نتنياهو على حافة الهاوية.. وسياسته القاتلة قد تنفجر في وجهه ووجه “إسرائيل”
سيمون تيسدال
نتنياهو، المغامر الوحشي، سيواصل القصف، لكن سياسة الوقوف على حافة الهاوية التي يتبعها قد تذهب إلى أبعد مما ينبغي، وهو سيواصل الضغط حتى تتوفر الإرادة السياسية في الولايات المتحدة لوقفه.
صحيفة “ذي غارديان” البريطانية تنشر مقالاً للكاتب سيمون تيسدال، يتحدث فيه عن سياسة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو القاتلة والوحشية، ويرى أنّه لن يتوقف عن قصف لبنان وغزّة إلا إذا وُجدت الإرادة الأميركية الجدية في كبحه، ويؤكد أنّ سياسته ستنفجر في وجهه ووجه “إسرائيل”.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
من الواضح تماماً أنّ بنيامين نتنياهو لا يريد وقف إطلاق النار في غزة أو لبنان أو أي مكان آخر، ليس بعدُ على الأقل. يمكن لإدارة بايدن وحكومة كير ستارمر أن تستمرا في تخيل أنّ مقتل زعيم حماس يحيى السنوار، الأسبوع الماضي، فتح نافذة للسلام. لكن هذا هراء.
إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي يتجول بعنف مثل بلطجي مخمور، مسلّح من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. إنه يحب صوت التدمير والدمار.
الحقيقة غير المستساغة هي أنّ نتنياهو وحلفاءه من أقصى اليمين، وأعداداً كبيرة بصورة مروّعة من الإسرائيليين، يعتقدون، بغباء، أنهم يفوزون بالحرب التي بدأتها حماس في 7 أكتوبر من العام الماضي، وأنّ “إسرائيل” توسّعت منذ ذلك الحين بلا هوادة، وبصورة إجرامية. إنهم ينظرون إلى مقتل السنوار، بعد سلسلة من الاغتيالات البارزة مؤخراً، على أنه أحدث تبرير لسياسة نتنياهو في الإحراق والتدمير، على الرغم من أنّها سترتد عليه في النهاية حتماً. والآن، هدف نتنياهو التالي هو إيران!
لكن، فيمَ يفكر نتنياهو؟ إنّه يهدف إلى تحقيق أقصى قدر من القوة والنفوذ، من أجل حماية نفسه سياسياً في المستقبل. وكثّفت “إسرائيل” العمليات العسكرية في شماليّ غزة، ويسعد نتنياهو أن يتلقّى الانتقادات الدولية الناتجة من الخسائر المدنية الكبيرة في الأماكن المدمّرة مثل جباليا. وفي حين أنّ ليس لدى نتنياهو خطة متماسكة لـ “اليوم التالي” في غزة، فإنّه عازم على تعظيم السيطرة الإسرائيلية.
رفض نتنياهو نصيحة القادة العسكريين الإسرائيليين، وكذلك من الأميركيين، بأن يتم استغلال مقتل السنوار للحصول على صفقة لتحرير الأسرى، بحسب ما ذكرت صحيفة “هآرتس”. وقال مفاوض إسرائيلي كبير للصحيفة إنّ “مقتل السنوار لم يخلق مرونة، ولم تتغير أهداف الحرب الإسرائيلية، ولا حماس”.
إنّ التعنّت الإسرائيلي المماثل واضح في لبنان، بحيث تكثفت الغارات الجوية على بيروت وغيرها من المدن، ووسّعت القوات الإسرائيلية ضرباتها وبلغت أهدافاً غير عسكرية، وتستمر في محاولة التقدم البرّي.
وفي إشارة إلى احتقاره صنّاع السلام، لم يُبدِ نتنياهو أي تحفظ بشأن نقل حربه إلى الأمم المتحدة على المستوى السياسي، ففي الشهر الماضي ألقى خطاباً عدوانياً مخزياً أمام الجمعية العامة، وصعّد على المستوى العسكري، من خلال الهجمات على قوات اليونيفيل، قوة الأمم المتحدة في لبنان. وأُصيب عدد من قوات حفظ السلام. كما تعرض جيش لبنان للاستهداف أيضاً.
ويسعى عاموس هوكستين، مبعوث “السلام” الأميركي، والذي وصل إلى بيروت يوم الإثنين، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار على أساس قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، والذي أنشأ الخط الفاصل بين الجانبين في حرب لبنان عام 2006. وهناك حديث عن إنشاء قوة دولية جديدة لتأمين الحدود بين “إسرائيل” ولبنان. في هذه الأثناء، يقال إن “إسرائيل” تطالب بحق مستقبلي في إعادة التدخل في البلاد، على الأرض وفي الجو، عندما تشعر بالتهديد.
إنّ هذه المطالب الأخيرة غير مقبولة لأي دولة ذات سيادة، مهما كانت ضعيفة. لكنها تعكس النهج العام لرئيس الحكومة الإسرائيلي. وكما هي الحال في غزة، كذلك هي الحال في لبنان. ويبدو أنّ نتنياهو، الذي يدرك أنّه لا يستطيع مقاومة الضغوط الدولية إلى أجَل غير مسمّى، عازم على إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بحزب الله، عسكرياً وتنظيمياً.
من المستحيل ألا نشعر بالأسف على أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، الذي أُمر بالقيام بجولة دبلوماسية أخرى لملاحقة اعتقاد بايدن الوهمي بأنّ مقتل السنوار يشكّل فرصة لوقف إطلاق النار. ووصل إلى “تل أبيب” بينما كانت صفارات الإنذار تدوي، بحيث زعم حزب الله أنّه قصف المدينة.
لكن بلينكن لا يحمل أي عصاً، بل جزرة فقط، ونتنياهو آكل للحوم. بالنسبة إلى نتنياهو، فإنّ المحادثات مع بلينكن تعني الاستماع إلى ما يريد قوله، والموافقة على أنّها فكرة جيدة، ثم الاستمرار في الأمر بغض النظر عن ذلك بمجرد أن يدير له زائره ظهره.
الواقع أنّ التركيز الرئيس لرحلة بلينكن ليس على غزة أو حتى لبنان، بل يتعلق الأمر بالحد من الأهداف والقوة التدميرية والجنون التصعيدي، وربما المرتبط بالسلاح النووي، للضربة الانتقامية الوشيكة التي ستوجهها “إسرائيل” ضد إيران، في أعقاب رد طهران بالصواريخ الباليستية، البالغ عددها 181 صاروخاً، في وقت سابق من هذا الشهر. والواقع أنّ بلينكن ونتنياهو يدركان أنّ بايدن لن يحاول بجدية كبح جماح “إسرائيل” قبل الانتخابات الأميركية في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، إذ لن يقوم بقطع إمدادات الأسلحة، ولا فرض عقوبات، لأنّ ذلك قد يؤدي إلى خسارة الديمقراطيين لأصواتهم.
إنّ أكبر مخاوف بايدن الآن هو المواجهة المتفجرة الخارجة عن السيطرة بين إيران و”إسرائيل”، هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل، والتي قد تجر القوات الأميركية إلى مستنقع آخر في الشرق الأوسط قبل أن يختار الناخبون بين كامالا هاريس ودونالد ترامب. والانتخابات الأميركية هي الأفق الحقيقي لنتنياهو. وهذا ما يتطلع إليه. ولهذا السبب، سيستمر بلا رادع في فعل ما يحلو له، وخصوصاً في غزة ولبنان خلال الأسبوعين المقبلين على الأقل.
إذا فازت هاريس، فقد تكون الولايات المتحدة في وضع أفضل لفرض الشروط، نظراً إلى أنّ هاريس تشعر بقوة بالتكلفة الإنسانية للحرب، على الرغم من أنّ القيام بذلك سيتطلب الإرادة السياسية التي تفتقر إليها حالياً. وإذا ذهب النصر إلى ترامب، الذي ينتمي إلى الصقور اليمينيين المتطرفين المناهضين للفلسطينيين، فسوف يكون نتنياهو حراً في تصرفاته، ويقرر هو التوقيت والشروط والشكل لأي هدنة وتسوية لاحقة طويلة الأجل.
هذا ما يفكر فيه نتنياهو، ولهذا السبب لن يفكر في وقف إطلاق النار الآن، إلا أنّه لا هو ولا أي شخص آخر يعرف ماذا ستفعل إيران إذا تعرضت لهجوم مزعج، كما توحي الأوراق الأميركية المسرّبة. إنّ نتنياهو المتهور يذهب إلى أبعد من ذلك في سياسته الجريئة والتي لا نهاية لها. وفي الأيام المقبلة، قد تنفجر لعبته القاتلة في وجهه ووجه “إسرائيل”.
ذي غارديان The Guardian /نقلته إلى العربية: بتول دياب
الميادين نت