نتنياهو تراجع عن تعيين سموتريتش وزيرًا للأمن خضوعًا لإملاءات واشنطن …
كُشِف النقاب في تل أبيب عن أنّ تراجع بنيامين نتنياهو عن إسناد حقيبة الأمن في حكومته السادسة للعنصريّ-المتطرّف والمُستوطن بتسليئيل سموتسريتش، من حزب (الصهيونيّة الدّينيّة) مرّده الضغط الأمريكيّ الذي يُمارس عليه من قبل إدارة الرئيس الأمريكيّ جو بايدن، حيثُ كشفت المصادر السياسيّة الرفيعة في دولة الاحتلال عن أنّ واشنطن استخدمت ما أسمته “حقّ النقض” وأبلغت نتنياهو بأنّها ترفض التعامل مع هذا الوزير لمواقفه المتطرّفة.
وفي هذا السياق رأى المُحلل للشؤون الأمنيّة أمير أورن في صحيفة (هآرتس) العبريّة، أنّه بما أنّ إسرائيل غيرُ مؤهلةٍ لإدارة شؤونها بنفسها، فإنّها بحاجةٍ ماسّةٍ لتدّخلٍ خارجيٍّ لإنقاذها من نفسها، مُضيفًا أنّ الدعم الأمريكيّ السنوي للكيان يصِل إلى أربعة مليارات دولار، بالإضافة إلى تشكيلةٍ من الدعم السياسيّ والأمنيّ، التي دونها لا حقّ لإسرائيل بالوجود، وعن طريق هذا الدعم، أوضح، تقوم واشنطن بـ”شراء” حقّ النقض ومنع سموتريتش ومؤيّديه الذين يُخيفونها من تسلّم حقيبة الأمن في الكيان، كما قال.
ونبّه المُحلِّل إلى أنّ “حقّ النقض” الأمريكيّ في قضية تعيين وزير الأمن الإسرائيليّ ليس نابعًا بسبب خشية واشنطن من استخدام الكيان السلاح النوويّ، ولا لأنّ إسرائيل تتدّخل في تعيينات شخصياتٍ في العالم بمناصب سياسيّةٍ كما فعلت في الماضي مع النمساوي يورغ هايدر، أوْ لأنّ هناك سوابق كثيرة استخدمت فيها الإدارة الأمريكيّة حقّها في منع تعيينات بالمؤسستيْن الأمنيّة والسياسيّة بتل أبيب، بل أنّ الدافع يعود إلى أنّه بسبب فقدان إسرائيل التوازن الداخليّ، فإنّ الولايات المُتحدّة تبقى الكابِح الأخير لإيجاد التوازنات في حكومة الكيان، كما أكّد.
وخلُص المحلل إلى القول: “لا حاجة لإجراء عمليات تجميلٍ وتطوير أوهامٍ حول التركيبة المُفزعة لحكومة نتنياهو المتهم بتلقي الرشاوى وخيانة الأمانة والاحتيال، لذا عندما يكون نتنياهو أسيرًا لدى زوجته ونجله يائير وسموتشريتش وبن غفير، فإنّه من الجيّد جدًا أنْ يكون قائدًا عامًا للأركان يتمتّع بالقوّة، مثل الجنرال هرتسي هليفي، لمنع الحكومة الجديدة من ارتكاب أعمالٍ جنونيّةٍ”، على حدّ تعبيره.
ويأتي هذا التحذير من الأعمال الجنونيّة التي قد تقوم بها الحكومة الإسرائيليّة الـ”مُخيفة”، في ظلّ إعادة نتنياهو إلى الأجندة قضية توجيه الضربة العسكريّة لإيران لتدمير برنامجها النوويّ.
ولكن مهما يكُن من أمرٍ فإنّ الرأي العّام في إسرائيل بعد النصر الـ”مؤزّر” الذي حققه نتنياهو بات حاضرًا وجاهزًا للعيش في ظلّ التكهنات حول شنّ الهجوم العسكريّ ضدّ إيران من عدمه، علمًا بأنّ الحكومة القادمة تفتقر للخبرات العسكريّة، ولكنْ الوزراء هم من أشّد المؤيّدين لتوجيه الضربة القاصمة لإيران.
علاوة على ذلك، يجِب الأخذ بعين الاعتبار أنّ ما تُسّمى بالدولة العميقة الإسرائيليّة، وفي مقدّمتها الأجهزة الأمنيّة، ستُواصِل معارضتها للمقامرة المحسوبة والمتمثلة بتوجيه الضربة العسكريّة دون الحصول على إذنٍ من الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، والتي بحسب المصادر الأمنيّة الوازنة في تل أبيب، فإنّها الدولة الوحيدة في العالم القادرة على توجيه الضربة للجمهوريّة الإسلاميّة.
وفي هذا السياق، شدّدّ مُحلِّل الشؤون الأمنيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، يوسي ميلمان، على أنّه خلافًا للماضي، فإنّ الإمكانية لإحداث عمليةٍ تُلزِم واشنطن بمهاجمة البرنامج النوويّ الإيرانيّ ليست قائمةً، لذا، أضاف، فإنّ السؤال هو هل نتنياهو يشعر إلى حدٍّ كبيرٍ من الأمن والأمان والثقة للإقدام على هذا العمل، أمْ أنّ هناك قضايا سياسيّة داخليّة ستلعب دورًا في كيفية وآلية اتخاذ القرار بشأن إيران؟
صحيفة رأي اليوم الألكترونية