نجل النَّقراشي: الإنجليز قرروا والإخوان نفذوا
القاهرة- أعاد حل الإخوان للمرة الثالثة، بعد حلهم مِن قِبل رئيس وزراء مصر محمود فهمي النَّقراش، ثم حلهم مِن قِبل جمال عبد النَّاصر، إلى الأضواء تاريخهم مع السلطة المصرية، ففي حديث لصحيفة الأهرام، أجراه معه ماهر مقلد، كشف الدكتور هاني النقراشي نجل النقراشي باشا رئيس وزراء مصر لمرتين، والذي تم اغتياله في 28 ديسمبر1948 أن والده كان يعارض الاحتلال الإنجليزي لمصر وأن الإنجليز هم الذين استخدموا الإخوان في عملية اغتياله في مبني وزارة الداخلية وهي الجريمة التي نفذها عبد المجيد أحمد حسن الطالب في كلية الطب البيطري وهو من تنظيم الإخوان.
وقال هاني النقراشي لـ"الأهرام" كان عمري 13 عاما عندما تم اغتيال والدي وأتذكر قبل اغتياله بشهور كان عائداً من الأمم المتحدة، وكنت أقضي إجازة الصيف في الإسكندرية في هذا التوقيت، وطلبت أن أعود إلي القاهرة حتى أكون في استقباله في المطار، ولكن والدتي رفضت بعد أن عرفت أن الآلاف من المصريين سيزحفون إلى المطار لاستقباله بعد خطابه القوي في الأمم المتحدة، ومطالبته للإنجليز بالخروج من مصر وقال نصا للإنجليز أخرجوا من بلادنا أيها القراصنة وخرجت الجماهير إلي المطار لاستقباله.
شاهدت الاستقبال في دور السينما حيث لم تكن الفضائيات أو التلفزيون وتابعت الأعداد الغفيرة، مشيراً إلى أن والده بدأ حياته عصامياً، وكان مدرسا لمادة الرياضيات وتعرف على الزعيم الوطني سعد زغلول وتدرج في العمل العام حتى أصبح رئيسا لوزراء مصر مرتين، وكان يعتز بنفسه كثيراً، ويرد الهدايا التي يتلقاها إلى أصحابها معتذراً عن عدم قبولها، ويقول من يعطي هدية ينتظر خدمة في مقابلها، لكن في محيط الأسرة والعائلة كانت الهدايا عادية.
وقال حتى الآن لم أنس الحادث الارهابي الذي أودي بحياة والدي، والقصة شبه معروفة ،وهي أن والدي كان رئيسا للوزراء وفي الوقت نفسه يشغل منصب وزير الداخلية، وفي مبني الوزارة في العاشرة إلا الثلث من صباح هذا اليوم دخل ضابط بوليس برتبة ملازم أول صالة وزارة الداخلية في الطابق الأول فأدي له حراس الوزارة التحية العسكرية، وأخذ يقطع الوقت بالسير البطيء في صالة الوزارة كأنه ينتظر شيئاً، وعندما أحس بقرب وصول دولة النقراشي باشا.
أتجه نحو المصعد ووقف بجانبه الأيمن، وفي تمام العاشرة وخمس دقائق حضر النقراشي باشا ونزل من سيارته محاطاً بحرسه الخاص وأتجه إلى المصعد، فأدي له هذا الضابط التحية العسكرية فرد عليه مبتسماً، وعندما أوشك والدي على دخول المصعد أطلق عليه هذا الضابط ثلاث رصاصات في ظهره فسقط على الأرض، ونقل جثمانه إلي منزلنا في مصر الجديدة.
وأكد من اغتال والدي هم جماعة الإخوان المسلمين، لكن الذي طلب منهم تنفيذ ذلك هم الإنجليز نظرا لمعارضة والدي الشديدة للاحتلال البريطاني؛ وتم تجنيد الإخوان ونفذوا الجريمة، وهذا الاتهام ثابت باعترافات القاتل نفسه، ومنذ سنوات مضت قابلت باحثاً سودانياً في ألمانيا، حيث أعيش، يدعي كرم حلا، وهو باحث في التاريخ ونشر كتاباً مهما ذكر فيه أن الإنجليز حرضوا الإخوان على ضرورة التخلص من والدي بذريعة حله لجمعية الإخوان المسلمين. وقصة اغتياله تفاصيلها معروفة فقد أتضح انه ضابط مزيف كان يتردد علي قهوة بالقرب من وزارة الداخلية.
والخلاف بين والدي والإنجليز طويل حيث قدم قبل منصب الوزارة للمحاكمة وتم تلفيق تهمة له عقوبتها الإعدام وكانت هيئة المحكمة تضم قاضيا إنجليزيا رئيسا لها ومعه قاضيان مصريان ولكن نجح المحامي الشهير مكرم عبيد في الدفاع عنه وتفنيد الاتهامات وحكم علي والدي بالسجن ولهذا تأخر سن زواجه ولم يتزوج إلا بعد عمر48 عاما.
ميدل ايست أونلاين