع أن نقدّم في ظروف كهذه، نصوصاً متدنّية المستوى لهذه الدرجة، بخاصةً أن هناك منتجين استغلوا الأزمة من خلال صرف أموال قليلة على العمل الدرامي للربح فقط، لذلك نرى كتاباً وممثلين مهمّين غابوا عن هذه الأعمال». وتختم: «الأزمة شتّتتنا وفرّقتنا درامياً، هذه هي المشكلة الحقيقية».

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى