في الأيام الماضية، طغى على مؤتمر ميونيخ للأمن، في دورته الستين، حربا أوكرانيا وغزة وأزمة المناخ والهجرة. كذلك حضرت قضايا الذكاء الاصطناعي.
ويعد مؤتمر ميونيخ أهم منصة عالمية لتبادل الأفكار والطروحات بشكل غير رسمي بين قادة الدول وصناع القرار حول سبل تجنب الحروب والصراعات وترسيخ الأمن بمعناه الشامل في العالم. لذلك اتجهت الأنظار إلى توجهات الولايات المتحدة الأمريكية في إطفاء الحروب ودعم الأمن، خاصة و أنها القوة العظمى القادرة على الفعل والمؤثرة في معظم الصراعات. فكيف كانت المواقف الدولية تجاه الاستراتيجية الأمريكية في كل بؤرة من بؤر الصراع، وفي كل منطقة من المناطق التواقة للأمن؟؟؟
شكلت كلمة نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس بما قدمته من رؤية ودور لأمريكا شكلت خيبة لكثير من الأطراف. فتأخر الدعم العسكري لأوكرانيا الذي كان من أهم أسباب خسارتها لمدينة أخرى وبسبب التخوف الأوكراني من عودة ترامب ابرم زيلينسكي اتفاقات ثنائية مع كل من ألمانيا وبريطانيا. وربما يتفق بمثلها مع فرنسا هذه الأيام. والسؤال: هل ستتترك أمريكا أوكرانيا بدون السلاح الضروري لإنجاز النصر وإنهاء الحرب؟؟؟ هذا السؤال يصبح مصيرياً في ظل الخيبة من أداء بايدن والتخوف من عودة ترامب.
أما الحرب على غزة، فتعاملت هاريس معها في ميونخ بعبارتين واضحتين. الأولى وهي (ضرورة استعادة إسرائيل لرهائنها لدى حماس)، والعبارة الواضحة الثانية هي حول أن (لا دور لحماس في مستقبل غزة أو إدارتها). وإضافة لهاتين العبارتين الواضحتين كان في خطاب هاريس عبارة غامضة حول أن (الحل الوحيد لتحقيق أمن إسرائيل والسلام في المنطقة هو حل الدولتين واقامة دولة فلسطينية) وهذا كله ترافق مع دعم أمريكي عسكري مستمر منذ بداية الحرب ودعم سياسي في الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية وتجاه جميع الدول. والمفارقة الآن أن واشنطن تعلن أنها ضد اقتحام إسرائيل لرفح، لكنها تزودها بكل الأسلحة اللازمة لهذا الغزو. وكل ما يقوله بايدن حول حفظ حياة المدنيين يمكن ترجمته بأنه يطلب من إسرائيل (لا تقتلوا المدنيين الفلسطينيين. اكتفوا بتشريدهم).
في ميونخ حفلت التصريحات الأوروبية بالخيبة أيضا تجاه أمريكا، وتتجلى هذه الخيبة خاصة فيما يطرح حول (مشروع إنشاء مظلة نووية أوروبية) للدفاع عن أوروبا بسبب عدم الثقة الأوروبية بالمظلة الأمريكية لحماية دول القارة، خاصة أنه إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض وهو الذي أعلن ويعلن أنه (لن تدافع أميركا عن أي دولة إذا لم تدفع تكاليف هذا الدفاع).
الخيبة من أداء بايدن كانت واضحة في النقاشات الدائرة في ميونخ. كذلك التخوف من عودة ترامب لأنه في الحالين سيعني استمرار الصراعات والحروب، واستمرار إسرائيل في عدوانها على الفلسطينيين في الضفة والقطاع.، وبقاء أوكرانيا رهينة المساعدات الأمريكية. وهذا ما يمكن أن يعني عدم قيام أمريكا بدورها كدولة عظمى بالمساهمة في و إدارة معالجة مشاكل وأزمات العالم وإطفاء الحروب وإنهاء النزاعات وترسيخ السلم والأمن في العالم، والمصيبة ان ما تقوم به أمريكا حقيقة هو العكس تماما.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة