مُقِّرًا بفشله بوأد المقاومة.. الكيان: العمليات الفلسطينيّة بالضفة تُذكّرنا بما واجهه الجيش بجنوب لبنان…
زهير أندراوس
على الرغم من عدم تكافؤ القوّة بين جيش الاحتلال الإسرائيليّ والأذرع الأمنيّة في الكيان مع المُقاومة الفلسطينيّة الناشِطة والفاعِلة بالضفّة الغربيّة المُحتلّة، وعلى الرغم من أنّ الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة، التابِعة لسلطة رام تقوم بالتنسيق أمنيًا مع الاحتلال، على الرغم من هذيْن العامليْن المؤثّريْن جدًا، فإنّ المقاومة الفلسطينيّة في الضفّة أنزلت وما زالت تُنزِل الخسائر في صفوف جيش الاحتلال وقطعان المُستوطنين، الأمر الذي يقُضّ مضاجع الإسرائيليين، قيادةً وشعبًا.
في الماضي غيرُ البعيد انتهج الاحتلال سياسة ما لا يُمكِن الوصول إليه بالقوّة يجِب الحصول عليه بالعقل، ولكنّ هذه السياسة أعلنت إفلاسها إزّاء إصرار المقاومة على تحمّل الضربات ومحاولة الردّ عليها بالمثل، لذا اضطرت دولة الاحتلال إلى تغيير السياسة، وباتت اليوم تنتهِج سياسة “ما لا يُمكِن الحصول عليه بالقوّة، يجِب تفعيل أكثر قوّةٍ من أجل تحقيقه”، وعلى الرغم من ذلك، فإنّها لم تتمكّن من القضاء على المقاومة المسلحة، وعلى نحوٍ خاصٍّ العمليات الفرديّة، التي يُنفذها مقاومون لا ينتمون لأيّ فصيلٍ من تنظيمات المقاومة الفلسطينيّة الفاعلة على الساحة.
وقال الخبير العسكريّ رامي أحمد في تحليلٍ نشره بموقع (المعهد المصريّ للدراسات) إنّ ” المُقاوَمَة نجحت في تطوير قدراتها التصنيعية العسكرية لتصبح منتجة لمنظومات الصواريخ بمديات مختلفة قريبة واستِراتيجِيَّة، وأسلحة فردية وأنظمة إلكترونية لخداع أنظمة الدفاع الجوي الإِسْرائيليّ والطائرات المسيّرة، والتي حلقت أثناء الحرب، والأهم من كل ذلك حالة الإعـــداد النفسي والمعنوي للمقاتلين وللشعب، ما انعكس إيمانًا بالقضية وعقيدة قتالية راسخة، وكذلك حالة التنسيق والتواصل الميداني والعملياتي والإعلامي والاجتماعي البَيْني بين مقاتلي المُقاوَمَة وبين المُقاوَمَة والشَّعْب”، كما قال.
وأضاف: “كما ظــهــرت خــلال المعارك الأخــيــرة حــالــةٌ مــن صـــراع الإرادات والــتــحــدي المتبادل بين قيادة المُقاوَمَة والقيادة الإِسْرائيليّة، فقد ظهر بوضوح ســواء من حيث تطور العمليات الميدانية أوْ أعمال إطــلاق الصواريخ وأثبتت المُقاوَمَة أنها تعمل بــإدارة وتخطيط موقوت بعيدًا عن الارتجال أو الانفعال، حيث حــافــظــت عــلــى ثــبــات أدائـــهـــا”، على حدّ تعبيره.
وعلى وقع هذا التطوّر، أفادت مصادر أمنيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب أنّ جيش الاحتلال قرّر تأمين الحماية للأجزاء الداخلية لسيارات الجيب الخاصّة بوحدات النُخبة التي تعمل في عُمق الضفة الغربيّة المُحتلّة، وذلك بعد زيادةٍ واضحةٍ في حالات وضع العبوات الناسفة على المحاور التي تتحرك فوقها القوات، وفق ما أفاد موقع هيئة البث الرسميّة الاسرائيليّة (كان).
وبحسب هيئة البثّ، التي اعتمدت في تقريرها على محافل عليمةٍ بالمؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، فإنّه إزّاء تكرار تلك العمليات التي عرّضت أفراد جيش الاحتلال للخطر في الأشهر الأخيرة، ولاسيما وحدات النُخبة فقد تقرر اتخاذ الإجراء لتحصين الجزء السفلي من المركبات.
وأشارت في الوقت عينه الى أنّ الحاجة تشتدّ الى تلك الخطوة أمام طبيعة تفعيل تلك العبوات عن بعد وحشوها بمتفجرات عالية الجودة، ووفقًا للموقع، فإنّ نشاط الفلسطينيين بدأ يذكّر بالتكتيك الذي واجهه الجيش في جنوب لبنان قبل انسحابه في 25 أيار (مايو) من العام 2000، على حدّ تعبيرها.
في سياقٍ ذي صلةٍ، أعلن جهاز الأمن العام الإسرائيليّ (الشاباك) أنّه تمكّن من كشف هوية منفّذي عملية التسلل إلى قاعدة (تساليم) العسكريّة بالنقب، واعتقالهم بعدما سرقوا 26 ألف طلقة من القاعدة العسكرية، إلّا أنّ هذا “الإنجاز” لا يعني أنّ عملية الاختراق لم تحصل، بل سلّطت الضوء أكثر على الفشل المتكرر لجيش الاحتلال.
وأوضح الشاباك في بيان له، نشرته وسائل الإعلام العبريّة، أنّ منفذي عملية التسلل والسرقة شخصان من سكان إحدى قرى البدو غير المعترف بها.
صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة نقلت تعليقًا لمسؤولٍ كبيرٍ في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، قال “فيه صحيح أنّ نجاح القوات الأمنيّة في الوصول إلى مرتكبي السطو، لكن مرارة الفشل تبقى لاذعة”، مضيفًا “الجيش فشل في امتحان حراسة قواعده”، على حدّ تعبيره.
ولفت المسؤول الإسرائيليّ الكبير في جيش الاحتلال، الذي لم تكشف الصحيفة اسمه، إلى مكمن الصعوبة في حماية القواعد العسكرية من مثل هذه العمليات، إذ أشار الى أنّه “فضلًا عن المساحة الشاسعة التي تضم مناطق تدريب القوات البرية التي تقدر بـ 700 ألف دونم، فإنّ معظم السرقات والاستفزازات وزراعة المخدرات تتم في مناطق التدريب المخصصة للرصاص الحي”، وأضاف “لهذا السبب تمّ تشكيل فرقة تحقيق بالشرطة قامت بالفعل باعتقال العشرات من المشتبه بهم خلال العام ونصف العام الماضي وتوجيه التهم إليهم”.
وتحدّث هذا المسؤول عن تعاظم مشكلة المخدرات وانتشارها في صفوف العسكريين، إذ كشف أنّ جيش الاحتلال أنشأ أيضًا سريّةً احتياطٍ خاصّةٍ مهمتها القيام في نهاية كلّ أسبوعٍ بتحديد وتدمير بؤر المخدرات في مناطق التدريب بإطلاق النار في مستوطنة (تساليم).
وقال: “في نهاية الأسبوع الماضي، تمّ تدمير 30 بؤرة مخدرات من هذا القبيل وقبل حوالي أسبوعين 40 بؤرة. ومع ذلك فهنالك زيادة في حجم السرقات من مناطق إطلاق النار في تساليم”.
يُشار إلى أنّ عملية كشف واعتقال منفذي عملية السرقة، تمّت بالتعاون بين جهاز (الشاباك) والشرطة وجيش الاحتلال وهي تعتبر أكبر عملية سرقة من نوعها من قاعدةٍ عسكريّةٍ.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية