تحليلات سياسيةسلايد

نار الحرب لم تطفأ بعد.. مناورات “يوم القيامة” تكشف وجه إسرائيل الخفي…

رغم حديث إسرائيل المتكرر عن “ارتياحها ورضاها” من توقيع اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان برعاية أمريكية، وانه جنب المنطقة حربًا قد تكون طاحنة وخطيرة مع حزب الله، إلا أن الواقع يعكس ذلك تمامًا فأصابع جنودها لا تزال على الزناد تنتظر نقطة الصفر.

إسرائيل والتي ستُمر بمرحلة حساسة وحرجة بعد وصول بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة بعد فوزه بانتخابات “الكنيست” بعدد أصوات مريح جدًا لتشكيل حكومة متطرفة على مقاسه، أشعل هذه المرحلة التي سيكون عنوانها التصعيد وفق رؤية الكثير من المحللين والسياسيين الإسرائيليين، حين صرح علانية بأنه سيتعامل مع اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان مثل اتفاق اوسلو مع السلطة الفلسطينية وانه سيسعى جاهدًا لإلغائه أو تعطيله.

هذه التصريحات فتحت باب التكهنات والتأويلات حول طبيعة المرحلة المقبلة في ظل وجود نتنياهو على كرسي الحكم في إسرائيل، فالكثير توقع أن الحرب مع حزب الله وغزة وحتى إيران والتصعيد مع سوريا، ستكون العنوان الأبرز والأقوى.

وأولى دلالات هذه المرحلة، حين بدأ الجيش الإسرائيلي بمناورات عسكرية مفاجئة على الحدود مع لبنان، وأطلق عليها تدريبات “يوم القيامة”، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: بدأت صباح اليوم مناورة عسكرية في منطقة الحدود الشمالية، ومن المتوقع أن تنتهي الاثنين.

وأشار إلى أن المناورة العسكرية سيتخللها حركة نشطة لقوات الجيش، وهي تأتي بهدف تعزيز استعداد القوات البرية والجوية في الساحة الشمالية، استعدادًا لأي طارئ.

هذا الأمر يدلل على جبهة لبنان لم تشهد أي تغييرات رغم توقيع “الاتفاق الحدود البحري” وعودة الهدوء الميداني بعد توتر خطير، فتدريبات الجيش الإسرائيلي المكثفة والانتشار الواسع والتجهيزات التي تصل للحدود الشمالية تؤكد أن “شيئًا ما سيحدث قريبًا”.

رياح الحرب

وبينما تتزايد التقارير الدولية حول استعدادات لمهاجمة المنشآت النووية في إيران، فإن الجبهة اللبنانية ما زالت مدرجة على أجندة الجنرال تامير يديعي قائد سلاح المشاة الإسرائيلي الذي يراقب كيفية اندلاع الحرب القادمة في بلاد الأرز، لأن سلاحه يجد نفسه على أعتاب تحدٍ تاريخي، بتحوله تدريجيا من سلاح محلي يحمي الحدود البرية، إلى قوة إقليمية تكبح جماح جملة قوى معادية، لا سيما إيران التي تضغط بكل قوتها وتصميمها لإنشاء قواعد عسكرية في لبنان وسوريا واليمن والعراق وغزة، ووجهات أخرى.

أمير بوخبوط الخبير العسكري في موقع “ويللا”، أشار إلى أنه “بينما يذهب سلاح الجو لمهاجمة أهداف في عمق إيران وسوريا ولبنان والعراق ومناطق أخرى، فإن سلاح البر يقع عليه اعتماد ليس أقل من نظيره الجوي من خلال قدراته المدفعية والبرية، ناقلا عن الجنرال يديعي استعداداته لما يسمى معركة “يوم القيامة”، حين توجه القيادة السياسية الجيش لإلزام فرقه الأمامية بالمناورة في عمق أراضي العدو، من أجل حرمان قدراته، وشلّ آلاف الصواريخ والقذائف من إطلاقها من لبنان”.

وأضاف أن “الجيش الإسرائيلي يقوم ببناء قوته البرية ليس فقط لمواجهة التهديد من لبنان، ولكن من سوريا أيضا، وإمكانية نشوء نموذج مشابه لحزب الله هناك، وهذا هو السبب في أننا نستعد دائما لمناورة برية لمواجهة نيران الحزب المضادة للدبابات، وحين يأتي القرار لإرسال الجنود للمعركة، فإن الحديث يدور بعد كل فصول الصيف، عن أن يكونوا مصحوبين بـ”ساق دفاعية” تمر عبر الأرض داخل الحدود، مع دفاع جوي”.

وأوضح أن “المشكلة التي تواجهنا أن الثمن الذي يتعين علينا دفعه في كل مرة يزداد، كما حصل في حرب غزة 2014 ذات الخمسين يوما، لكن التهديد من الشمال مفاده إطلاق 1500 صاروخ يوميًا، مما يستدعي الحاجة للوصول لوضع يمكن فيه المناورة في عمق لبنان، بحيث نكون قريبين منه برياً، مما سيجبر مقاتليه على الخروج والقتال، من خلال تكثيف الضربات الجوية تارة، ونيران المدفعية تارة أخرى، بجانب الأنظمة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الميدان”.

لا يخفي ضباط جيش الاحتلال أن الأحداث الميدانية الأخيرة في الضفة الغربية، وتصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية، وتكثيف انتشار الجيش فيها، ألحقت أضرارا بجدول التدريب لقوات المشاة، مما يتطلب طرح القضية لمناقشة معمقة في هيئة الأركان العامة خشية فقدان جنود الاحتلال لمعيار الكفاءة، ولذلك فإنهم يخشون من استنزاف القوى البشرية في المواجهة مع الفلسطينيين، مع أن الاحتلال في العموم لا يستطيع تحمل استنزاف الحروب، ولذلك فهو يسعى لخوض حروب قصيرة وحاسمة.

حزب الله يهدد

وفي ذات السياق لا تعتقد الباحثة الإسرائيلية، أورنا مزراحي أن “إيران تقف وراء الاتفاق بين إسرائيل ولبنان. فـ”حزب الله” وافق على الاتفاق نتيجة الضغوطات اللبنانية الداخلية عليه بسبب الأزمة الاقتصادية”.

وتضيف الكاتبة الإسرائيلية أن الاتفاق “لن ييُنهي النزاع بين إسرائيل و”حزب الله”،  ولن يُغيّر طبيعة العلاقات بين إسرائيل وإيران. ليس لإسرائيل مشاكل مع الدولة اللبنانية رغم استمرار حالة العداء مع “حزب الله” الذي يدّعي أن الاتفاق تم بسبب ما يسميه مقاومة”.

وبوساطة أمريكية دامت عامين، نجح لبنان وإسرائيل بالتوصل إلى اتفاق لترسيم حدودهما البحرية، حددت بموجبه المناطق الاقتصادية الخاصة بالجانبين في البحر الأبيض المتوسط.

وجاء الاتفاق وسط أجواء إيجابية انعكست في التعليقات المعلنة في كلٍّ من بيروت وتل أبيب، حيث وصفه البلدان بـ “التاريخي”، لأنه سيسمح للجانبين بالتنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة المتنازع عليها التابعة لمياههما الإقليمية.

وبحسب بنود الاتفاق “سيدخل الاتفاق حيز التنفيذ عندما ترسل الولايات المتحدة إشعارًا يتضمن تأكيدًا على موافقة كل من الطرفين على الأحكام المنصوص عليها في الاتفاق”.

وستشكل الرقعة رقم 9 حيث يقع حقل قانا منطقة رئيسية للتنقيب من قبل شركتي توتال الفرنسية وإيني الإيطالية، اللتين حصلتا في العام 2018 مع شركة روسية على عقود للتنقيب عن النفط والغاز، قبل أن تنسحب الأخيرة.

أما إسرائيل فستحصل على “تعويض من مشغل البلوك 9″، بما أن جزءًا من حقل قانا يقع خارج المياه الإقليمية اللبنانية، في إشارة إلى شركتي توتال وإيني، “لقاء الحقوق العائدة لها من أي مخزونات محتملة في المكمن المحتمل”.

وقبل أيام أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، أن بلاده لم تقدم أي ضمانات أمنية لإسرائيل في اتفاق ترسيم الحدود البحرية، مشيرا إلى وجود مساحة 2.5 كيلومتر مربع لم يحسمها الاتفاق وعلى لبنان تحريرها، مشيرًا إلى أن “لبنان لم يقدم أي ضمانات أمنية، والعدو الإسرائيلي اعترف بتوازن الردع مع المقاومة” (حزب الله)، لافتا إلى أن “المفاوضات كادت تفشل وتتجه الأمور نحو الحرب قبل أن يتراجع العدو”.

وأضاف نصر الله أن “هناك مساحة 2.5 كيلومتر مربع (من أصل 860 كيلومتر مربع) لم يحسمها اتفاق ترسيم الحدود البحرية وهذه مساحة من مياهنا الإقليمية اللبنانية وهي محتلة من قبل العدو، وعلى لبنان العمل على تحريرها”.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى