مُستشرِقٌ إسرائيليٌّ يَعتبِر حكم حماس بالقطاع “كنزًا إستراتيجيًا يجِب الحفاظ عليه”

 

شاءت أمْ آبت، أقرّت أمْ أنكرت، إسرائيل تقِف اليوم أمام مُعضلةٍ كبيرةٍ في كلّ ما يتعلّق بقطاع غزّة، ومواصلة حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) السيطرة عليه. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، اعتبر المُستشرِق الإسرائيليّ، د. غاي بِخور، في مُقابلةٍ مع القناة الـ12 في التلفزيون العبريّ، اعتبر أنّ حكم حماس في القطاع هو كنزٌ إستراتيجيٌّ لكيان الاحتلال، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّه يتعيّن على دولة الاحتلال الحفاظ على هذا الكنز، على حدّ تعبيره. ومن نوافِل القول إنّ هذه التصريحات يُمكِن أنْ تكون في إطار الحرب النفسيّة القذرة والسافرة التي تشّنّها إسرائيل ضدّ الفلسطينيين لزيادة الانقسام وتكريسه بين فتح وحماس.

وفي السياق عينه، وبعد أنْ انتخبت إسرائيل العنصريّة، الفاشيّة والتطرّف الدينيّ يوم الثلاثاء الماضي، عادت قضية غزّة وبقوّةٍ لتُسيطِر على الأجندة السياسيّة في تل أبيب، فها هو وزير الأمن السابِق، المُتطرّف جدًا، أفيغدور ليبرمان، يُوصي رئيس كيان الاحتلال بتكليف بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة القادِمة، ولكنّه يؤكّد بمُناسبةٍ أوْ بغيرها، أنّ هدفه في وزارة الأمن سيكون إسقاط حكم حماس في القطاع، وهذه الخطّة لا يُمكِن أنْ تتّم بدون احتلال القطاع، واحتلال القطاع، كما يؤكّد الخبراء والمُحلّلين والباحثين في الشؤون الأمنيّة، سيجبي ثمنًا باهظًا من القوّات البريّة التابِعة لجيش الاحتلال، ويُحذّرون من أنّ الجيش النظاميّ الإسرائيليّ لا يقدِر على مُواجهة التنظيمات الفلسطينيّة التي تتبنّى حرب العصابات والمفاجآت.

من الناحية الأخرى، يُمكِن القول بحذرٍ شديدٍ إنّه ليس متوقّعًا من إسرائيل، التي انسحبت من قطاع غزّة في العام 2005 تحت مُسّمى خطّة فكّ الارتباط أحادي الجانب، ليس متوقعًا أنْ تعود إليه في عام 2019، لا سيّما من دون وجود خطّةٍ عسكريّةٍ واضحةٍ كفيلةٍ بالإطاحة بـ”حماس″ وضمان الأمن في غزّة، وإنْ لم تتوافر هذه الخطّة، فلن تُقدِم إسرائيل على هذه المُغامرة، لأنّها لا تعتمد على أحد سواها لضمان أمنها، سواء السلطة أمْ أيٍّ من الدول العربيّة، وبشكلٍ خاصٍّ مصر، التي تُشارِكها في حصار غزّة، بالإضافة إلى أنّ العلاقات بين البلدين في زمن الرئيس عبد الفتّاح السيسي وصلت إلى الذروة، الأمر الذي دفع الناطِق العسكريّ الإسرائيليّ الأسبق، الجنرال في الاحتياط آفي بنياهو، إلى القول إنّ السيسي هو هديّة مصر للشعب في إسرائيل، على حدّ تعبيره.

عُلاوةً على ما ذُكر آنفًا، كان لافتًا جدًا أنْ يزداد حديث الإعلام العبريّ، الذي يعتمِد على المصادر الأمنيّة بشكلٍ كاملٍ ويعتبر الجيس “بقرةً مُقدّسةً”، كان لافتًا أنّه في شهري آذار ونيسان (مارس وأبريل) شدّدّ على انخراط السلطة والدول العربيّة بجهود إسرائيل للإطاحة بـ”حماس″، ففيما رفض نتنياهو منح غزّة للسلطة، أعلن في الرابع من نيسان (إبريل) لـ”هيئة البثّ الإسرائيليّة” (كان)، عدم استعداد أيّ زعيمٍ عربيٍّ لإدارة غزّة، إنْ استعادت إسرائيل السيطرة عليها عسكريًا.

وذكر الكاتب الإسرائيليّ في صحيفة “مكور ريشون”، وهي صحيفة يمينيّة، يائير شيلغ، ذكر في الــ31 من آذار (مارس) الماضي، أنّ الحلّ بعيد المدى في غزّة، ويتمّ بانخراطٍ إسرائيليٍّ دوليٍّ مع الدول العربيّة، التي تستعدّ لحلّ مشكلة غزّة، دون أنْ يُسّمي أحدًا من هذه الدول.

من ناحيته، أوضح الرئيس السابق لشعبة الأبحاث الفلسطينيّة في وزارة الشؤون الإستراتيجيّة الإسرائيليّة الجنرال كوبي ميخائيل، في دراسة لمعهد أبحاث الأمن القوميّ، التبِع لجامعة تل أبيب، أوضح أنّ إسرائيل قد تُواجِه مشكلة في عدم وجود مَنْ يملأ الفراغ في غزّة بعد غياب “حماس″، سواء السلطة أوْ أيّ جهةٍ مُريحةٍ، فيما أشار النائِب الأسبق لرئيس جهاز الموساد الجنرال رام بن باراك في مقابلةٍ مع صحيفة “معاريف” العبريّة، تمّ نشرها في الـ26 من شهر آذار (مارس) الماضي، أشار إلى أنّه لا بُدّ من الإطاحة بـ”حماس″ بتوحيد القوّات المصريّة والإسرائيليّة والسلطة الفلسطينيّة والسعوديّة، على حدّ تعبيره.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو قد أعلن عشيّة الانتخابات لصحيفة “إسرائيل اليوم” رفضه لعودة السلطة الفلسطينيّة إلى قطاع غزّة، لأنّ إسرائيل مُستفيدة من الانقسام الفلسطينيّ بين غزة والضفّة الغربيّة، وهو لن يُعيد غزّة إلى سيطرة رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس.

وأضاف نتنياهو: إنّ غزّة والضفّة باتتا كيانين منفصلين، وهذا الانقسام بينهما ليس أمرا سيّئًا لإسرائيل، لكن عبّاس جلب هذا الانقسام بيديه، لأنه قلّص تحويل الأموال إلى غزّة، على أمل أن يشعل الأوضاع الداخلية فيها، وهو يسعى إلى أنّ نحتلها، وأنّه بالدمّ الإسرائيليّ سيحصل عليها، قال رئيس الوزراء الإسرائيليّ، الذي ؤكّد مُحلّلون مُقربون منه أنّه لا يرغب في مُواجهةٍ عسكريّةٍ مع حماس في القطاع، خشيةً من دفع ثمنٍ غالٍ في الأرواح من صفوف الإسرائيليين، جيشًا ومُواطنين.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى