مُلاسنة لأوّل مرّة في مجلس الأمن.. لماذا تحدّث مندوب إسرائيل عن “احتلالٍ أردنيّ” للضفّة الغربية؟
تعكس المُلاسنة اللفظيّة التي جرت في مُحادثةٍ حادّة بين مندوبي الأردن وإسرائيل في الاجتماع الطارىء الأخير لمجلس الأمن حجم تردّي العلاقات والانهيار التي وصلت إليه العلاقات الأردنية- الإسرائيلية على خلفية التأزيم الناتج عن الزيارة الشهيرة التي قام بها وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى متحديا طلبا أردنيا مباشرا بعدم تنفيذ هذه الزيارة.
وتلاسن مندوبا إسرائيل والأردن خلال نقاش مجلس الأمن ووصف المندوب الإسرائيلي الأردن بأنه احتلّ الضفة الغربية وهو أمر رفضه مندوب الأردن الدائم ورد عليه بخشونة مع الإشارة إلى أن الاحتلال يعرفه العالم ويعلم المجتمع الدولي من الذي يحتل أرضا لشعب مستقل ويعتدي على حقوقه.
ولعلّها من المرّات النادرة التي تحصل فيها مشاحنات علنية بين مُمثّلي بقيّة الدول الكُبرى بين الأردن والجانب الإسرائيلي، الأمر الذي يعكس برأي مراقبين ودبلوماسيين يرصدون المشهد تطوّرات حادّة وعملية دحرجة لزيارة بن غفير إلى المسجد الأقصى على صعيد العلاقات بين عمان وتل أبيب.
ويعني ذلك أن العلاقات في حالة تراجع كبيرة وسط أنباء أيضا عن وقف وتجميد عملية التنسيق الامنية بين الجانبين وعن عدم تبادل أي رسائل في الأسبوعين الماضيين ويزيد التعقيد في العلاقات الأردنية الإسرائيلية سلسلة العقوبات اليمينية المتشددة ماليا التي اتخذتها أيضا حكومة إسرائيل المُصغّرة ضدّ السلطة الفلسطينية بهدف تقويض أعمالها والعمل على تفجير وتفخيخ الأوضاع العامّة وغياب أي حالة للهدوء.
ويُعبّر الأردن عن مخاوفه من الممارسات اليمينية المتطرفة التي تقررها وتُشرعنها حكومة اسرائيل الحالية في كل مشاوراته واتصالاته، إما داخل عمان مع السفراء الاجانب إو في الخارج عبر المجالس الأممية وعبر الاتحاد الاوروبي حيث تنشط الدبلوماسية الأردنية هنا في الاتجاه المضاد للإسرائيليين تماما.
ويعتبر الأردن إن زيارة بن غفير كانت خطوة أولى في سياق الرغبة في تقويض الوصاية الهاشمية الاردنية على أوقاف القدس الإسلامية والمسيحية وسيعقبها خطوات أخرى.
وهو ما تنبّهت له الحكومة الأردنية عندما قرّرت زيادة علاوة موظفي وزارة الاوقاف في قسم القدس بمقدار 400% كما قرّرت زيادة عدد الموظفين في اوقاف القدس بتعيين 100 موظف جديد اغلبهم من الحراس ومن المراقبين بمعنى أن الوصي الأردني يتوسّع في الكادر ويُراقب أكثر أو سيُراقب أكثر في الأيام والأسابيع المقبلة ما يجري داخل الحرم المقدسي.
في الوقت الذي يرد فيه الأردن مشتبكا على الصعيد اليميني الاسرائيلي يبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية ومعها الحلفاء الغربيون يتفهّمون هذه المرّة التحذيرات الأردنية ولا يبذلون حسب مصدر غربي مطّلع دورا معاكسا في تخفيف حدّة الموقف الأردني أو في العمل على تخفيف اللهجة الأردنية والحرص على دوام الاتّصالات بين عمان، وتل أبيب.
والسبب المرجح لذلك هو قناعة الدول الصديقة للجانبين بأن التصعيد أصله وجذره في الجانب الإسرائيلي هذه الأيام فيما الأردن يتعامل بجديّة وحرص وعمق مع ملف القدس باعتباره من الخطوط الحمراء والثوابت الأساسية كما أعلن عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني في حديث شهير مع محطّة “سي إن إن”.
وتتواصل عملية التعبئة السياسية والاجتماعية الأردنية في الاتجاه المضاد لحكومة اليمين الإسرائيلي.
وبدا واضحا أن البيان الذي أصدره مؤخرا مجلس النواب الأردني وتضمّن عبارات غير مسبوقة أثار لغطا حتى داخل إسرائيل بالإضافة إلى مُداخلات تحت قبّة البرلمان الأردن وجّهت انتقادات حادّة جدًّا للجانب الإسرائيلي وبصيغة غير مسبوقة.
وهو أمر تابعته الصحافة الإسرائيلية على أكثر من نحو وبأكثر من طريقة طِوال الأسبوع الماضي واعتبرته مؤشرا حيويا جدًّا على عُمُق الأزمة وتصدّع الجدار الذي كان مُنذ عام 1994 حامياً باتّجاهٍ مُعاكس لانهيار وتراجع العلاقات بين الأردن وإسرائيل.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية