مُستشرق إسرائيليّ: السعوديّة بحاجة إلينا
رأى البروفيسور و مُستشرق الإسرائيليّ مردخاي كيدار، من جامعة تل أبيب، أنّه صحيح أنّ قائد الجيش الإسرائيليّ، الجنرال غادي آيزنكوت قال في المقابلة مع موقع (إيلاف) السعوديّ، أقوالاً مهمة جدًا، مثل لن نقبل بتموضع إيرانيٍّ في سورية بشكلٍ عامٍّ، خاصة تموضعهم في غرب طريق دمشق ـ السويداء، ولن نسمح بأيّ وجودٍ إيرانيٍّ.
كما أنّه قال في المُقابة الـ”تاريخيّة” عينها، لقد حذّرناهم من بناء مصانع أوْ قواعد عسكرية ولن نسمح بذلك. أيْ: نحن أصحاب البيت في قطاع عمق عشرات الكيلومترات في أراضي سوريّة التي تلامس حدودنا، وأننا سنطرد من هناك الإيرانيين.
ومع ذلك، تساءل المُستشرق الإسرائيليّ، المعروف بمواقفه اليمينيّة والمُتشدّدّة: ماذا لو أقام الإيرانيون قاعدة في هذه المنطقة من أجل فحص حدود جرأة الدولة العبريّة، وأعلنوا أنّ مهاجمة هذه القاعدة ستؤدي إلى حرب كبرى؟ هل سيقوم “جيش الدفاع الإسرائيليّ” حقًا بمهاجمتهم؟
وبحسبه، يبدو أنّ إسرائيليين، كبار ومهنيين في إجراء المقابلات، نسوا القاعدة الأولى في ثقافة السوق في الشرق الأوسط، هذه القاعدة علّمنا إيّاها الكاهن الأكبر لقواعد المفاوضات في منطقتنا البروفيسور موشيه شارون (معلمي وكاهني أطال الله في عمره): لا تُظهر أبدًا الحماسة، لأنّ الثمن سيرتفع إلى مستوى لن تستطيع دفعه. وتابع: السعوديون يحتاجون لإسرائيل بسبب الإيرانيين، وسيكونون على استعداد للدخول إلى الفراش حتى مع الشيطان بذاته، فقط إذا خلصهم من الفارسيين، على حدّ تعبيره.
وأردف: لهذا يجب علينا أنْ نتظاهر بعدم الحماسة، من أجل أنْ يتشجعوا فيحاولوا إقناعنا بإبرام اتفاق سلامٍ معنا بشروطنا، مثلا، سفارة في القدس. لِمَ؟ هكذا. لأنّ هذا هو شرطنا.
ورأى البروفيسور كيدار أنّ سبعين عامًا من الانعزال، الكراهية، المقاطعة والقذف من جانب جيراننا جعلتنا ننفعل من أيّ ابتسامةٍ، وأنْ نثور من أيّة مصافحةٍ، وأنْ نتحمس من سؤالٍ لم يجد له إجابة وجهه مراسل قناة إسرائيليّة لأميرٍ من الدرجة الرابعة، وأنْ نبكي من الفرح عندما لم يخرج مندوب الكويت من القاعة عندما تحدث سفير إسرائيل. ولفت إلى أنّ “إن استحواذنا لإظهار اهتمام وحسن نوايا من جانب العرب وصل إلى مستوى اختلال نفسانيّ، وهم يستغلون حتى النهاية توقنا إلى ابتساماتهم ويقرؤون باستمتاع التحليلات الدقيقة (لمحللينا) للغة جسدهم، على حدّ تعبيره.
ووفقًا له، فإنّ الضغط والخوف من الإيرانيين، الذي يدفع السعوديين نحونا، يمكننا، ربمّا للمرة الأولى في التاريخ، وضع شروطٍ لـ”عقد القران”: مفاوضات مباشرة مع السعوديين فقط من دون تدخلٍ أجنبيٍّ، سفارة سعودية في القدس، اعتراف سعودي بدولة إسرائيل كدولة للشعب اليهوديّ، اعتراف بحقّ اليهود بالعيش في أرجاء أرض إسرائيل، فصل السلام مع السعودية عن المسألة الفلسطينية، امتناع السعودية من التصويت ضدّ إسرائيل في المؤسسات والمنظمات الدولية، تطبيع كامل، بما في ذلك علاقات علميّة، فنيّة، تجاريّة، صناعيّة ورياضيّة مع رفع أعلامٍ وعزف السلامين الوطنيين. لا نريد؟ مع السلامة وإلى اللقاء.
وشدّدّ المُستشرق الإسرائيليّ على أنّ مَنْ يعتقد أنّ سلامًا كهذا، الذي هو أفضل بكثير من الاتفاقات مع مصر والأردن، هو غير ممكن، ما زال قابعًا في عقلية جواسيس موسى الذين أخبروه بعد أن جالوا في البلاد: في اليوم الذي نرى فيه أنفسنا بحجمنا الصحيح، فإنّ جيراننا سينظرون إلينا بالطريقة المناسبة، وحتى ذلك الحين اهدءوا، على حدّ قوله.
وأشار أيضًا إلى أنّه من المتوقّع أنْ يُعلن الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد عن انتصاره قريبًا، وذلك في وقتٍ تُحقق التنظيمات الموالية لإيران نجاحات في لبنان واليمن والعراق، لتُصبح السعودية هي الخاسر الأكبر في تلك المعارك، مُتوقعًا إفلاس المملكة خلال فترةٍ أقصاها خمسة أعوام، على حدّ تعبيره. وأوضح أنّ صورة الوضع الحاليّ تؤكّد أنّ إيران هي الفائز الأكبر في حرب الأعوام الأخيرة، بينما السعودية هي الخاسر الأكبر. السؤال هو ماذا يمكن فعله في وضع كهذا، تحديدًا في إسرائيل؟ وبرأيه، فإنّه يجب التعويل على إدارة ترامب لأنّ أمريكا هي القادرة على إيجاد وضع تشعر فيه روسيا أنّ مصالحها مهددة دون أنْ يكون لدى بوتين حرية العمل.
لكن، استدرك المُستشرق الإسرائيليّ قائلاً إنّ ترامب يعتبر بوتين على ما يبدو زميل موقر، ومن غير الواضح على الإطلاق ما إنْ كان سيتخذ موقفًا معارضًا لموقفه، لافتًا إلى أنّه من المشكوك فيه إنْ كان ترامب سوف يستخدم قوات، عسكريّة أوْ اقتصاديّة، لاستفزاز روسيا.