لم يكن ظهور السيدة نجاة الصغيرة في حفل صناع الترفيه Joy Awards 2024، مجرد تكريم لـ “كبيرة الموسيقى العربية” والرمز الباقي من العصر الذهبي للغناء المصري فحسب، وإنما خطوة كبيرة لوصل ما انقطع بين الأجيال الجديدة في عالمنا العربي التي لم تسمع “صاحبة السكون الصاخب” من قبل
فبعد الحفل تصدر اسم نجاة ترند مواقع التواصل الاجتماعي وزادت معدلات الاستماع لأغانيها، كما بحث العديد من الشباب عن تفاصيل مسيرتها الفنية.. سيدتي تحتفى معكم بعودة “القيثارة” وتقف أمام أهم محطات حياتها الفنية والعائلية.
بمنديل في اليد وأعلى منضدة ظهرت الطفلة نجاة محمد كمال حسني البابا وسط معهد الموسيقى العربية لتقدم موهبتها الفريدة كطفلة لم تتجاوز العام الخامس من عمرها ولكنها قادرة على تقليد صوت سيدة الغناء العربي أم كلثوم ونفس حركاتها على المسرح بإتقان دفع العديد من صناع الموسيقى مناشدة الحكومة برعاية الموهبة “الصغيرة”.
نجاة حسني ابنة الخطاط الشهير كمال حسني البابا من زوجته الأولى، من مواليد 11 أغسطس 1938، تعود أصول العائلة إلى دمشق، ولكن هاجر والدها إلى القاهرة مطلع القرن الماضي، واكتشف موهبتها شقيقها الأكبر الملحن عز الدين، وكون مع أشقائها (8 أشقاء) فرقة موسيقية عائلية اعتمدت بالكامل على قدرة نجاة على تقليد أم كلثوم بإتقان.
مطربة يجب أن تستولي عليها الحكومة
تلقت نجاة تعليماً منزلياً على يد شقيقها عز الدين درست فيه أصول الغناء والموسيقى، وقبل أن تكمل عامها الثامن ظهرت في فيلم بعنوان “هدية” عرض عام 1947، ما دفع الشاعر فكرى أباظة لتجديد الدعوة بضرورة الحفاظ على موهبتها ورعايتها وعدم استهلاك صوتها في هذه المرحلة من عمرها في مقال شهير بعنوان مطربة يجب أن تستولي عليها الحكومة.
منع نجاة من الغناء ببلاغ من محمد عبد الوهاب
اللحظة الحاسمة في حياة نجاة كانت عندما استمع إليها الموسيقار محمد عبد الوهاب ولمس فيها معاناته هو شخصياً عندما دفع للعمل في مجال الغناء منذ طفولته، فتقدم ببلاغ رسمي إلى الشرطة المصرية طالب فيها بمنع الطفلة نجاة حسني من العمل والغناء، وبالفعل توارت عن الأضواء حتى بلغت عامها التاسع عشر، لتعود بصورة جديدة عبر أغنية «أوصفولي الحب» من تلحين محمود الشريف وكلمات مأمون الشناوي.
المثقفون الذين طالبوا بمنع نجاة من الغناء وهي طفلة، كونوا “هيئة مستشارين” لتوجيه موهبتها في المرحلة الجديدة وضمت محمد التابعي، مأمون الشناوي، كامل الشناوي، فكري أباظة، محمود الشريف، وأخاها عز الدين حسني إضافة إلى رؤوف ذهني، وهم الذين أسسوا لمرحلة جديدة تتخلى فيها نجاة عن تقليد أم كلثوم، كما أطلقوا عليها لقب الصغيرة للتفرقة بينها وبين المطربة الشهيرة “نجاة علي”.
نجاة الصغيرة: صاحبة السكون الصاخب
انضمت نجاة إلى مدرسة الموسيقار محمد عبد الوهاب سريعاً وصارت نجمته المفضلة، والأقرب إلى قلبه، بعد نجاح تسجيلها لأغنيته الشهيرة “كل ده كان ليه”، وأطلق عليها لقبها الأشهر “صاحبة السكون الصاخب”، واستمرت مسيرتها في الغناء لتقدم أكثر من 275 أغنية تعاونت فيها مع أساطير التلحين والتأليف في مرحلة الستينيات والسبعينيات، من بينهم الموجي ورياض السنباطي وبليغ حمدي وكمال الطويل، كما أنها أشهر مطربات الشاعر نزار قباني وتعد نجاة المطربة الوحيدة الباقية على قيد الحياة التي قدمت ألحان الشيخ زكريا أحمد.
أفلام نجاة الصغيرة
مسيرتها مع السينما بدأت مبكراً عام 1947 حيث قدمت عملين الأول “هدية” والثاني” الكل يغني، وعادت للشاشة الكبيرة عام 1950 لتقدم فيلم “محسوب العائلة” مع إسماعيل ياسين، ثم “بنت البلد” عام 1954، ولكن أول فيلم من بطولتها كان “غريبة” عام 1958، ونجحت نجاة بقوة في “الشموع السوداء” عام 1962، ثم شاطيء المرح عام 1967، و7 أيام في الجنة عام 1969، وشاركت النجم رشدي اباظة بطولة فيلم ابنتي العزيزة عام 1971، واعتزلت السينما نهائياً بعد تقديم فيلم “وجفت الدموع” أمام النجم محمود ياسين عام 1975.
تزوجت الفنانة مرتين. كان زواجها الأول من صديق شقيقها كمال منسي في عام 1955، ثم انفصلت عنه حوالي عام 1960 ورزقت منه بابنها الوحيد وليد، ثم تزوجت مرة أخرى في عام 1967 من زوجها الثاني، المخرج حسام الدين مصطفى إلا أنّها انفصلت عنه بعد مدة قصيرة، ولم تتزوّج بعدها وقررت التفرغ لرعاية ابنها.
جوائز وتكريمات
تم تكريم نجاة الصغيرة رسمياً بأكثر من مناسبة أولها وسام الجمهورية من الرئيس المصري جمال عبدالناصر، كما حصلت على وسامين من الرئيسين التونسيين الحبيب بورقيبة ثم زين العابدين بن علي، وفي عام 1985، قدم لها الملك حسين ملك الأردن وسام الاستقلال من الدرجة الأولى، وفي عام 2006، حصلت نجاة على جائزة الشاعر الإماراتي سلطان بن علي العويس. وكان عنوان الجائزة «هؤلاء أسعدوا الناس» وقدمت في دبي. وحصلت نجاة على الميدالية الذهبية ومبلغ 100.000 دولار.
مجلة سيدتي